قرض رهن عقاري ربوي

نص الاستشارة :

السلام عليكم، أريد فتوى فيما يخص مشكلتي الشخصية و هي كما يلي: منذ إحدى عشرة سنة ونصف مضت كنت مقيما في إسبانيا ما يقارب عشرون سنة. اشتريت منزلا بقرض ربوي (أرجو من الله عز و جل أن يغفر لي ذنبي و يتوب علي). اشتريت المنزل كما ذكرت أواخر سنة 2006؛ لكن المشكلة هي أن المنزل كان سكنا اجتماعيا و ليسا خاصا لصاحبته التي اشتريته منها. قبل توقيع عقد البيع و الشراء للعقار بيني و بين صاحبة المنزل، قررت مؤسسة السكن الإجتماعي إرسال خبير عقاري لتثمين المنزل. فصاحبة المنزل كانت تطلب في المنزل ثمنا مقداره 83000 أورو، لكن و بعد تثمين المنزل من طرف خبير السكن الإجتماعي، أرسلت مؤسسة السكن الإجتماعي إلى البنك الذي سنوقع فيه العقد تقريرا مفاده أن الثمن الحقيقي المنزل هو 40000 أورو و ليس 83000 أورو كما تطلب السيدة. رفضت صاحبة المنزل التقرير و قالت لن تبيع المنزل إلا بالثمن الذي تريده هي. في هذه الحالة و مع مشاكل استئجار المنازل وقتئذ (كان أصحاب المنازل يوصون المكاتب العقارية بعدم استئجار بيوتهم للعرب أو السود، أو يرفعون أسعار الإيجار إلى أسعار خيالية)، اضطرت للموافقة على شراء المنزل بالسعر الذي طلبته صاحبة المنزل لأنني كنت متزوجا و لا زلت. لكن المشكل الكبير الذي كان موجودا وقتئذ هو ثمن العقار الحقيقي (حسب تقرير خبير السكن الإجتماعي). عندئذ قرر مدير البنك إيجاد حل لهذه المشكلة (أنا لم أكن راضيا عن هذا الحل، لكنني كنت مضطرا). قال لنا ذلك المدير بأن نوقع عقد بيع و شراء العقار بالثمن الحقيقي (40000 أورو) و فيما يتعلق بما تبقى من المبلغ الذي تطلبه السيدة (43000 أورو)، فعلينا الذهب معا إلى مكتب كاتب العدل لتوقيع عقد إسمه قرض الرهن العقاري التضامني. ذلك العقد الموقع عند كاتب العدل ينص على أنني استلمت من السيدة صاحبة المنزل مبلغا مقداره 43000 أورو (المبلغ المتبقي) كقرض وعلي سداده بفائدة قدرها 4,75 % (قرض شخصي ربوي الذي لم استلم منه في حقيقة الأمر مليما أو قرشا واحدا) لمدة 49 شهرا (أدفع لها 300 أورو لمدة 48 شهرا و في الشهر الأخير أدفع لها المبلغ المتبقي الذي مقداره 35385 أورو). فيما يتعلق بالمبلغ الأخير خيرني كاتب العدل بسداده للسيدة أو إضافته للمبلغ الحقيقي المنزل (40000 أورو) بحيث يدفع البنك لها مبلغ 35385 أورو و يحتسبه علي كقرض شخصي (أنا أكرر مرة أخرى بأنني لم أتسلم قرشا واحدا من هذا القرض المزعوم). لقد استشرت أبي و أمي في هذا الموضوع و قالا لي بأن علي إيقاف سداد القرض المزعوم لأنه عقد باطل و مدير البنك احتال علي لأنني كنت مضطرا. فهل هذا صحيح. وهل أنا ملزم بسداد هذا القرض الذي لم أتسلم منه قرشا واحدا كما أسلفت؟ أريد أن أبريئ ذمتي مع الله قبل الممات. زوجتي هي أيضا تقول لي بأنني لا يمكنني سداد قرض لا أساس له مدى الحياة. أخيرا و ليس آخرا، فقد قررت إرجاع المنزل إلى البنك مقابل إعفائي من سداد المبلغ الشهري القرض العقاري لأنني هاجرت إلى بلجيكا حيث أعيش حاليا. أفيدوني جزاكم الله خيرا لأنني لا أستطيع النوم بسبب هذا المشكل.

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله

من مشاكل الحياة بين ظهراني مجتمعات يغلب عليها عدم الإسلام أمثال هذه الحوادث وما أكثرها

ومسارعة المسلمين إلى الاستقرار في بلاد الغرب دون وعي كاف لما يعود به ذلك عليهم من مخالفات شرعية ومن تأثير سيء على أولادهم مشكلة تولّد مشاكل أخرى كثيرة، ويلجأ المسلمون في تلك البلاد إلى المشايخ لحلّ هذه المشكلات، وكثيرا ما يتنازل المشايخ عن بعض الثوابت والقطعيات مراعاة لحاجات الناس ومخالفاتهم التي يرتكبونها في العالم الغربي.

والواجب على المسلمين الذين يعيشون في تلك البلاد الاجتهاد في الدعوة إلى الله تعالى والحرص عليها، لا محاولة الكسب الماديّ بأعلى صوره، والبحث عن الرفاه الماديّ، والاستقرار الدائم في تلك البلاد، حتى وصل بعضهم إلى ترك التفكير في أحوال أمّتهم وتغليب مصالحهم الآنية الشخصية هناك على مصالح أمتهم وبلادهم التي جاؤوا منها والتي يعاني أهلها التشريد والفقر والجوع!

وجواب سؤالك:

إن كنت تستطيع التخلص من الربا بما لا يعود على المسلمين أو عليك شخصيا بالضرر فهو واجب عليك

وإن كان بعدم الدفع لما ليس بحقّ أصلا

ولا ريب أنك مخطئ آثم في أصل شرائك للبيت بعقد ربوي

وآثم في شرائك له بهذا الرهن

وآثم في النزول على رأي صاحبة البيت ودفع هذا المبلغ الكبير لها!

فأكثر من الاستغفار وتب إلى الله تعالى ولا تعد لمثلها

والله أعلم


التعليقات