دعوة للاطلاع على كتاب (المعين على تدبر الكتاب المبين) للأستاذ مجد مكي

 


في إحدى ليالي رمضان من عام 1426هـ سعدتُ بصحبة أخي الكريم الدكتور يحيى بن عبدالله الشهري، ومجاورته في مكة خلال العشر الأواخر من ذلك الشهر، وكنا نصلي الجماعة في مسجد الشيخ عبدالودود مقبول حنيف بالعزيزية إذا لم نصل في المسجد الحرام، وذات ليلة رأيته يسلم على رجل بعد الصلاة وأنا أنتظره بعيداً، فلما لقيته قال: هل تعرف هذا الرجل الذي كان واقفاً معي؟

قلت: لا.

قال: هذا الأستاذ مجد مكي. وهو من طلبة العلم، وأخبرني الآن أنه انتهى من كتابة تفسير مختصر للقرآن الكريم ودفع به للطباعة.

ومنذ ذلك الوقت وأنا أترقب صدور هذا التفسير.

وقد سمعتُ بصدوره منذ عام 1427هـ لكنني لم أره إلا الأيام القريبة الماضية.

وقد صدر التفسير عن دار نور المكتبات للنشر والتوزيع بجدة - حي السلامة بجوار جامع الشعيبي هاتف 0096626838051، وطبعته الأولى بتاريخ 1427هـ.

وقد سماه مؤلفه:

المُعين على تدبر الكتاب المبين
بقلم: مجد بن أحمد مكي.

يقع الكتاب في 606 صفحات من القطع الكبير، والتفسير مطبوع على حواشي المصحف الجانبيَّة والسفليَّة بحيث لا يزيد كثيراً عن جوانب صفحات مصحف المدينة النبوية.
وقد استهلَّ تفسيره بمقدمة تحدث فيها عن أهمية تدبر القرآن، ومعناه في اللغة والاصطلاح، ثم تحدث عن الحاجة المتجددة لتصنيف تفسير للقرآن الكريم يلائم أهل العصر ولغتهم وأفهامهم.
ثم نقل كلاماً للشيخ عبدالوهاب خلاف رحمه الله المتوفى سنة 1375هـ من مقالة له بعنوان (واجبنا في خدمة القرآن) أنقل لكم هنا الجزء الذي نقله:
قال عبدالوهاب خلاف رحمه الله:
(فأول واجب علينا في خدمة القرآن: وضع تفسير سهل العبارة، حسن الأسلوب، يلائم أساليب عصرنا وثقافتنا، يستبينُ منه المسلمُ معاني المفردات والمراد من الآيات، ويسترشد إلى ما في الآية من هدى ورحمة، ومن دروس وعبر، ليس فيه طول ممل، ولا إيجاز مخل، ولا نحو ولا إعراب، ولا إسرائيليات ولا اختلافات.

وجملة وصف هذا التفسير: أنه تفسير يبين هداية القرآن، ويجعل القارئ والسامع متصلاً بمعانيه والمراد منه، لا مجرد مردد للصوت بألفاظه، وهذا التفسير موجود، ولكنه مفرق ومبثوث في التفاسير، والواجب أن نستخلصه منها، ونحسن الصياغة والترتيب.

ولقد سُئل بعض العلماء: ما خير التفاسير ؟ فقال: خير التفاسير مبثوث في التفاسير. وكثير ما سئل الواحد منا عن خير تفسير تفهم منه الآيات بسهولة، وبدون احتمال عناء في الإعراب، والخلافيات والإسرائليات، فلا نستطيع الجواب عن هذا السؤال.

إن التفاسير التي بين أيدينا قيمة ونافعة، ولكن لا ينتفع بها إلا خاصة الخاصة، ولهذا تعذر على أكثرية المتعلمين من المسلمين أن يتصلوا بمعاني القرآن الكريم، وأن يتعرفوا على ما اشتمل عليه، والمقصود الأول من القرآن: هداه ونوره وما جاء به ).[1]

ثم أشار المؤلف الأستاذ مجد مكي إلى توجهه لكتابة التفسير، وأنه قد بدأه في عام 1422هـ باختصاره لتفسير الخازن وقدمه للطباعة حينها، ثم تراجع بعد ذلك لما رأى أن هذا الاختصار (لا يحقق الغاية المرجوة التي أطمح إليها، ولا سيما فيما يحتاج إليه القارئ المعاصر من معاني جديدة، وترجيحات سديدة، وتوجيهات مفيدة، ولغة تناسب العصر).

وذكر أنه كان أثناء عمله في الكتاب كان يتابع ما يصدره الشيخ عبدالرحمن حبنكة الميداني رحمه الله من تفسيره (معارج التفكر ودقائق التدبر) وأنه كان يراجعه فيما يكتبه، ويعجب بمنهجه وبما فتح الله عليه من فهم عميق، وتدبر دقيق لكتاب الله، فدفعه ذلك إلى إعادة النظر فيما كتبه من التفسير مستفيداً مرحلة بعد مرحلة مما كان يكتبه في تفسيره الذي اصدره تباعاً وفق مراحل النزول حتى انتهى من التنزيل المكي.

ثم أشار إلى محاولته السَّير على منهج الميداني في تفسيره فقال:(ونظراً لطول الكتاب، وكثرة مباحثه، وسعة موضوعاته أولاً، ولاقتصاره على مرحلة التنزيل المكي ثانياً، أحببت أن أقدم للقارئ المعاصر خلاصة وافية مركزة لما كتبه الشيخ في (تفسيره التدبري) ليكون معيناً لمن أراد التعمق في التدبر بالرجوع إلى تفسيره، واستجلاء المعاني الدقيقة منه، وقد التمست خطى الشيخ فيما كتبه في تدبر السور المدينة، مستنيراً ببعض (قواعد التدبر الأمثل) ومستفيداً مما دونه في بعض كتبه الأخرى مثل (ظاهرة النفاق) و (فقه الدعوة) و (أمثال القرآن) و (الأخلاق الإسلامية)... وكلها تدور حول التفسير الموضوعي الذي يتابع مراحل النزول، ويجمع الآيات في موضوع واحد بتناسق وترابط).

ثم ذكر مصادره في التفسير وهي أهم كتب التفسير المتقدمة والمعاصرة من المطولات والمختصرات، والفئة التي استهدفها بتفسيره، وأهم القواعد والضوابط التي التزمها في تفسيره. ثم أعقب هذه المقدمة باثنتي عشرة فقرة عنونها بـ (من أجل قراءة مؤثرة للقرآن الكريم). ثم شرع في التفسير.

وقد تصفحت تفسيره لبعض السور فأعجبني، وأنصحك أخي العزيز بالاطلاع على هذا التفسير والاستفادة منه فأرجو أن يكون من أجود التفاسير المختصرة المعاصرة. جزى الله مؤلفه خيراً وبارك في علمه.

الرياض في 11/5/1429هـ

[1] انظر المقالة بتمامها في مجلة كنوز الفرقان العدد الأول من السنة الرابعة عام 1371.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين