حالنا مع اليهود عقدة لا تحلها إلا القوة - القوة واليهود

حالنا مع اليهود عقدة لا تحلها إلا القوة!

بقلم: فضيلة الشيخ محمد الحامد


الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته.
وبعد: فهمٌّ أقلقني وأبعدني عن الهدوء، وزجَّ بي في غَمَرات الحُزْن ولم لا أحزن والخطر يدنو والشرُّ يكبر والأمرُ لا يزداد على الأيام إلا شدَّة، وقوى الشر لا تنفك تؤيد العدو المغتصب وتدفع عنه وتمده بما يزيده لجاجاً في باطله وإمعاناً في غيِّه.
أي شر هذا الشر الذي مُنينا به وأية غفلة غفلتنا عن تقدير حقيقته؟ الويل لنا إن دامت غفلتنا وطال نواؤنا على الأباطيل وتعلقنا بالأماني والأحلام دون أن نواجه الحقائق المُرَّة القاسية.
اليهود أهاروا ألمانيا الدولة العسكرية في حربين عامتين متواليتين بمكرهم الخفي وكيدهم الدائب مع أنها فطنت لهم ونكلت بهم تقتيلاً وتشريداً فما أغنت عنها فطنتها شيئاً، فما القول فينا ونحن في بدء التكون العسكري وأول الظهور السياسي؟
هل من الحزم أن ننام على الوهم ولا نُقدِّر عدونا الماكر الخبيث قدره لنعمل على إحباط خططه التي إن تمَّ له تنفيذها كانت كارثة لم يمرَّ العرب والإسلام شبيه لها أو نظر؟ سوف لا نذكر حروب الصليبيين ولا إغارات التتار بجانب الشر المُبيَّت لنا من هؤلاء اليهود الذين هم أشدُّ الناس عداوة للذين آمنوا كما ينطق القرآن الكريم.
ومن المؤسف أنَّ جانباً من خططهم نفذ بالمساندة الفاجرة لهم من خصوم الإسلام وأعدائه فخلت بلاد من أهلها، وامتهنت كرامات، وديست مُقدَّسات ووقعت هزيمة...، وما كان كل هذا ليعيد إلى جمهرتنا رشادها الذي أضاعته باللهو والعبث وسلوك السبل التي لا تفضي بسالكها إلا إلى التحطم في الهاوية.
يا قوم أحسنوا صلتكم بالله وادخلوا حصنه الآمن وهو الإسلام المحصن إيماناً صادقاً وعملاً صالحاً وتطبيقاً لنظم الدين في الشؤون كلها. أعيدوها إسلامية أولية في السياسة والحرب والسلم والحكم والبيت والمسجد والمدرسة والشارع.
خذوا لأنفسكم أماناً من عقاب الله واستنزلوا نصره العزيز بنصركم دينه وإقامتكم كتابه وتحكيمكم شرعه: [الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ(41)]. {الحج}..
الطرق كلها مسدودة والأبواب جميعها مغلقة إلا طريقاً واحداً وباباً واحداً ـ طريق الإسلام المنير الحكيم الذي ينتهي بالسائرين فيه إلى باب السعادة والعزة والرضوان والمغفرة وهو مفتوح على مصراعيه وربنا سبحانه يدعونا إليه.
الذي أنقذ البلاد من الصليبيين هو هذا الإسلام وهو نفسه الذي طرد منها التتار، هو الذي أثار الحماسة وبعث القوة وأحيا الطمع في الشهادة بعد أن خلط القلوب المؤمنة بعضها ببعض وألف بينها فكان الفوز ونزل النصر.
وبعد فقد ضرب الله لنا الأمثال وأوقفنا على محض الحقيقة التي تستتبعها غلبة العدو، أرانا من هذا النحو عبراً شتى كي يصبح لنا اعتبار ويحصل اتعاظ فما اعتبرنا وما اتعظنا وخدعنا أنفسنا بالتسويلات الشيطانية، والأماني الكاذبة.
نظرة إلى مخيمات اللاجئين وهي آخر تلكم الأمثال ضرباً، تكفي للاستبصار لو كانت دارية وكان رشاد. حقاً أن تلكم المخيمات من حجج الله بعد حججه، أقامها فينا مواعظ صامتة هي في صمتها أبعد أثراً في النفس الواعية من النطق الواعظ.
هل تنظرون إن امتد خرطوم العدو إلا تقتيل الأبناء والولوغ في النساء وتقويض دعائم الإسلام وتهويد الذرية واستعباد الأمة.
هل تنظرون إن داموا في فلسطين، إلا إلقاء بذور الفساد في الجماعات والأفراد فإن اليهود أرسخ الناس قدماً في مقام المكر وأحذقهم للفتن بعثاً لها من رقادها وقد كادوا للإسلام منذ نشأته الأولى وصدموه في عراك مُسلَّح يعرف هذا كل من درس التاريخ، وما وقعة الأحزاب وحصار المدينة إلا صنع أيديهم ونتاج أفكارهم أرادوا بها وأد الإسلام وقتل النبي عليه الصلاة والسلام وسبي بناته وأزواجه ونساء المؤمنين بعد أن يكونوا شفوا صدورهم قتلاً وولوغاً في دماء الأصحاب عليهم رضوان الله.
ومن قبل همُّوا بقتل النبي عليه السلام بإلقاء حجر عليه حين أتى بني النضير منهم يستسلفهم دية قتيل قتله بعض أصحابه، وجلس مستنداً إلى جدار فائتمروا بينهم بالسوء فأوحى الله إليه فخرج من بينهم ثم حاصرهم حتى جلوا، وفيهم أنزل الله: [وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ] {الحشر:3}.
ولما دفع الله عن الدعوة وسلمها وقتل من قتل منهم وقطعهم في الأرض أمماً التفتوا إلى الدسِّ والفتنة فكان قتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وكان وكان...
وإنَّ الفرق الباطنية بشتى ألوانها ومختلف مسالكها هي من ولائدهم فهم الذين فتنوها وسلخوها عن جمهور المسلمين.
حالنا مع اليهود لا تقبل هدنة ولا تدنو من صلح، إنها عقدة لا تحلها إلا القوة وإنهم ليسابقوننا إليها ليأكلونا بها ويذيبونا في أحشائهم فلنأخذ نحن بأسباب هذه القوة التي تخضد شوكتهم وتكسر رؤوسهم وتردهم على أعقابهم مدحورين، وإنها لتعتمد قوة النفس وصلاحها وصلتها الوثقى بالله تعالى العزيز القدير ناصر المؤمنين، كما تعتمد إعداد السلاح، ولن تتم القوة والميوعة أصل معتمد والحرب للدين طريق معبد، ومحاربة الله بالفسق عن أمره معلن بها.
التقوى عنصر النصر الأقوى: [وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ] {البقرة:194}.
الحرب بيننا وبينهم واقعة حتماً إن لم تكن حالاً فمآلاًَ فقد أخبر بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطبراني عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: >لتقاتلن المشركين حتى يقاتل بقيتكم الدجال على نهر الأردن أنتم شرقيه وهم غربيه<.
وروى البخاري ومسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: >لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه اليهودي يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله<.
وهذا الحديث الشريف يعني أننا منصورون عليهم آخر الأمر حين تنقشع عن قلوبنا سحب الأوهام وتتبدد ظلمات الغفلات عن الله ونستمسك أشد استمساك بدينه المتين.
ألا فلنصخ بسمعنا إلى دعوة الحق ولنألف الألفة ولنفارق الفرقة، فالألفة رحمة والفرقة عذاب وإن تصدع صفوفنا قوة كبرى لعدونا علينا يبعث بها إليه المفرقون المشاغبون، اللهم ألِّف بين قلوبنا، وأصلحنا، وأصلح ذات بيننا. واهدنا إلى الحق وإلى طريق مستقيم آمين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين