النية في إنجاب الذرية

نص الاستشارة :

السلام عليكم، أنا طالب علم من المغرب وأريد منكم جزاكم الله كل الجزاء أن تجيبوني جوابا كافيا شافيا على أحد المسائل المهمة والجليلة. أغلب الناس في زماننا هذا وللاسف لا يخلصون نيتهم في إنجاب الذرية، فالناس يتزوجون لاسباب شتى وينجبون الاولاد لاسباب عدة ولا يتسع المقام لذكر كل هذه الاسباب، المهم أن غايتهم هي حظ النفس وزخرف الدنيا المترتب عن الزواج والانجاب. بمعنى آخر هم بفعلهم هذا يرضون مجتمعهم  ويريدون أن يعطوا لحياتهم الجوفاء معنى ونكهة.  فالاولاد في هذه الرواية الحزينة ليسوا إلا شخصيات هامشية لا يأبه لها ووسائل ومطايا يصل بها هؤلاء الآباء لغايتهم، فمثلا إذا سأل أحدهم ما كانت نيتك عندما أنجبت الاولاد، يقول : "أنا أنجبت الاولاد لكي أشعر بالسعادة ولكي أكون مثل الناس في مجتمعي".

فأهل المعاني والرتب لا يتزوجون وينجبون الاولاد لاجل هذه المساعي، وإنما لاجل أن يخرج من نسلهم علماء يرفعون راية الاسلام. على أي حال، ما هو ردكم على مثل هؤلاء الناس الذين يعيشون السعادة على حساب غيرهم، فالادلة القرآنية والنبوية وحياة الصحابة تدل على أن إخلاص النية لا يكون في العبادات فقط بل وحتى في العادات، كقول الله عزوجل على لسان المرأة الصالحة امرأة عمران رضي الله عنها كل الرضى : "رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وأنبتها نباتا حسنا...".

الاجابة

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، لعلك أخي الكريم أردت أن توجه نصيحة في ثوب سؤال ، و لكنك أسأت الظن بكثير من الناس و عممت التهمة وأبعدت النجعة ، نعم الزواج  و الإنجاب هو في دائرة العادات ، و يستطيع الانسان أن يستحضر الكثير من النيات الصالحة فيؤجر بذلك ، ولكن حتى لو لم يستحضر هذه النيات فإنه بسعيه لإعفاف نفسه عن الحرام هو مأجور بذلك ، و بطلبه لما جعله الله تعالى زينة الحياة الدنيا بطريق مشروع لا يُلام ، بل إن الشريعة جعلت مقصد النسل من المقاصد الضرورية التي لا يستغني عنها إنسان، فمن سعى في ذلك لا يكون ساعيا في طلب السعادة على حساب الآخرين ، فلا تضيق واسعا يرحمك الله . فإذا فهمت هذا فاحرص أن تكون من أصحاب الرتب و الهمم وانصح الناس بلين و رفق فذلك أدعى لأن يستجيبوا لك ، و ذلك هو الأقرب للأسلوب النبوي القائم على الحكمة و الموعظة الحسنة ، و الله أعلم 


التعليقات