نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي

نص الاستشارة :

السلام عليكم سمعت فتوى أنه لا يجب على المرأة أن تظهر في وسائل التواصل بوجهها وهذا عملا بفرض غضّ البصر ولكن ألم تذكر الآيه ذاتها أنه على المرأة غضّ بصرها فلماذا إذن يباح للرجل أن يضع وجهه وفيديواته في وسائل التواصل ومنهم رجال الدين ليعطوا الدروس أوليس ظهور وجهه مخالف لغض البصر الذي أمرت به المرأة؟

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله

أمر الله تعالى المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، قال الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ... (31)} [النور]

كما أمر المؤمنات بالحجاب ولم يأمر المؤمنين به، ولا شك أن في ذلك حكمة وسرا في هذا التشريع العظيم، وعلى المؤمن السمع والطاعة والامتثال، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب:36].

والأمر بغض البصر، يختلف عن الأمر بالحجاب. فكل واحد منهما أمر منفصل عن آخر.

ولعل من أسرار أمر النساء بالحجاب دون الرجال هو الاختلاف الفطري بين الرجل والمرأة، فالمرأة بطبيعتها مطلوبة والرجل هو الطالب، فالشرع أمر المطلوبة بالحجاب، فهذا أدعى للعفة في رؤية الرجل لها وهي بحجابها، فيزول جزء كبير من أسباب الفتنة ودواعيها، ويبقى الجزء الآخر على المرأة أن تراعيه في نظرها إلى الرجل، فلا يجوز للمرأة النظر إلى الرجل بشهوة، وكذلك عند توقع حدوث افتتان به.

أما إذا أمنت الفتنة ففي ذلك خلاف بين الفقهاء فيجوز لها عند الحنفية إن أمنت الشهوة أن تنظر إلى جميع بدنه إلا ما بين سرته وركبته.

وعند المالكية والحنابلة قولان: قول بأن لها النظر إلى ما ليس بعورة (ما بين السرة والركبة) أي كما قال الحنفية، كالرجل مع ذوات محارمه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه قال لفاطمة بنت قيس: «اعتدي في بيت ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك، فلا يراك» [أخرجه مسلم].

والقول الراجح عند الحنابلة يجيز نظر المرأة إلى ما ليس بعورة من الأجنبي، لحديث عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد. [أخرجه البخاري ومسلم]ٍ.

وقول آخر، وهو الأصح عند الشافعية: يجوز لها النظر من الرجل، مثل ما ينظر إلىها الرجل؛ لأن الله تعالى أمر النساء بغض أبصارهن، كما أمر الرجال به. وروى أبو داود وغيره أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر أم سلمة وحفصة بالاحتجاب من ابن أم مكتوم، قائلاً لهما: «أفعمياوان أنتما لا تبصرانه؟» [أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح]، فلو كان نظر النساء إلى الرجال مباحا لما أمرهما الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالاحتجاب عن ابن أم مكتوم رضي الله عنه وهو أعمى، ولما أنكر عليهما النظر إليه.


التعليقات