هل يكفر من ترحم على كافر

نص الاستشارة :

السلام عليكم: ما حكم الترحم على الكافر، والصلاة عليه؟ هل هي معصية فقط أم كفر؟ هل هناك اختلاف ما هو الراجح؟ ما حكم طلب الترحم على امرأة تأتي السحرة إن كانت من العائلة؟ جزاك الله خيرا. 

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

صرح النووي في كتابه الأذكار بأنه لا يجوز أن يدعى للكافر بالمغفرة وما أشبهها في حال حياته، لكن يجوز أن يدعى له بالهداية، وصحة البدن والعافية وشبه ذلك. لحديث أنس رضي الله عنه، قال: استسقى النبي صلى الله عليه وسلم فسقاه يهودي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: جمّلك الله، فما رأى الشيب حتى مات. [رواه أحمد].

وأما بعد وفاته فيحرم الدعاء للكافر بالمغفرة ونحوها وكذلك تحرم الصلاة عليه؛ لقول الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيم} [التوبة:113]}، وقد أجمع المسلمون عليه.

وعليه فإن من يستغفر للكافر أو يدعو له بالرحمة بعد وفاته فقد ارتكب محرماً من المحرمات، وخالف بعمله ما أجمع عليه المسلمون، وهو بفعله هذا يخالف ما ورد في القرآن الكريم فقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء:48]. لكن من فعل ذلك لا يكفر، إن لم يعتقد خلاف ما ورد في صريح القرآن الكريم.

ويجب التنبه إلى أن أمور العقيدة لا تدخلها المجاملات الاجتماعية ونحوها، وباب المجاملات إن اضطر إليه المرء فيمكن القول فيه بأشياء عامة مما لا حرج فيه شرعاً، مثل قولهم: البقاء لله. أو القول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وغير ذلك من عبارات التعزية لأهل الميت وحثهم على الصبر وعدم الجزع، مما ليس فيه دعاء للميت.

أما المسألة الأخرى في حكم من يأتي السحرة والكهنة:

فهذا يختلف حكمه حسب ما يعتقده هذا الشخص، فمن أتى كاهنا أو عرافا وصدقهما في قولهما يكفر، لإشراكه الغير مع الله في علم الغيب الذي استأثر به الله، ومن أتاهما لمجرد السؤال ولم يصدقهما لم يكفر، بل يحرم من ثواب صلاته أربعين يوما زجرا له.

وهذا ما يدل عليه حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد برئ مما أنزل على محمد، ومن أتاه غير مصدق له لم تقبل صلاته أربعين ليلة) [رواه الطبراني في الأوسط].

قال الإمام النووي – في شرحه لمسلم -: عدم قبول صلاته معناه: أنه لا ثواب له فيها، وإن كانت مجزئة في سقوط الفرض عنه. والله أعلم.


التعليقات