جدائل للأقصى.. رسالة إلى الشيخ القرضاوي - جدائل للأقصى

جدائل للأقصى ... رسالة إلى الشيخ يوسف القرضاوي

السبيل د. ديمة طهيوب

شيخنا العلامة يوسف القرضاوي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يخبرنا القرآن أن الضعف والهوان قد يستشري بالأمة لدرجة تجعل الرسل يصابون باليأس، فكيف بنا نحن عامة الناس، ونحن نرى أحوالنا تنحدر من مصيبة إلى كارثة فوق الأرض وتحت الأرض، ولا نملك أن نفعل شيئا، فالوهن وحب الدنيا يحبس أجسادنا، وإذا تحركت أجسادنا أوقفتنا الحدود ومعاهدات السلام والحماية فيكون رصاص ذوي القربى أو سجونهم أقرب وأسرع إلينا من سجون الأعداء! وإذا كان هذا حال الرجال والجهاد عليهم فرض عين، فكيف بحالنا نحن النساء، ولمّا يُعلن النفير العام الذي تخرج المرأة بعده بغير إذن وليها، ماذا تفعل النساء إذا كان الرجال قعودا؟ وإذا لم نستطع الجهاد بالنفس فهل نترك جهد المقل؟
لقد كان للنساء دور كبير في استنهاض الهمم للجهاد، ففي قصص التاريخ أن امرأة اسمها ميسون من أهل دمشق جاءها استشهاد أخوتها الأربعة، وكانوا كل أهلها، في يوم واحد في جهادهم ضد الصليبيين، فجاءتها النساء ليواسينها فقالت لهن: إننا لم نخلق رجالا نحمل السيوف، ولكن إذا جبن الرجال لم نعجز نحن عن العمل! هذا والله شعري أثمن ما أملك أنزل عنه قيدا لفرس تقاتل في سبيل الله لعلي أحرك به هؤلاء الأموات!!
وأخذت المقص وجزت شعرها وفعل النساء مثلها ثم جلسن يضفرنه، لا لحفل زفاف أو ليلة عرس، وإنما لجاما لخيول المسلمين وأرسلن الجدائل المضفورة إلى خطيب الجامع الأموي حفيد الامام ابن الجوزي، فأخذها والدموع ترقرق في عينيه وصعد المنبر يصرخ: "يا أيها الناس، ما لكم نسيتم دينكم وتركتم عزتكم وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم، يا ويحكم أما يؤلمكم ويشجي نفوسكم مرأى عدو الله وعدوكم يخطو على أرضكم التي سقاها بالدماء آباؤكم ،أما يهز قلوبكم أن إخوانا لكم قد أحاط بهم العدو وسامهم ألوان الخسف، أما في البلد عربي؟! أما في البلد مسلم؟! أما في البلد إنسان؟!
العربي ينصر العربي، والمسلم يعين المسلم، والإنسان يرحم الإنسان!! من لا يهب لنصرة إخوانه لا يكون عربيا ولا مسلما ولا إنسانا! أفتأكلون وتشربون وتنعمون وإخوانكم هناك يتسربلون باللهب ويخوضون النار وينامون على الجمر؟.. فإلى الخيول، وهاكم لجمها وقيودها.. لقد صنعتها النساء من شعورهن لأنهن لا يملكن شيئا غيره! هذه والله ضفائر المخدّرات التي لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظا قطعنها، لأن تاريخ الحب قد انتهى وابتدأ تاريخ الحرب في سبيل الله، إنها من شعور النساء...ألم يبق في أنفسكم شعور" وألقى الشيخ الجدائل على رؤوس الرجال فصاح الناس صيحة ووثبوا على الخيول يطلبون الشهادة فجاء نصر الله مضفرا بجديلة امرأة أحيت أمة
شيخنا الفاضل
بنا والله اشتياق للعزة... بنا لوعة إلى الكرامة.. بنا حرقة إلى النصر.. بنا رغبة أن نكون مثل أمهاتنا..
لقد انتهى زمن الحب لنا أيضا، لأننا لا نريد أن نحب رجالا متخاذلين عن نصرة دينهم ولو بأضعف الإيمان.
شيخنا الفاضل: كما خرجت لغزة في وفد من علماء الأمة اخرج مرة أخرى للأقصى، اخرج لنعطيك جدائلنا وفي مقدمتها جديلة خنساء فلسطين أم نضال فرحات وأسيراتنا المحررات، اخرج لنعطيك جدائلنا وأعطها لمن يسرج قنديلا للأقصى، لمن يثبت مرابطا في الأقصى، لمن يرمم ما هُدم في الأقصى، لمن يُجري آبار الأقصى، لمن يكفل تكيات ومدارس الأقصى، لمن يزرع ويسقي زيتون الأقصى... لمن يفعل أي شيء من أجل الأقصى.
خذ جدائلنا وأعطها لمن يراها حرمة دونها النفس
في يوم ما أخرجنا من فلسطين الخوف على العرض.. فهل يعيدنا إليها الانتصار له؟

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين