قولوا لا.... للتطرف  بكل أشكاله - التطرف وأشكاله

قولوا لا ... للتطرف بكل أشكاله

د.محمود أبو الهدى الحسيني

ليس التطرفُ يا ناس تشدُّدًا وغلوًّا في مجتمعاتِ الشرق الإسلامي فقط...
وليس التطرُّفُ مجرَّدَ اعتبارِ بعضِ الشبابِ في المشرقِ مُخالفَهم عدُوًّا يستحقُّ القتل...
وليسَ التطرُّفُ تفخيخًا وتفجيرًا للآخَرين في بعضِ الأقاليم فقط...
علينا أن نفهم أنَّ التطرفَ ظاهرةٌ كبيرةٌ في الغربِ المتطوِّر الذي يتشدّقُ بشعارات الحرية والعدالة والمساواة، ولكن بعيدًا عن تطبيقاتها العملية.
التطرفُ ظاهرةٌ تسري في دمِ رئيسٍ فرنسي يمنعُ حُرّية اللباسِ الذي تختاره المرأة المسلمة في فرنسا..
والتطرُّفُ شهوةُ الاعتداءِ على رمزِ الرحمة والعدالة والفضيلة (النبيِّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم) في الدانمارك وجاراتها الغربية برسمٍ ساخر، لا لأنَّ النبيَّ الكريم قد آذاهم أو أذنب في حقهم، بل لأنَّ عصبيتهم قد أفرزت حُبَّ الاعتداء والإيذاء، ليس إلا...
والتطرُّفُ حربٌ يعلنها شعبُ (سويسرا) على المآذن الإسلامية...
(سويسرا) التي كانت تتباهى بالحريات، والقيم الإنسانية، تنحدر إلى هاوية التعصُّبِ الذي يترفعُ عنه العقلاء والأحرار..
ألم يقرؤوا في حضارتنا كيف ضمنت (العهدةُ العُمريةُ) التي كتبها الخليفةُ ابنُ الخطّاب لهم في عالمنا الإسلامي حفظَ كنائسهم وصلبانهم؟
ألم يسمعوا باعتذار أميرِ المؤمنين عمرَ رضي الله عنه عن الصلاةِ الإسلامية داخل كنيستهم حتى لا يتخذها المسلمون من بعده ذريعةً لاقتحام الكنائس؟
ماذا ستقول مكاتبُ مكافحةِ التطرُّفِ والإرهابِ في بلاد المسلمين، وهي لا ترى إلا تَطرُّفًا واحدًا؟
ألا ترى هذه المكاتبُ التطّرُّفَ الغربيَّ المقابلَ الأكثرَ ضراوةً وحقدًا؟
إلى متى نجلدُ الذات ونعمى عن آلاف الجلاّدين؟
وإذا كُنا نريدُ أن ننشر الوسطية والتسامح فهل أطلقنا أيدي دُعاتهِ ليشاركوا في تعميم هذه الثقافة التي كادت تختنق في زمن المصلحية اللصوصية العالمية؟
وأيضا... أينَ أنتم يا دعاة الوسطية في الغرب، أما آن لكم أن تعقدوا حِلفًا عالميّا لمكافحة التطرّفِ بكلِّ أشكاله؟
نحن نسمعكم بآذانٍ مفتوحة، وننتظرُ أفكاركم التي تعتقدون أنها تدفعُ العالم إلى برِّ السلام، فهل سوف تسمعوننا أيضا بآذانٍ قد تطَهّرتْ من نجاساتِ التعصّبِ القميء، وعقولٍ تقبلُ منطقَ العدالة والحرية والمساواة واحترامِ الحقائق مِنْ أيِّ مصدرٍ كانتْ؟
نحنُ المسلمين لا نتذمّرُ في بلادنا من رؤية أبراجٍ شاهقة في الفضاء فوق الكنائسِ تُقرعُ عليها الأجراس، فلماذا ضاقت نفوسكم بمآذننا الإسلامية فوق المساجد؟
هذه ثقافتنا التي نعتزُّ بها...
فأعيدوا النظرَ في أدواتكم التربوية التي تُخَرِّجُ أغلبيةَ حقدٍ وضَغينةٍ وعصبية...
وإذا كنتم صادقين مع ذواتكم، فاسمحوا لنا أن نشرح لكم معنى: (حيَّ على الفلاح) الذي ينبعثُ من تلك المآذن التي أعلنتم عليها الحرب

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين