هل الرؤيا من علم الغيب

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قرات في سورة الجن آخر آيتين وفهمت أن الله يطلع فقط رسله على الغيب، وقرأت أن الرؤيا من علم الغيب فكيف ذلك؟ هل الرؤيا من علم الغيب؟ وان كانت كذلك فكيف يطلعها الله على عباده والله يقول انه فقط يطلع رسله على بعض الغيب؟ أيضا قرات أن الرؤيا ظنية لا قطعية لكني قرات أن رجلا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه يقول له: اذهب في مكان ما ... ، وهنا الرؤيا قطعية لا ظنية فما رأيكم؟ ارجو الرد فإني بذلك مشوش جدا واشعر بضيق في صدري أسال الله العافية جزاكم الله خيرا كثيرا.

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

المنامات ليست كلها منامات صدق وحق، فمنها ما يكون من قبيل أحاديث النفس التي تكون في اليقظة، ومنها ما يكون أضغاث أحلام، ومنها رؤى حق وصدق يستأنس بها المؤمن سواء كان فيها بشارة خير أو نصيحة أو نذارة أو إشارة لأمر ما. وكلما كان الإنسان في حياته وتعامله أكثر صدقاً والتزاما بالدين كانت رؤاه صادقة، فالرؤيا انطباع لحالة الإنسان.

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءا من النبوة، والرؤيا ثلاثة: فرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل، ولا يحدث بها الناس " [أخرجه مسلم].

أما الحجة الشرعية في الأحكام والتكليفات فلا يثبت ذلك بالمنامات لغير الأنبياء خاصة فيما خالف أحكام الشرع فلا يلتفت إلى ذلك ولا يعمل به. وهذا باب خطير انزلق فيه كثير ممن ابتعدوا عن العلم فدخل عليهم بذلك التحريف والتشويه في عباداتهم. أما قولك هنا إن الرؤيا قطعية لا ظنية، فنعم هي قطعية الثبوت إن كان قائلها أو ناقلها ثقة، لكنها ليست قطعية الدلالة لوجود احتمالات كثيرة تنفي صدقها وبالتالي لا يمكن الاستئناس بها أو الاستفادة منها.

أما سؤالك عن الرؤيا وأنها جزء من علم الغيب فلذلك تفسيرات عديدة ذكرها شراح الحديث ولا يتعارض ذلك مع ما ورد في سورة الجن، فقد روى عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءا من النبوة» [أخرجه مسلم].

قال الإمام النووي في شرحه على مسلم:

قوله صلى الله عليه وسلم (ورؤيا المسلم جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة). وفي رواية: (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)، وفي رواية: (الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)، وفي رواية: (رؤيا الرجل الصالح جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة). وفي رواية: (الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءا من النبوة)، فحصل ثلاث روايات المشهور ستة وأربعين والثانية خمسة وأربعين والثالثة سبعين جزءا.

قال الإمام المازري: وقيل: المراد أن للمنامات شبها مما حصل له وميز به من النبوة بجزء من ستة وأربعين.

وقال الإمام الخطابي: هذا الحديث توكيد لأمر الرؤيا وتحقيق منزلتها، وقال وإنما كانت جزءا من أجزاء النبوة في حق الأنبياء دون غيرهم وكان الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يوحى إليهم في منامهم كما يوحى إليهم في اليقظة.  والله أعلم.


التعليقات