في الإحرام وما ينعقد به

نص الاستشارة :

كيف ينعقد الإحرام؟

الاجابة

 

الإحرام ركن من أركان الحج والعمرة عند الأئمة الثلاثة، وشرط لصِحَّة أداء الأعمال ابتداءً، وله حكم الركن انتهاء عند أبي حنيفة رضي الله عنه، واختلف الفقهاء في معناه؟ فذهب كثيرٌ منهم إلى أنه نيَّة أحد النسكين أو هما معاً، وهو مشهور مذهب مالك والشافعي وأحمد رضي الله عنهم، وإليه ذهب أبو يوسف رحمه الله تعالى، لأنَّ الإحرام التزام الكفِّ عن المحظورات فيصير شارعاً فيه بمجرد النية كالصوم.

وذهب آخرون إلى أن الإحرام هو نيَّة أحد النسكين أو هما معاً مع قول أو فعل تعلقا به وإليه ذهب كثير من المالكية، وعليه قول ابن حبيب إن التلبية شرط في الإحرام كتكبيرة الإحرام في الصلاة، وقول بعضهم: إنَّ التجرد مما يتوقف عليه صِحَّة الإحرام.

والمشهور عند الحنفية أنَّ الإحرام هو النية مع التلبية أو ما يقوم مقامها من الأفعال الخاصة به؛ لأن الإحرام عقد على الأداء فلابد فيه من ذكر كما في تحريمة الصلاة، إلا أن باب الحج لما كان أوسع من باب الصلاة كفى فيه ذكر يقصد به التعظيم سوى التلبية أو فعل كذلك كسوق الهدي أو تقليده.

واعلم أنَّ الركن ما لابدَّ من فعله، ولا يجزئ عنه دم ولا غيره، وهو الإحرام والطواف والسعي والوقوف بعرفة عند المالكية والحنابلة، أو هو ذلك مع إزالة ثلاث شعرات حلقاً أو تقصيراً عند الشافعية؛ لأنه نسك لا إطلاق من محظور عندهم بل وعند الأئمة الثلاثة وإن كان واجباً.

وهذه الأركان منها ما يفوت الحج بتركه ولا يؤمر بشيء وهو الإحرام، ومنها ما يفوت بفواته ويؤمر بالتحلُّل بعمرة وبالقضاء في العام القابل، وهو الوقوف بعرفة، ومنها ما لا يفوت بفواته ولا يتحلَّل منه، ولو وصل لأقصى المشرق أو المغرب رجع إلى مكة ليفعله، وهو طواف الإفاضة والسعي.

والثلاثة غير السعي متفق على ركنيتها، وأما السعي فقيل بعدم ركنيته وأنه واجب، وبه قال أبو حنيفة، وزاد ابن الماجشون في الأركان: الوقوف بالمشعر الحرام، ورمي جمرة العقبة، والمشهور عند المالكية أنهما غير ركنين، وأنَّ الأولى مستحب والثاني واجب ينجبر بالدم.

وحكى ابن عبد البر قولاً بركنية طواف القدوم، والحق أنه واجب يجبر بالدم، واختلف في اثنين خارج المذهب وهما النزول بالمزدلفة والحلاق، والمذهب عندنا أنهما واجبان يجبران بالدم. 

فهذه تسعة أركان بين مجمع عليه ومختلف فيه في المذهب وخارجه، فينبغي للإنسان إذا أتى بها أن ينوي الركنية ليخرج من الخلاف وليكثر الثواب كما ذكره الحطاب وغيره.

وجملة أركان العمرة أربعة: اثنان مجمع عليهما وهما: الإحرام والطواف، واثنان مختلف فيهما وهما: السعي والحلاق. وأما الواجبات فكثيرة أوصلها المالكية إلى اثنتين وأربعين خصلة ما بين مجمع عليه ومختلف فيه، والسنن والمستحبات كثيرة أيضاً، وقد عدَّها بعض المالكية مائة وستين خصلة.

وبعض فقهاء المالكية يعبر عن الأركان بالفرائض، وعن الواجبات بالسنن المؤكدة، وعن السنن والمستحبات بالسنن. ومنهم من يسميها فضائل، وعلى كل حال ففي فعلها ثواب موفور، وإيذان بأنَّ حجَّ فاعلها مبرور، وليس في تركها دم إلا الإفراد فإنه أفضل من القِران والتمتع عند المالكية، ومن تركه وقرن أو تمتَّع فعليه دم.

وقد أطلقنا في جدول الأحكام اسم السنَّة على ما يشمل الفضيلة، واقتصرنا منها على ما فيه الكفاية وما يسعه عمل الناس اليوم، والله الموفق والمعين.


التعليقات