اتفاق مضاربة

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لي صديق ظروفه الماديه ليست علي مايرام بسبب مرض ابنته.. وعمله الأساسي التجارة وأكد لي انه يعرف السوق معرفه جيده حيث انه يعمل في مجال بيع اي شئ بالتقسيط ملابس اثاث الخ... واعطيته مبلغا من المال كوسيله لمساعدته على ان يرد المبلغ بدون ربح في فترة زمنيه معينه حيث انه أكد لي أن دورة رأس المال ٤ شهور وذكر لي نسبه الربح الثابتة التي يضعها على البضاعه وانه لا مجال للخسارة لانه دارس للسوق جيدا..

بعد ذلك زاد مرض ابنته الذي ادى الى التهام الربح الناتج عن التجاره بشكل سريع ونظرا لأنني لا أملك رأس مال آخر للتجارة فقد تكلمت مع بعض الأصدقاء الآخرين بشأن الاتجار مع صديقي نظير نسبة محدده من الربح يحددها صديقي ومحددة بموعد ايضا للسداد...

وقبل موعد رد المبالغ بربحها بشهر أو أكثر اقترح علي ان يدخل المبلغ بارباحه الى السوق مرة اخرى بنفس نسبه الربح ولمده اخرى حددها بنفسه وفي كل ذلك يؤكد ان ربحه من هذا المجال لا مثيل له ولا مجال للخسارة ... وبناء على طلبه اخذت موافقه أصدقائي الآخرين الذين رحبوا بشرط أن اكتب إليهم وصولات امانة بالقيمة التي أخبرني بها وحددها هو بميعادها المعلوم الذي ذكره هو ايضا.

وكرر اكثر من مرة مسأله سداد المبالغ بارباحها عن كل دوره مما آثار شكوك أصدقائي مما جعلهم يرجعون علي انا بوصولات الامانه وعند مطالبته بالمبالغ في الميعاد المحدد الذي ذكره وجدته انسانا اخر ناكرا للمعروف وناكرا للاتفاق ... فما رأي الدين في هذا الموقف؟ وهل مطالبتنا للمبالغ التي ذكرها إلينا في ميعادها المعلوم وأكد عليها أكثر من مرة تعتبر حقا لنا ام ماذا؟ .. شكرا جزيلا

الاجابة

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته

في المرحلة الأولى يبدو أنك قدمت قرضا لإنسان زعم أنه محتاج فأقرضته المال ليتّجر به و يستفيد من أرباحه و يرد لك القرض بعد مدة، وهذا لاشيء فيه فالعلاقة بينكما علاقة قرض حسن. 

في المرحلة الثانية يبدو أنه استدرجك للدخول في استثمار وأنت غررت بأصدقائك ووقعتم في حبائله و مكره بتقصير وغفلة، وعلى كل حال فإن كانت نسبة الربح المذكورة في الاتفاق هي نسبة من الربح الفعلي أياً كان ، فهذا اتفاق مضاربة ، و من مقتضيات الاتفاق أنه إن حصل الربح أخذ كل من الطرفين حصته بحسب الاتفاق ، و إن حصلت خسارة من غير تعدٍّ ولا تقصير يتحملها رأس المال و يخسر المضارب جهده، وإن كانت النسبة المذكورة هي نسبة ثابتة من رأس المال فهذا اتفاق باطل لا يجوز لأنه صار قرضا ربويا ، وفي مثل هذا النوع من الاتفاقات يجب الفسخ فورا و رد المال إلى صاحبه أو أصحابه، فإن مضى الطرف الآخر في العمل فهو ضامن لرأس المال ، و إن حصل ربح فالربح كله لصاحب المال ، و يعطى المضارب بجهده أجر المثل فقط.

في المرحلة الثالثة بدأت تتضح صورة التحايل والخداع فهاهو التاجر المزعوم يريد تدوير الأموال بأرباحها المزعومة ، و يبدو أنه يريد أن يكسب الوقت للمماطلة ، ووقعت أنت و أصحابك في مخالفة أخرى ، فأنت لا يجوز أن تضمن رؤوس الأموال و أرباحها المزعومة ، فلو فرضنا أن المعاملة هي مضاربة فرأس المال قد يربح و قد يخسر ، غاية ما هنالك أنك يمكن أن تكفل رد رأس المال في حال حصول التعدي أو التقصير من قبل التاجر المزعوم . 

في المرحلة الأخيرة و قد ترجحت وساوس أصحابك بأن هذا الرجل مخادع محتال بدأوا يطالبونك بأموالهم ، فإن كانت الاتفاقية اتفاقية مضاربة صحيحة فأنت ضامن لرأس المال والربح إن كانت عندكم بينة أنه ربح ، و إن أثبت أنه خسر فأنت ضامن لما بقي من رأس المال باعتبار أن كتابتك لإيصالات الأمانة هو كفالة، إضافة الى تقصيرك وإحسان الظن في أمور تحتاج الى الحذر والتوثيق، وإن كان سبب الخسارة التعدي أو التقصير فأنت ضامن لرأس المال، و إن كانت الاتفاقية اتفاقية قرض ربوي فأنت ضامن لرأس المال كذلك، و في كل الحالات ترجع أنت على هذا التاجر الدعي بما ضمنت لأصحابك، و ربما يفيدك اللجوء الى محام ثقة توكله بالقضية و لعله يثبت وصول الأموال الى المضارب المزعوم من خلال الحوالات أو الشيكات التي كنت تحولها له، و ربما يستطيع أن يثبت أن هذا الرجل محتال مخادع فيكون للقضية مسار آخر، و الله أعلم 


التعليقات