حكم إرداف أحد النسكين على الآخر ورفضه وما يقع من العامة في ذلك من الخطأ

نص الاستشارة :

حكم إرداف أحد النسكين على الآخر ورفضه وما يقع من العامة في ذلك من الخطأ

الاجابة

تقدم أنَّ إرداف الحج على العمرة إنما يصحُّ إذا صحَّت العمرة وقت الإرداف، فإن فسدت بجماع أو إنزال قبله لم يصحَّ الإرداف، ووجب إتمامها فاسدة ثم يقضيها وعليه دم، وإرداف العمرة على الحج لغو ولا يعتد به إلا عند أبي حنيفة.

 

وكذلك إرداف الحج على الحج وإرداف العمرة على العمرة لغو؛ لأنَّ الثاني حاصل بالأول، وحكم الإقدام عليه الكراهة كما في منح الجليل وغيره.

 

وكذا رفض الإحرام بالحج أو العمرة، أي نية إبطاله بعد الفراغ أو في الأثناء فإنه لغو ويجب إتمامه، فإذا وقع الرفض بعد الإحرام وقبل الشروع في أفعاله كالطواف والسعي ثم أتى بها متعلقة بإحرامه فصحيحة؛ لأنَّ رفضه لغو لا يتعلق به حكم أي لا يوجب إبطالاً ولا هدياً، وإن كان الإقدام عليه لا يجوز، وإذا رفضه أثناء الأفعال الواجبة عليه كالطواف والسعي ونوى رفضها فإنها ترتفض دون الإحرام ويكون كالتارك لها، فيطالب بغيرها بأن يبتدئ طوافه وسعيه وأصل الإحرام لا يزال باقياً لم يرتفض.

 

وكثيراً ما يخطئ بعض الحجاج فيحرم من ميقاته بحجٍّ أو عمرة مُتجرِّداً من ثيابه لابساً ثوبي إحرامه، ثم يبدو له قبل وصوله إلى مكة أو بعد وصوله إليه وقبل الشروع في أعمال حجه أو عمرته أن يتوجه إلى زيارة المدينة المنورة، فيفك إحرامه ويرفض ما أحرم به ويلبس ثيابه، وقد يأتي النساء ويمسُّ الطيب مُعتقداً أنه حلال وأنه لا شيء عليه في ذلك، ثم بعد الزيارة يستأنف إحراماً آخر بحجة أو عمرة معتقداً أنَّ إحرامه الأول قد ارتفض، مع أنه لا يزال باقياً يجب عليه إتمامه وقضاؤه إن أفسده.

 

وقد أساء في هذا العمل من وجوه:

 

[أولاً] إقدامه على رفض ما أحرم به وإبطاله في زعمه بدون مسوغ شرعي، إذ الزيارة وإن كانت مطلوبة شرعاً لا تسوغ له الخروج عن هذه العبادة الخطيرة ولا تبيح له انتهاك حُرماتها.

 

ثانياً: ارتكاب ما هو محظور بالإحرام من لبس ثيابه وترك واجباته وإتيانه بما يفسده من جماع أو إنزال، وذلك لا يجوز وإن كان مُعتقداً حِلَّه، لأنَّ ذلك جهل لا يُعذر به.

 

ثالثاً: إقدامه بعد عودته من الزيارة على إحرام آخر قد لا يَنعقد على إحرامه الأول لفساده أو لغوه فلا يصح معه عمل من أعماله وكان الواجب عليه في حال عدم الفساد أن يتمِّم ما أحرم به أولاً، وعليه فدية واحدة وفي صورة الفساد أن يتمه مع القضاء والفدية والهدي، ولكن لجهله أساء التصرف في دينه وعاد من هجرته مأزوراً لا مأجوراً.

 

فليتفطَّن حُجَّاج بيت الله لمثل هذا الفعل الذميم، ويلتزموا إتمام ما أحرموا به من حجٍّ أو عمرة كما أمرهم الله تعالى بإتمام أعمالهم ونهاهم عن إبطالها: [فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] {النور:63}.


التعليقات