أيهما أعظم حق الزوج أم حق الزوجة

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله هل حقا حق الزوج أعظم من حق الزوجة، هل يعني ذلك أن حقها أقل قيمة وأهمية من حقه، و ما هو سبب ذلك، هل لأن الله خلقه ذكر وهي أنثى؟ فعلاقة الزواج تبادلية كل حق يقابله واجب، ما الشيء الزائد الذي يقدمه الزوج للزوجة ليكون حقه أعظم من حقها، فكما هو ينفق وهي لا تنفق، هي مأمورة بطاعته أما هو فليس مأمور بذلك وله حريته، قال ينفق عليها. تفضلا منه بلا مقابل، أرجو التفصيل في الإجابة.

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

هذه المقارنات قائمة على أساس عدم فهم وظيفة الرجل في الأسرة، وكذلك خلل في فهم مكانة المرأة في أسرتها كزوجة والإسلام هو الذي بوَّأها هذه المنزلة وأعطاها هذا التكريم من خلال نصوص مستفيضة. فالمقارنات لا تصح دائما. فهل يعقل أن نسألك ونقول: أيهما أكثر فائدة رجلك أم يدك؟ أم أيهما أهم قلبك أم عقلك؟ وهكذا من نوعية هذه الأسئلة والمقارنات. والحياة بين الرجل والمرأة قائمة على التكامل والتعاون كل بحسب طبيعته، لا على التنافر والتضاد كما قد يخيل للبعض.

والله تعالى يقرِّر الحقوق والواجبات بين الزوجين، ويثبت أن للمرأة حقاً مقابل الواجبات التي عليها، بقوله: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيم}[البقرة:228]. قال الضحاك في تفسير هذه الآية: إذا أطعن الله وأطعن أزواجهن فعليه أن يحسن صحبتها، ويكف عنها أذاه، وينفق عليها من سعته.

قال الإمام الجصاص: ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر والنفقة والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب.

وقال ابن قدامة في المغني: قال بعض أهل العلم في تفسير قوله تعالى {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} : التماثل هاهنا في تأدية كل واحد منهما ما عليه من الحق لصاحبه، ولا يمطله به، ولا يظهر الكراهة، بل ببشر وطلاقة، ولا يتبعه أذى ولا منة، لقول الله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف} وهذا من المعروف، ويجب على كلّ واحد منهما إحسان الخلق مع صاحبه والرفق به واحتمال أذاه.

أما الرجال الذين يطالبون نساءهم بحقوقهم ولا يؤدون ما عليهم من واجبات فهم يخالفون المعاشرة بالمعروف التي أمروا بها في نص القرآن الكريم، قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء:19] فالذي يطالب بحقه لا بد أن يكون قد أدى واجبه الذي عليه، والحياة قائمة على هذا التشارك.

وكذلك النساء اللاتي يطالبن بحقوقهن وهن بعيدات عن القيام بواجباتهنّ الزوجية من صيانة بيتها، ورعاية أسرتها، والطاعة لزوجها، وحسن التبعل له هنَّ بعيدات عن الهدي النبوي.

والسؤال المخصوص هو هل حقّ الزوج أعظم وآكد؟

الجواب: نعم، فله زيادة حق ومزية في ذلك، لكن لا يعني ذلك التعالي على المرأة أو ظلمها أو هضمها شيء من حقوقها. بل يعني بالتلازم أن على الرجل مسؤولية أعظم فمسؤوليته في استقرار الحياة الزوجية واستقامة الأسرة وتماسكها بشكل عام أعظم من مسؤولية المرأة. لأن موقع الرجل بطبيعته وفطرته أن يكون قائدا للحياة الزوجية والأسرية، والقائد هو من يتحمل النتائج السلبية، كما أنه يشكر على نجاحه وتفوقه. ولا تستقيم مركبة لها أكثر من قائد.

قال الله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيم}[البقرة:228].

قال الإمام الجصاص في (أحكام القرآن) في شرح هذه الآية: أخبر الله تعالى في هذه الآية أن لكل واحد من الزوجين على صاحبه حقا، وأن الزوج مختص بحق له عليها ليس لها عليه.

وقال ابن العربي في (أحكام القرآن): هذا نص في أنه مفضل عليها مقدم في حقوق النكاح فوقها.

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) [أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن غريب].

والخلاصة أنّ حقّ الزوج على زوجته عظيم كحقّ الزوجة على زوجها؛ لكنّ حقّه أعظم قليلا، وهو مما عظّمته الشريعة المشرّفة، وكون حقوقه أكثر في مقابل واجباته التي فرضت عليه من الله تعالى، فقد فرض الله عليه من الواجبات: المهر لزوجته عند الزواج، وفرض عليه القيام بشؤون زوجته ونفقتها ونفقة عياله وأولاده من الطعام والشراب واللباس والدواء، وأوجب عليه أن يسكنها حيث سكن مما يجد، وأوجب عليه حسن الخلق والغيرة، كما أوجب على الزوج أن يعلّمها أمور دينها وأن يعلّمها ما يلزمها في حياتها. وهذه الحقوق لا يقابلها حقوق له من أمثالها، بل يقابلها حقّ الطاعة (بالمعروف فقط) ولذا فقد جعلت الواجبات على الزوجة للزوج أكثر في مقابل ما يجب عليه لها من الالتزامات.

والله أعلم


التعليقات