حدث في الثاني والعشرين من شعبان معاهدة الدولة العثمانية باسَّاروفيتز مع النمسا والبندقية

في الثاني والعشرين من شعبان من سنة 1130=21/7/1718، وقعت الدولة العثمانية في خيمة في مدينة باساروفيتز، وهي اليوم بوتزارفاك في صربيا، معاهدة باسَّاروفيتز مع النمسا والبندقية، وذلك بعد هزيمتها أمامهما في حرب دامت سنتين، ومثلت المعاهدة نهاية التوسع العثماني في أوروبا، واعتبار نهر الدانوب الحدود الطبيعية للدولة العثمانية.

 

ولم تكن المعاهدة إلا نتيجة للضعف والتخبط الذي كانت سمة الدولة العثماتية في تلك الحقبة، والذي نحتاج أن نتعقبه مبتدئين من معاهدة سابقة مشابهة هي معاهدة كارلوفيتز، والتي أعقبت حرباً دامت 16 سنة بين الدولة العثمانية وبين دول العصبة المقدسة؛ النمسا وروسيا وبولندا والبندقية، وحسمت في معركة زِنتا في 24 صفر سنة 1109= 11/9/1697، حين هزم النمساويون بقيادة الأمير يوجين أمير سافوي، جيش السلطان مصطفى الثاني، فجرت مفاوضات بين المتحاربين انتهت باتفاقية أبرمت في 24 رجب سنة 1110= 26/1/1699، في بلدة كارلوفيتز، وهي كارلوفجي في صربيا اليوم، ويسمي الأتراك المعاهدة بمعاهدة كارلوفجة.

 

وكانت معاهدة كارلوفيتز أول مرة في تاريخ الدولة العثمانية تنازلت فيها عن أراض تسيطر عنها، بعد أن كانت في طور توسع دام عدة قرون، وهي كذلك أول مرة توقع فيها الدولة العثمانية اتفاقية سلام طويلة الأمد تمتد 25 سنة مع النمسا و30 سنة مع روسيا، وهي أيضاً أول اتفاقية وقعتها الدولة العثمانية واعترفت فيها لخصومها من الدول بحدود واضحة ومفصلة، ولا شك أن المعاهدة جعلت من إمبراطورية هابسبورج في النمسا أقوى دولة في أوروبا، وزادت من أطماع الدول الأوروبية في الحصول على المزيد من الدولة العثمانية.

 

وتضمنت معاهدة كارلوفيتز حرية الإبحار في البحر الأدرياتكي لكل السفن، وتنازلت فيها الدولة العثمانية للنمسا عن إقليم ترانسلفانيا وجزء كبير من هنغاريا، وتنازلت لروسيا عن مدينة آزوف ومينائها فصار لها منفذ على البحر الأسود، وأعادت لمملكة بولندا مدينة كامينك وإقليمين آخرين، وتنازلت للبندقية عن جنوب اليونان المعروف بالمورة وعن إقليم دلماسيا على البحر الأدرياتيكي، وهو اليوم كرواتيا، وكانت البندقية من قبل تسيطر عليه وعلى الساحل الشرقي للبحر الأدرياتيكي منذ قرون عديدة، واتفقت الدولة العثمانية كذلك مع النمسا على هدنة مدتها 25 سنة.

 

وجرت معاهدة كارلوفيتز في عهد السلطان مصطفى الثاني ابن السلطان محمد الرابع وفي أيام الصدر الأعظم حسين باشا كوبريلو، والذي بدأ مراجعة شاملة لأسباب التراجع وبدأ في سن سياسات إصلاحية تتلافى وجوه القصور في بنيان الدولة وبخاصة أقاليمها الأوروبية، واستقال هذا الوزير بعد 4 سنوات وخلفه وزير عسكري أراد أن يدخل الدولة في مغامرة ويعيد الحرب مع النمسا ليسترجع ما فقدته الدولة في معاهدة كارلوفيتز، دون أن يأخذ في حسبانه الوضع المهلهل للدولة وجيشها، وكان عاقبة ذلك أن قام عليه بعد سنة الأهالي والعسكر، فعزله السلطان وأتي بالوزير محمد باشا رامي، والذي بدأ في خطة إصلاحية كان من شأنها أن تطيح بعدد كبير من الرؤوس الفاسدة في الديوان السلطاني والجيش، فثارت عليه الإنكشارية، ثم آل الأمر أن تمردوا على السلطان مصطفى الثاني وعزلوه، وأتوا إلى الحكم بولي عهده وأخيه السلطان أحمد الثالث وذلك في 2 ربيع الآخر سنة 1115=15/8/1703.

 

وتسلم السلطان أحمد الحكم وعمره 31 سنة، وحاول بعد هدوء الأحوال أن يقلم أظافر الإنكشارية فأعدم عدداً من زعمائهم، وأتى بزوج أخته حسن باشا الداماد ليكون في منصب الصدر الأعظم، ويتابع الإصلاح، ولكنه لقي مقاومة من الفساد المستشري في الطبقة الحاكمة التي قاومته وعملت حتى عزله السلطان بعد 10 أشهر، وتعاقب على منصب الصدر الأعظم عدد من الأشخاص لا يكاد واحدهم يستقر حتى يعزل، وحرم هذا الاضطراب الدولة من الاستقرار والتخطيط لسياسة مستقرة طويلة الأمد، فصارت سياستها تبعاً لشخصية ومزاج الصدر الأعظم.

 

واستغل الفرصة القيصر الروسي بطرس الأكبر فبدأ في إضعاف السويد وبولندا تمهيداً للسيطرة عليها، مدركاً أن الدولة العثمانية لن تتدخل في ظل هذه الفوضى المهيمنة، وكان يحكم السويد آنذاك الملك شارل الثاني عشر، وكان عسكرياً قديراً محنكاً هزم الروس والبولنديين من قبل، ولكن القيصر هزمه في معركة بولتافا في سنة 1121=1709، فلجأ الملك السويدي شارل إلى الدولة العثمانية وحاول أن يحصل منها على دعم ضد روسيا، وهو مسعى لم يتحقق له النجاح، فقد كان السلطان أحمد الثالث لا يخوض الحرب إلا إذا اضطر لها، ولما أصر الصدر الأعظم علي باشا جورولو أن يعلن الحرب على روسيا عزله السلطان.

 

ولكن استعادة آزوف كانت مبدأ أساسياً لدى أغلب رجال الدولة العثمانية، ولما دخلت قوات القيصر الأراضي العثمانية وهي تلاحق الملك السويدي، استغل ذلك الصدر الأعظم محمد باشا بلطجي وأعلن الحرب على روسيا في سنة 1711، وهاجم القيصرُ بطرسُ الأكبر بيسارابيا ودخل مولدافيا، ولكن العثمانيين استطاعوا إيقاعه مع كافة جيشه في حصار محكم خانق اضطر معه لطلب السلم والتفاوض مع العثمانيين، وتمخضت المفاوضات بين القيصر بطرس وبين الوزير محمد باشا بلطجي عن معاهدة بروث في 1123=1711، وهي معاهدة هزيلة أضاع فيها الوزير انتصاره المحقق هباء منثورا، فقد سمحت للقيصر وجيشه بالانسحاب مقابل إعادة آزوف على البحر الأسود وهدم بعض الحصون التي بناها الروس في المنطقة، وألا يتدخل في شؤون القوزاق، وبعض الشروط المعنوية التي لا تقدم ولا تؤخر.

 

ويعزو بعض المؤرخين هذه الشروط الهينة إلى أن محمد باشا بلطجي لم يكن واثقاً بأن جيشه سيستطيع اكتساح التحصينات والخنادق الروسية، فقد كان الإنكشارية قد أظهروا تململهم من متابعة القتال معتبرين أن ما حدث هو الانتصار الأعظم، واستعجل الوزير بعقد الصلح لأن ملك السويد وخان القِرِم كانا في طريقهما إليه، ووصولهما إليه قبل عقد الصلح يعني استمرار القتال، وتذكر بعض المراجع أن هذا التساهل كان بسبب أن خليلة القيصر الحسناء كاترينا، وإمبراطورة روسيا فيما بعد، شاركت في المفاوضات واستمالت الصدر الأعظم بجمالها ومنحته ما كان معها من جواهر وحلي، ولكن ذلك زعم لا أساس له من الصحة، فلم يقابل الوزير القيصر ولا الإمبراطورة.

 

ووقع البلدان اتفاقية سلام مدتها 25 سنة، ولم تمر عليها بضعة أشهر حتى نشبت الحرب بينهما من جديد، ذلك إن القيصر لم تمثل له اتفاقية بروث إلا ورقة تخلص فيها وجيشه من احصار، ولذا لم تهدم روسيا الحصون المتفق عليها في منطقة آزوف، وقاد السلطان جيشه إلى أدرنة لقتال الروس، وعاد القيصر فطلب السلم، وتمخض الأمر عن معاهدة أخرى وقعها الطرفان في أدرنة في 24 جمادى الأولى سنة 1125=18/6/1713 تنازلت فيها روسيا عن كل أراضيها على البحر الأسود فلم يبق لها عليه أية منافذ، وكان هذا انتصاراً كبيراً للعثمانيين في الظاهر، ولكنه في الواقع أطلق يد القيصر الروسي ليتابع حروبه في أوروبا مع السويد وبولندا بعد أن أمن جانب العثمانيين، فاتجه شمالاً وبسط سيطرته في بحر البلطيق وأسس مدينة سان بطرسبرج، بعد هذا الاتفاق يئس الملك السويدي شارل من إمكان العون العثماني له، فغادر البلاد.

 

وجرى هذا الاتفاق على يد الصدر الأعظم علي باشا الداماد وبعد ثلاثة أشهر من توليه منصبه، وشعر الصدر الأعظم أن الجبهة الشمالية مع روسيا أضحت آمنة فقرر العمل على استرجاع ما فقدته الدولة مع النمسا والبندقية في معاهدة كارلوفيتز قبل قرابة 14 سنة، فانتهز كون البندقية تؤوي إلى أراضيها في دالماسيا بعض متمردي الصرب، ووقوع بعض الخلافات بين تجار البندقية وبين السفن العثمانية، فأعلن في سنة 1715 الحرب على جمهورية البندقية لاسترجاع شبه جزيرة المورة، وهي جنوب اليونان، واستطاع في فترة وجيزة بحملات برية وبحرية منسقة هزيمة البندقية واكتساح هذه المناطق دون خسائر تذكر، ولقي ترحيباً من الأهالي من الروم الأرثوذكس، فقد كان البنادقة الكاثوليك يسيئون معاملتهم، وبدأ بعدها في تهديد المناطق التي تسيطر عليها البندقية في دالماسيا وجزر بحر إيجة.

 

وطلبت البندقية العون من شارل السادس إمبراطور النمسا وأحد أطراف معاهدة كارلوفيتز، وكان قد وقَّع من قريب مع فرنسا معاهدتي رشتات وبادن وأنهى بموجبها حربا مع فرنسا دامت 14 سنة حول وراثة العرش الإسباني، فكان في موقف يمكنه من التحرك، فأرسل إلى السلطان رسالة يطلب منه فيها إرجاع كل ما أخذ من البنادقة وكان قد أعطي لهم بمقتضى معاهدة كارلوفيتز، ودعا السلطان إلى قبول وساطة من الدول الأخرى لحل هذا النزاع، أما إذا رفض السلطان ذلك فإن يعد نقضاً للاتفاقية وبمثابة إعلان للحرب.

 

ورفضت الدولة العثمانية هذا الطلب على الفور دون مناورات سياسية تكسب بها الوقت وتعد جيشها الإعداد اللازم، ولم تدخل في مفاوضات تصل بها إلى حلول وسطية، ولم تتبصر في أن إمبراطورية الهابسبورج في النمسا كانت أقوى دول أوروبا عسكرياً، وأن جيشها كان متطوراً في أسلحته وأساليبه ومناوراته، ولم يسبق له أن هُزِم في معاركه مع العثمانيين ومع الأوروبيين، وأن قائده العسكري الفذّ الأمير يوجين أمير سافوي هو الذي هزم العثمانيين قبل 16 سنة في معركة زنتا، وكان المنطق يقول إن الحرب مغامرة غير مضمونة العواقب مهما اتصف العثمانيون بالشجاعة والثبات.

 

وشنت إمبراطورية الهابسبورج النمساوية الحرب على الدولة العثمانية، واستطاع الأمير يوجين أمير سافوي أن يلحق بالعثمانيين سلسلة من الهزائم الكارثية، كانت قاصمة الظهر منها معركة بترواردين، شمال شرقي بلغراد، في 16 شعبان سنة 1128=5/8/1716، والتي قتل فيها الصدر الأعظم علي باشا الداماد، الذي ما أن رأى الهزيمة حتى خاض المعركة متعرضاً بنفسه للقتل، وصار لقبه: علي باشا الشهيد، ولا يزال ضريحه قائماً في بلغراد، وغنم الأمير يوجين سرادق علي باشا وعدة آلاف من كتبه المخطوطة بالتركية والفارسية والعربية، والتي اعتاد اصطحابها معه.

 

وبعد انتصاره في بترواردين سار الأمير يوجين إلى تيمشوار وحاصرها مدة 44 يوماً حتى استولى عليها، ثم سار إلى هدفه النهائي؛ بلغراد وحاصرها قرابة شهر ونيف، ثم علم أن جيشاً عثمانياً كبيراً ينوف على 150.000 جندي ويقوده الصدر الأعظم الجديد خليل باشا في طريقه إليه، فأصبح بين أسوار المدينة وبين الجيش العثماني الهائل، ولكن الأمير يوجين قرر أن يخلص من الخطر الداهم بهجوم حاسم، وانتهز فرصة حلول الضباب وهاجم جيش الصدر الأعظم الذي فوجئ بالهجوم وتشتت قواته منهزمة، وبعد ذلك بأسبوع استسلمت بلغراد في 15 رمضان سنة 1129=23/8/1717، وهجرها سكانها من المسلمين ولم تعد بعد مدينة تركية مسلمة.

 

وبعد هذه الهزائم سعت بريطانيا وهولندا اللتين تضررت تجارتهما في شرقي البحر المتوسط بسبب الحرب القائمة، للتوسط بين الأطراف المتحاربة، وانتهت المساعي بأن وقعت الدولة العثمانية معاهدة باسَّاروفيتز مع النمسا والبندقية، في 22 شعبان سنة 1130=21/7/1718، كما ابتدأنا حديثنا، ووقع المعاهدة من الجانب العثماني إبراهيم آغا ومحمد آغا واللذان وصفتهم المعاهدة بنائب ناظر الحريم السلطاني ومساعده.

 

وتتكون المعاهدة مع النمسا من 20 مادة، وتنص على قيام السلم مدة 24 سنة قمرية بين الدولة العثمانية والإمبراطورية النمساوية، وتنازلت فيها الدولة العثمانية للنمسا عن آخر معاقلها في هنغاريا؛ إقليم بنات وعاصمته تيمشوار، وهو اليوم في رومانيا، وعن بلغراد ومناطق في شمال صربيا، وتضمنت المعاهدة تنازل البندقية للعثمانيين عن المورة، النصف الجنوبي من اليونان اليوم، مع احتفاظها بجزر البحر الأيوني الواقعة غرب اليونان، وكسبها بعض مناطق في دالماسيا، وهي في كرواتيا اليوم، ووقع البلدان في نفس الوقت اتفاقية تجارية منحت النمسا امتيازات تجارية في أراضي الإمبراطورية العثمانية.

 

ولكون الإمبراطور شارل السادس كاثوليكياً تضمنت المعاهدة فقرة تلتزم فيها الدولة العثمانية بالسماح للكاثوليك في أراضيها بممارسة شعائر دينهم وإصلاح كنائسهم والسماح لهم بالحج إلى القدس، وإطلاق سراح الأسرى في كل طرف، وأن تكون فديتهم معتدلة في حال الفداء، وتضمنت كذلك النص على حرية التجار في السفر إلى أراضي الدولتين، وأن يأمر السلطان أحمد الثالث أمراءه في سواحل الجزائر وتونس وطرابلس وألبانيا بالكف عن التعرض بالقرصنة للسفن التجارية الإمبراطورية، وجدير بالذكر أن داي الجزائر رفض تنفيذ أمر السلطان بهذا الشأن، وأدى ذلك أن اعتبره شيخ الإسلام عاصياً لولي الأمر، ومنعت الدولة العثمانية مندوب الداي من استجلاب الجنود والبحارة الأتراك من الأناضول.

 

وتضمنت معاهدة باساروفيتز فقرة تتعلق بعدد من الأمراء الهنغاريين الذين لم يقبلوا بحكم الإمبراطور النمساوي وحاربوه مع العثمانيين، وتتضمن أن تسكنهم الدولة العثمانية بعيداً عن الحدود ضماناً لكي لا يثيروا المشاكل في أوطانهم، وصدق على المعاهدة الوسطاء البريطانيون، وأضيف إليها ملحق جاء فيه: ليكن معلوماً للباب العالي وللقوى الأخرى أن العصبة القائمة بين صاحب الجلالة المقدسة الإمبراطور وبين جمهوريتي بولندا والبندقية هي عصبة أبدية لا تنقض، وأن أي اعتداء على أحد أطراف العصبة يبيح لكل أعضائها إعلان الحرب والدفاع عن الطرف المعتدى عليه.

 

ووقع العثمانيون اتفاقاً مماثلاً مع جمهورية البندقية يتكون من 26 مادة، ويتميز بتناوله المفصل للقضايا التجارية، مثل السماح للبندقية إرسال ممثل يرعى مصالحها في إستانبول، وتحديد الجمارك التي يتقاضاها كل طرف من تجار الطرف الآخر، والتعويض الذي يدفعه كل طرف عن العبيد الذين قد يلجأون إليه ويعتنقون ديانته، والسماح لسفن البندقية بالرسو في موانئ الدولة العثمانية مثل القسطنطينية وغلطة واسكندرون وقبرص وطرابلس الشام، والدخول للقاهرة وحلب.

 

واستغل الإمبراطور الروسي بطرس الأكبر هزيمة الدولة العثمانية وضعفها، فطلب تعديل المعاهدات القائمة على نحو يسمح للتجار الروس عبور الأراضي العثمانية والاتجار فيها، والسماح للحجاج الروس بالتوجه للقدس والأماكن المقدسة والأديرة، وتضمنت المعاهدة الجديدة التي وقعت في 9/11/1720 فقرة تتعهد فيها روسيا والباب العالي بمنع أن يطغى نفوذ ملك بولندا المنتخب على نفوذ الأشراف، وعدم تمكينه من جعل منصبه وراثيا في عائلته، ومنع حصول هذين الأمرين بكل الوسائل الممكنة بما فيها الحرب.

 

وهكذا نجح بطرس الأكبر في بث الشقاق والتنافر بين الدول المجاورة والمنافسة له: السويد وبولندا والدولة العثمانية، وكان قد حاول في سنة 1717 أن يجتذب فرنسا إلى صفه، فزار باريس وقابل الملك الفتي لويس الخامس عشر ووصيه، ولكن الفرنسيون رفضوا ذلك، ليجد فيما بعد من وزراء الدولة العثمانية من يستجيب لمخططاته.

 

كان من نتائج هذه الحروب والمعاهدات أن ملَّ المجتمع العثماني من ويلات الحروب التي لا تكاد تنتهي، وانصرف إلى الترفه في البنيان والحدائق والفنون والموسيقى، ويسمي المؤرخون الأتراك هذه المرحلة من تاريخ العثمانيين: لاله دوري، أي عصر الزنبق،حيث تميز بأن أصبحت فيه هواية زراعة الزهور، وبخاصة الزنبق، الشغل الشاغل للناس.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين