الحلقة الثانية من الحوار مع فضيلة الشيخ محمود ميرة

هذه الحلقة الثانية من الحوار الذي أجراه المشرف على هذا الموقع مع فضيلة العلامة المحدث الشيخ : محمود أحمد ميرة حفظه الله تعالى يحدثنا فيها عن أساتذته في معهد العلوم الشرعية وعن الكتب التي قرأها على شيوخه في المدرسة وفي المساجد ويرى الناظر الكريم صورة للشيخ حفظه الله وعن شماله الأخ عبد الرحمن حجار الذي كان بصحبة المشرف عند لقاء الشيخ.

_ عندما دخلت المدرسة الشعبانية ( معهد العلوم الشرعية ) وانتسبت إلى الصف الأول مَنْ هم أهم الأساتذة الذين درستم عليهم ؟

_ هناك أساتذة كُثُر أذكر منهم : الشيخ محمد الغشيم ، والشيخ عبد الرحمن زين العابدين ، والشيخ أسعد العبه جي، والشيخ سامي بصمه جي ـ وكان يدرسنا مادة النحو ـ ، والشيخ محمد المعدَّل ـ درسنا الحديث في الصف الأول ـ ، والشيخ بشير الصياد، والشيخ عبد السلام طويلة ـ والد الشيخ عبد الوهاب ـ ، والشيخ أحمد أبو صالح ـ أخو الشيخ ناجي أبو صالح ـ ، والشيخ عبد الفتاح حميدة، وكان يدرسنا الصرف ، وكان موظفاً في دائرة الأوقاف ، والشيخ عبد الله سراج الدين.

وكان يدرسنا في مادة الخط الأستاذ الخطاط إبراهيم الرفاعي ، وهو خطاط كبير مشهور، وهو ابن عم الشيخ أحمد الإدلبي ، وكان هناك عندنا أساتذة في العلوم المدنية ، منهم أستاذ الجغرافيا الأستاذ صبحي الجمل ، وكان موظفاً في الأوقاف ، وأستاذ الحساب الشيخ نزار لبنيَّة.

_ والشيخ عبد الله سراج الدين وبقية المشايخ ماذا حضرتم عليهم ؟

الشيخ عبد الله سراج الدين كان يدرسنا مادة التفسير والحديث ، والشيخ أحمد أبو صالح كان يدرسنا الصرف ، والشيخ محمد الغشيم كان يدرسنا الفقه ، والشيخ عبد الرحمن زين العابدين كان يدرسنا النحو هو والشيخ سامي البصمه جي ، والشيخ محمد المعدل كان يدرسنا الحديث ، والشيخ بشير الصياد كان يدرسنا مادة الأخلاق من كتاب ( موعظة المؤمنين ) ، وعندي سجلات في حلب أحتفظ فيها وهي تتضمن تفصيل انتظامي والمواد التي كنا ندرسها . وكان يدرسنا الفقه الشيخُ أحمد القلاش في السنوات كلها .

_ ماعلاقة الشيخ عبد الله سلطان بالمعهد ومتى استلم إدارته ؟

_ الشيخ عطا الصابوني هو الذي أسس المدرسة، وهو الذي رتَّب جميع الأمور ، وكانت المدرسة مهملة لا يستفاد منها فنظَّمها وأصلحها ووضع نظام الدراسة فيها بالاشتراك مع بعض الأساتذة .

_ هل كان للشيخ عطا صلة بالشيخ راغب الطباخ ؟

_ لا أدري إن كانت له علاقة خاصة به أو لا ، لكن الشيخ راغب درسنا العروض والحديث والتاريخ.

ـ مَنْ من الأساتذة درسكم في الصف الثاني:

في السنة الثانية أضيف إلى الأساتذة : الشيخ إبراهيم الترمانيني ، والشيخ محمد راغب الطباخ ، والشيخ أبو الخير زين العابدين ، والشيخ بكري رجب، و آخرون سواهم .

_ يبدو أن الشيخ أبا الخير لما درسكم كان شاباً ؟

_ نعم وكانت نفسيته نفسيةَ مَلِك .

_ وماذا درسكم الشيخ أبو الخير؟

_ درسنا الشيخ النحو من كتاب ( مغني اللبيب ) ، والمنطق كتاب السُّلَّم ، ودرسنا مواد أخرى لا أذكرها.

وماذا درسكم الشيخ راغب؟ وما هي الكتب الأخرى التي قرأتموها على مشايخكم؟

الشيخ راغب الطباخ درسنا الحديث والتاريخ والعروض ، وكان يدرسنا في التاريخ كتاب ( عظة الأبناء ) وهو من تأليفه ، وهو كتاب قيم ومختصر ، وفي مادة الحديث كان يدرسنا كتاب ( الشمائل المحمدية ) للترمذي ، درسنا قسما منه ، والقسم الثاني درسنا إياه الشيخ عبد الله سراج الدين.

وأما الشيخ بكري رجب فكان يدرسنا مادة النحو ، والشيخ إبراهيم الترمانيني كان يدرسنا الحديث ، وهو متمكن ، وأظن أن له قرابة من الشيخ أحمد الترمانيني.

_ كم سنة عاش الشيخ إبراهيم الترمانيني؟

_ لا أدري، لكنه كان كبير السن يعتمد على عصاه، وكان حاضر البديهة عالماً خفيف الروح، حاضر النكته، له مشاركة في الكتابة في صحف حلب ، ثم مرض وعدناه في بيته ولم تطل مدة تمريضه رحمه الله. وكان رئيس المحكمة الشرعية في حلب ، وله صلة وثيقة بالشيخ الزرقا، وكان عالماً واسع الاطلاع ، درس في مصر في الأزهر ، وكان أثناء تدريسه لنا يحكي لنا حكايات عن دراسته في مصر ، وعن شيوخه وسيرته معهم .

ـ هل هناك شيوخ آخرون درَّسوكم في معهد العلوم الشرعية ؟

الأستاذ حامد هلال ، والشيخ محمد بلنكو درسنا مادة آيات الأحكام ، والشيخ عبد الله حماد كان أستاذ الفقه الشافعي ، وهناك الشيخ عبد الله خير الله ، كان يدرسنا الفقه الحنفي ؛ لأننا كنا ندرس المذهبين ، والشيخ محمد الملاح ، والشيخ أحمد القلاش درسنا الفقه والبلاغة ، والشيخ محمد زين العابدين جذبة درسنا المنطق لفترة ، ثم سلَّم التدريس للشيخ أبي الخير زين العابدين ، والشيخ الجذبة كان يدرسنا مادة الحديث ، وكان موظفاً في الأوقاف ، والشيخ مصطفى الزرقا كان يزور مدير المعهد (الصابوني) ويستشيره فيقترح ما يراه، وقد أشار عليه بعض الأساتذة منهم الشيخ عبد الرحمن زين العابدين وكان قد درسنا النحو والعقيدة في قسم العقائد من كتاب «إحياء علوم الدين».

متى درسكم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة وما هي المواد التي درستموها عليه؟

الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله عاد من مصر عام 1952 فانضم إلى مدرسي المعهد وأصلح بعض المناهج، وشارك في تأمين الكتب الدراسية للطلاب مجاناً، وقد ساعد جزاه الله خيراً في شرائها من مصر وشحنها لحساب المدرسة وتوزيعها على الطلاب.

ودرسنا الصرف في السنة الثانية ، وبعدها أخذ البلاغة أيضاً ودرسناها من الجزء الرابع من كتاب «الدروس العربية» ، كما درسنا أيضاً مادة أصول الفقه في متن المنار مع شرحه.

والشيخ أسعد العبه جي درسنا في السنة الثالثة والرابعة من المعهد ، درسنا مادة الأصول ، وكذلك درسنا أيضاً الشيخ أمين الله عيروض، والشيخ علاء الدين علايا ، والشيخ محمد العلاف .

_ هل كان الشيخ علاء علايا من جماعة الشيخ محمد النبهان ؟

_ لا أذكر ذلك لكنه كان حرَّ الفكر ، ذكياً يجيد التعامل وحسن التصرُّف ، وصار بعد ذلك مفتشاً لمادة التربية الدينية في مديرية التربية في حلب .

_ من كان مشاركاً لكم في الدراسة ؟

_ كان ممن رافقني في دراستي : الشيخ مصطفى الأعزازي ، والشيخ عمر العطار ، والشيخ محمد ربيع العطار ، والشيخ محمد الجميلي ، والشيخ محمد ديب عبده ، والشيخ محمد أديب ترمانيني ، والشيخ عبد الباسط حسون الابن الكبير لأستاذنا الشيخ أديب حسون ، وكانت لي به صلة وصداقة وحب ، كذلك كان معنا بعض الطلاب ، وكان عددنا في الصف 12 طالباً.

_ كم سنة درستم في معهد العلوم الشرعية ؟

_ سبع سنوات من عام 1948 إلى عام 1954.

_ ماذا عملت بعد تخرجك ؟

_ أنا حججت في عام 1954 ، وكنت كل أيامي في الدراسة. في المعهد أدرس من الصباح إلى الظهر ، ومن الظهر أحمل كتبي وأذهب إلى العمل مع الوالد ، وأكمل حتى المساء معه ، وأعمل على حسابي ، أحمل اللَّبِنَ على ظهري ، كل يوم أحمل مئة لبنة ، وآخذ ليرتين ونصفا ، وأشتغل في بعض الأعمال الخاصة لأجمع ما يؤمن حاجات البيت ، ومصروف الكتب ؛ لأني كنت مغرماً بشراء الكتب واقتنائها بالقدر الذي يتوفر لي مع قلته .

_ هل كان لكم دروس خاصة تحضرونها مع بعض المشايخ ؟

_ نعم ، كنت أحضر بعض الدروس عند الشيخ محمد عمر ياقتي، والشيخ أحمد الشماع، والشيخ عبدالله سراج الدين . كنت أحضر بعض الدروس الخاصة عند بعض المشايخ .

علمت أنكم انقطعتم عن الدراسة مرة ثانية، فما السبب في ذلك وكيف عدتم إلى متابعة الدراسة ثانية؟

عندما كنت طالباً في الصف الثاني كان راتب الشهر أربع ليرات ، وكنت أعمل بليرتين كل يوم ، هذا إن وجدتُ العمل ففي الشتاء يوم أعمل ويومان لا أعمل ؛ لأنه قد ينزل مطر فلا يوجد عمل ، ففكرت في ترك طلب العلم لأسدَّ حاجة أسرتي، وفعلاً ذهبت وشاركت شخصاً اسمه محمد رزُّوق ، من حارتنا ، وعملت في دكان بقالة فترة شهر أو أكثر، وانقطعت عن المدرسة والدراسة .

وكان الشيخان اللذان لهما فَضْلٌ عليَّ فأعاداني لطلب العلم: الشيخ أحمد القلاش ، والشيخ محمد الملاح ؛ لأننا كنا نقرأ على الشيخ القلاش بعض الكتب في جامعه (بانقوسا) منها شرح ابن عقيل لألفية لابن مالك ، وكنت أقرأ على الشيخ الملاح حاشية ابن عابدين في الفقه الحنفي، وقرأ لي كثيراً من الكتب منها حاشية الباجوري على شرح ابن قاسم، وحاشية الخضري على شرح ابن عقيل ( رحمه الله وغفر له ) .

_ من كان يرافقكم عندما قرأتم على الشيخ الملاح ؟

_ في الأول كنت أقرأ بمفردي عند الشيخين القلاش والملاح . أما عند الشيخ أحمد القلاش فرافقني الشيخ عمر العطار ، وأخوه محمد ربيع العطار ، كلاهما كانا يرافقاني ، فكنا نحضر عند الشيخ من الصباح حتى الظهر ، يجلس الشيخ فيدرسنا ، وقد أنهينا الألفية مع شرحها في سبعة عشر يوما ، والشيخ القلاش صاحب همة ونشاط ، وعنده وسيلة للتفهيم جيدة وتضحية وبذل .

وإلى الحلقة الثالثة التي يحدثنا فيها الشيخ عن رجوعه إلى المدرسة بعدما قرر الانقطاع عنها وعن ذكرياته مع الشيوخ الذين قرأ عليهم وانتفع بهم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين