ابتلاء مرض الوالدين

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، اشكركم على المجهودات المبذولة لارشادنا، انا فتاة في 22 من عمرها، من علي سبحانه وتعالى بكثير من النعم ولله الحمد، عائلة جميلة وميسورة الحال، توفيق في دراستي، تدين، وحب الناس...(وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. صدق الله العظيم)، ،

منذ ما يقرب تسعة اشهر اصيبت اختي التي تكبرني بعام بجلطة دماغية امام اعيني، والحمد لله اكرمني تعالى بالصبر والقوة اللذان فقدهما والدي في تلك اللحظة، ما جعلني اقرا عليها ما تيسر من ايات الله، و بعض الاذكار ونحن ننتظر سيارة الاسعاف، نقلتها وابي الى المشفى، مكثت اسبوعا في قسم الانعاش، في هذه الاثناء كانت والدتي تعاني من الم شديد، وكانت تجري فحوصات، استلزمت اسبوعا..

بعد اسبوع، اتصلوا بنا ليخبرونا ان اختي توفيت، واتصلوا مرة اخرى ليخبرونا ان امي مصابة بسرطان المعدة، دمعت عيناي وصرت اكرر انا لله وانا اليه راجعون.

مضت تسعة اشهر تقريبا وامي تتلقى العلاج بالكيماوي،

احمد الله على كل يوم يمر وانا ارى ابتسامتها، تغيرت، اصبحت الان صاحبة مسؤولية، اهتم بالمنزل كاملا، باخي، ابي، وامي ايضا، اكلها الصحي وشرابها، حتى انني اشرف على تداويها بالماء والزيت المقروء عليهما، لا تغفى لي عين حتى تنام.

لا انكر ان مرض امي اتعبني نفسيا، وان ما تحملته يفوقني، تحملت عناء البيت واشغاله، وتحملت كلام طبيب امي لي الذي لا يبث للامل بصلة، تحملت وجع امي، قسوة قلوب بعض الاقارب، ولكنني لا انكر انني مؤمنة بقضاء الله وقدره، هذا الابتلاء قربني من ربي، ولله الحمد، لم اقنط قط من رحمة ربي اعلم انه لا يكلفنا الا وسعنا، وصلت الى مرحلة تقبلت انني سافقد والدي في يوم ما، رغم ان هذا يقف في حلقي كغصة..

لكنني اؤمن ان هذه ليست دار البقاء وكل ما عليها فان، او انني سارحل قبلهم، اعلم ان هذا ابتلاء، وسيجزيني ربي على صبري وبري بوالدي، كلما فكرت هكذا، اشعر بتحسن، واكمل حياتي وكان شيئا لم يكن، اوكل امري الى الله واضحك، ابتسم واناقش مواضيعا مع صديقاتي..

سؤالي الذي دائما ما يزعجني -وانا جد معتذرة على هذا الشرح الممل-، هل اصبح مستهترة ولا مبالية بابتلاء ربي اذا تصرفت بهذه الطريقة، يعني ان اتقبل مرض امي وان اوكل امري لله سبحانه وتعالى، واعيش حياتي كما السابق، بمعنى اخر ما حكم شعوري بالسعادة اثناء الابتلاء؟

حتى انني اخجل من نفسي اذا ضحكت، اقول كيف اضحك وامي مريضة، هل للابتلاءات اركان ويجب علي احتارمها، وان لا افكر بالمستقبل واخطط له باذن الله كما كنت افعل بالسابق؟

سؤالي الثاني، فيما يتعلق بالطب النفسي. طوال فترات حياتي، ألجأ الى ربي وكتابه اذا تعبت نفسيا، واشعر بعدها براحة كبيرة، هل استشارة طبيبة نفسية يفسد ايماني بذلك؟

سؤالي الثالث، انا وامي نداوم على قراءة سورة البقرة كل يوم، هل ذلك ينفعها، او ختم القران احسن؟ وأيضا لقوله صلى الله عليه وسلم، داووا مرضاكم بالصدقة، اي صدقة احسن، هل صدقة المال ام الطعام ام المساهمة في حفر بئر؟ ومدى صحة الحديث وجزاكم الله خيرا

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا على برك بوالدتك وبأهلك، وهذه الأعمال فيها الأجر العظيم وعند الله لا يضيع مثقال ذرة. فاستمري وواظبي في رعاية والدتك وأهلك أعانك الله ووفقك.

ومن رحمة الله تعالى بالإنسان أن الله تعالى يبتليه ويعينه، فلا حرج في طريقة تعاطيك لهذه المصائب التي ابتلاك الله بها، فعجلة الحياة لا تتوقف، والإنسان سريع التأقلم، ولا بد من متابعة أمورك والاهتمام بشأنك. وبهذه التصرفات لا تكونين قد أسأت الأدب في تعاطيك لهذه الأمور التي نزلت بكم. ولولا الأمل لبطل العمل، ولا بد من التخطيط والعمل ليومك ومستقبلك، نسأل الله لك التوفيق والتيسير.

أما ذهابك للطبيب النفسي فلا حرج فيه إن شاء الله؛ لأنه تعاطي للدواء، وأخذ بالأسباب، وما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه، وجهله من جهله.

والاستشفاء بالقرآن العظيم من خير أنواع الاستشفاء يجب المواظبة عليه، والاعتقاد الجازم أنه ينفعكم بإذن الله الشافي، ولا شك بأن سورة البقرة تنفعكم، كذلك بعض الآيات المخصوصة، كأواخر سورة البقرة، وآية الكرسي، وأواخر سورة المؤمنون. والإخلاص والمعوذتين. ويجب استحضار نية الشفاء عند قراءة القرآن العظيم. أما الصدقة فهي تدفع البلاء وتطفئ غضب الرب، والأثوب من ذلك ما كان أنفع للفقير، وإن كان ثمة فقراء من أقربائكم فالصدقة عليهم صدقة وصلة رحم. وتتمة الحديث الوارد هو: عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلَاءِ الدُّعَاءَ" رواه البيهقي في السنن الكبرى، وقال: وإنما يعرف هذا المتن عن الحسن البصري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. فلا بأس من العمل به. والله أعلم.


التعليقات