هل يقتل الوالد بولده؟

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سيدي.... أرجو منكم تفصيل صحة الحديث التالي من عدمه لشبهة عندي:- "لا يقتل والد بولده" وإن صح، كيف يكون هناك تحقيق العدالة للابن في الدنيا إذا قتله والده متعمداً وأين نذهب من الآية الكريمة: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) فعند الحديث في هذا الموضوع أكون فقط مستمعاً حيث لا علم لدي في الرد. تحياتي

الاجابة

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته

ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا يقتل والد بولده مطلقا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقاد الوالد بالولد) [أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وأحمد، والبيهقي]؛ ولأنه كان سبب حياته فلا يكون الولد سببا في موته.

قال ابن عبد البر: هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق، مستفيض عندهم، يستغنى بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد فيه، حتى يكون الإسناد في مثله مع شهرته تكلفاً.

ولأن في القصاص من الأب شبهة آتية من حديث: «أنت ومالك لأبيك» والقصاص يدرأ بالشبهات.

ولأن الأوامر المطالبة بالإحسان إلى الآباء تمنع القصاص منهم، فقد كان الأب سبباً في إيجاد ولده، فلا يكون الابن سبباً في إعدامه. فكل هذه شبه تدرأ إقامة الحد على الأب، ومما يمكن أن يعتبر شبهة أن الأب لا يمكن أن يقدم على قتل ولده إلا لأمر خطير ويعسر عليه التعبير عنه ، وعلى كل حال إذا لم يقتل الأب بابنه وجب عليه الدية. وإسقاط القصاص لا يعني فوات العقوبة بالكلية 

وذهب المالكية إلى أن الأب إذا قتل ابنه قتل به إذا كان قصد إزهاق روحه واضحا، فإذا لم يكن واضحا لم يقتل به، قال الدردير: وضابطه أن لا يقصد إزهاق روحه، فإن قصده كأن يرمي عنقه بالسيف، أو يضجعه فيذبحه ونحو ذلك فالقصاص. أما لو ضربه بقصد التأديب، أو في حالة غضب، أو رماه بسيف أو عصا، فقتله لا يقتل به.

وهذا كله في الوالد النَّسَبي، قال الحنابلة: أما الوالد من الرضاع فإنه يقتل بولده من الرضاع لعدم الجزئية الحقيقية.

أما إذا قتل الابن أباه فقد اتفق الفقهاء على أنه يقتل الولد بقتل والده، لعموم القصاص وآياته الدالة على وجوبه على كل قاتل.

وعلة التفرقة بين الأب والابن في هذا الحكم: هو قوة المحبة التي بين الأب والابن، إلا أن محبة الأب غير مشوبة بشبهة مادية بقصد انتظار النفع منه، فتكون محبته له أصيلة لا لنفسه، فتقتضيه بالطبيعة الحرص على حياته. أما محبة الولد لأبيه فهي مشوبة بشبهة انتظار المنفعة؛ لأن ماله له بعد وفاة أبيه، فلا يحرص عادة على حياته، فتكون محبته لنفسه، فقد يقتله.


التعليقات