الفرق بين الظلم والمعصية

نص الاستشارة :

من فضلكم هل تعتبر المعصية ظلماً، والظلم معصية؟ فإن كان الجواب لا، فما الفرق بينهما؟ وبارك الله فيكم.

الاجابة

خلق الله الإنسان وأوجده من العدم، وفرض عليه واجبات وأمره بأوامر، ونهاه عن أمور هي المحرمات أو المحظورات، فعندما يقع الإنسان فيما نهى الله عنه، أو يقصِّر في أداء ما أوجب الله عليه، فقد وقع في ظلم نفسه، والظلم على مستويات، منه ما يكون بارتكاب منهيات ومحرمات، ومنه ما يكون عظيما بارتكاب الكبائر والموبقات، وكذلك عندما يخرج الإنسان من عبوديته لله تعالى ويعبد غيره من الأصنام، قال الله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم} [لقمان:13]، فحقيقة الظلم هي وضع الشيء في غير موضعه.

وقال الله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء:110]، ومعنى الآية: من يُقْدِمْ على عمل سيِّئ قبيح، أو يظلم نفسه بارتكاب ما يخالف حكم الله وشرعه، ثم يرجع إلى الله نادمًا على ما عمل، راجيًا مغفرته وستر ذنبه، يجد الله تعالى غفورًا له، رحيمًا به.

قال الواحدي في التفسير البسيط: هذا عام في كل معصية. وذكر ظلم النفس مع عمل السيئة -وكلاهما بمعنى واحد- توكيدًا وزيادةً للبيان.

وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وعمل السوء هو العصيان ومخالفة ما أمر به الشرع ونهى عنه. وظلم النفس شاع إطلاقه في القرآن على الشرك والكفر، وأطلق أيضا على ارتكاب المعاصي. وأحسن ما قيل في تفسير هذه الآية: أن عمل السوء أريد به عمل السوء مع الناس، وهو الاعتداء على حقوقهم، وأن ظلم النفس هو المعاصي الراجعة إلى مخالفة المرء في أحواله الخاصة ما أمر به أو نهي عنه. اهـ.

فالمعاصي فيها ظلم من الإنسان لنفسه، أما الظلم بمعناه الخاص، أي: ظلم الإنسان لأخيه الإنسان فهو كله معصية. والله أعلم.


التعليقات