حكم مجالسة أهل المعاصي

نص الاستشارة :

السلام عليكم قرات فتاوى عن الآية {وقد نزل عليكم}../النساء140، أن مجالسة العصاة اذا نهيناهم واصروا انها حرام ويجب مفارقة المجلس وعدم صحبتهم اود توضيحكم هل يحرم مصاحبة كل من حلق لحيته اومن يلبس البنطلون تحت الكعب وهي صارت عرفا فالحذاء يمسكه من ان يجر او شخص يلبس سوار جلد او من يلبس ما يظهر بعض من فخذه او غيرها من المعاصي وانا لا يتسنى لي دوما ان انصح كحلق اللحية واسبال البنطلون هذا صار عرفا واذا انكرت عليهم يستغربون وينفرون مني على عكس شرب السجائر لانهم يرون فيه اذية للغير وليس عادة فيسهل الانكار وطلب تركهم المجلس فما المخرج هل علي ان اصاحب فقط من لم يلتبس بالمعاصي علما انه احيانا صحيح حلق لحيته لكنه ذو خلق حسن وفيه خير ومن اهل الصفاء فهل بسبب بعض هذه الذنوب لا اصادقهم وتصبح هي التي تشغل أذهاننا ومجالسنا، وتكون مثارا للشقاق وتفرق القلوب أم أعيش عاديا مثل بقية الناس معهم علما انني لا انكر دوما خاصة فيما اعتاده الناس انا لا اقصد الهجر بل ان يكون صديقي الذي امشي معه ورفيقا لي وهل ذهابي إلى اماكن عامة كمقهى فيه من يدخنون ومكتبة لكن فيها اختلاط وتبرج او حديقة وفيها من حلق لحيته ومن يدخن ومن لا تلبس الحجاب فاين المكان الذي ليس فيه منكر؟ هذا مع العلم انني لا أعرف هؤلاء الناس فلا يمكنني التكلم معهم وانكار المنكر ولو دعاني بعض الناس لألعب معهم كرة القدم مثلا وجاء واحد فيها يلبس شورتا يظهر فخذه او منهم من يلبس ملابس رياضية لأندية الكفار يحرم علي مشاركتهم اللعب مع الدليل-جزاكم الله خيرا

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله

للتوضيح أولا فهذه الآية تم الاستشهاد بها في غير موضعها وغير ما سيقت إليه، فهي تنهى عن مجالسة الذين يستهزئون بالدين وينتقصون من أحكامه وآياته، وليست في حق أهل المعاصي الصغائر التي تتحدث عنها.

قال الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} الخطاب موجه إلى كل من يظهر الإيمان سواء أكان مؤمنا حقا أم منافقا، وما نزله في الكتاب هو قوله في سورة الأنعام المكية «وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ» وقد كان بعض المسلمين يجلسون مع المشركين وهم يخوضون في الكفر وذم الإسلام والاستهزاء بالقرآن ولا يستطيعون الإنكار عليهم لضعفهم وقوة المشركين، فأمروا بالإعراض عنهم وعدم الجلوس معهم في هذه الحال.

ثم إن يهود المدينة كانوا يفعلون فعل مشركي مكة، وكان المنافقون يجلسون معهم ويستمعون إليهم فنهى الله المؤمنين عن ذلك.

أما إنكار المنكر لمن تراهم يعملون المحرمات فهذا حكمه فرض كفاية إن قام به البعض سقط الإثم عن الجميع، وإن لم يقم به أحد أثم كل من تمكن منه وتركه بلا عذر ولا خوف،

ولإنكار المنكر شروط لا بد من مراعاتها:

* القدرة على ذلك، فلا ينكر من يعلم أنه سيقع عليه ضرر أكبر من المنكر.

* ألا يؤدي إنكاره إلى منكر أكبر منه، فإن كان إنكار المنكر يؤدي إلى منكر أكبر منه فحينئذ لا يجب الإنكار، بل ولا يشرع.

* أن يكون المنكر ظاهراً من غير تجسس.

* أن يكون الأمر منكرا مجمعاً على حرمته، فلا إنكار في المختلف فيه.

والحديث النبوي أشار إلى تفاوت قدرة الناس في إنكار المنكر، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» [أخرجه مسلم].


التعليقات