رئيس وزراء فريد!! - اسماعيل هنية

رئيس وزراء فريد

ليس من طبيعتي مدح المسؤولين أو الثناء عليهم، لأن الكل يعرف أعمالهم، لكننا نعيش ظاهرة فريدة في هذه الأيام، بطلها "رئيس وزراء" لم يعترف به قادة العالم، تحت الضغط اليهودي الأمريكي، وهذا الرئيس يذكرنا بما قرأناه عن قادة المسلمين السابقين، من سلفنا الصالح، الذين جمعوا بين قوة الإيمان، وحسن العمل، وروعة السلوك، وعظمة الجهاد!
إن رئيس الوزراء "إسماعيل هنية" يعتبر ظاهرة عجيبة مؤثرة، في عصر "الجدب" الروحي والنفسي والديني، الذي يرسخه المسؤولون في عالمنا الإسلامي المنكوب بهم، وإن ما يقوم به هذا الرئيس المنتخب لا يمكن أن يقوم به أي مسؤول غيره.. مما جعل له محبة حقيقية في قطاع غزة وفلسطين كلها، ويحبه الصالحون في عالمنا العربي والإسلامي كله.
عندما شكّل الوزارة أول مرة اتهمه - بل شتمه - أحد أذناب السلطة في رام الله، عندما قال: إنها مأساة أن يصبح إمام مسجد رئيساً لوزراء فلسطين!! وكأن الشرط في من يكون مسؤولاً في عالمنا العربي أن لا يكون تقياً ولا عفيفاً، ولا طاهراً ولا نظيفاً، ولا أميناً، ولا زاهداً ولا متواضعاً.
يعجبك في "هنية" أنه لم يغادر بيته (براكيته) في المخيم، الذي أقام فيه طيلة عمره، ولم يُغْره المنصب، لأنه كبير قبل أن يكون رئيساً للوزراء، ومن لم يكن كبيراً في الأصل فإن المنصب لا يزيده كرامة ولا منزلة.
يعجبك في "هنية" أن ابتسامته لا تفارق وجهه البشوش، المشرق، قبل أن يلي منصبه وأثناءه، فهو يبتسم حتى وهو يمر بأصعب وأحلك الظروف، وكلنا يعلم أوضاع الرجال في غزة والأخطار التي تتهددهم.
يعجبك في "هنية" تواضعه وبساطته، في لباسه وزيه، وفي تصريحاته وكلامه، وفي زياراته وتحركاته، وفي اتصاله بالفقراء والمحتاجين.
إنه "مسؤول فريد" متعدد المواهب والكفاءات، يقوم بواجبه باعتباره رئيساً للوزراء، ويواصل اتصالاته بالقادة والمتعاطفين في العالم العربي والإسلامي والدولي، لتخفيف معاناة الحصار عن المجاهدين المرابطين في القطاع.. ويواصل اتصالاته بالناس في المخيمات والقرى والمراكز والتجمعات في القطاع، يؤاكلهم ويشاربهم ويواسيهم ويمسح على جراحهم وآلامهم، وإذا حانت الصلاة يهرع إلى المسجد يؤم المصلين، ويقرأ القرآن بصوته الرخيم الشجي العذب، وما أجمل صوت هنية وهو يرتل القرآن ويتلوه حق تلاوته.. ويخرج من المسجد متواضعاً، يلبس الدشداشة والشبشب، ويضع الطاقية على رأسه.. هكذا يكون التواضع والزهد والبساطة والثورة على "الإتيكيت الآسر" ويعتلي المنبر ليخطب الجمعة بلغة عربية فصيحة.. ويقنت في الصلاة داعياً متضرعاً بخشوع، يبكي ويُبكي مَن حوله.. ويذهب في الصباح إلى "الملعب" ليلعب كرة القدم مع إخوانه.. والأهم من هذا كله أنه أتم قراءة القرآن كله بالإسناد المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحصل على "الإجازة" بذلك!!
فهنيئاً يا هنية كل هذه الأعمال العظيمة، ومبارك لك إجازتك القرآنية. والحمد لله رب العالمين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين