كيف يستفيد أطفالنا من رمضان ونحببهم بالصيام - تربية الأطفال على الصيام

كيف يستفيد أطفالنا من رمضان ونحببهم بالصيام

في كلّ عبادةٍ من العبادات نظام تربويّ دقيق ، يشمل كلّ فئات الأمّة ، ربّما اهتدى إلى جانب منه بعض الناس ، فنعموا بنفحاته وبركاته ، ولكنّ أكثر المسلمين عنه بعيدون وغافلون ، والعبادة تؤدّى كعادة من العادات ، ومن ثمّ فهم لا يقطفون ثمرات العبادة ، ولا تحقّق في حياتهم مقاصدها وأهدافها .. فمتى نتّخذ من تكرار العبَادة في حياتنا مناسبة للتفهّم لها وحسن الاستفادة منها .؟! وسبيلاً للغوص في أعماقها ، واكتشاف دررها ولآلئها .

وإنّه لينبغي على الوالدين أن يغرسَا في نفوس الأطفال المعاني التالية عن الصيام ، على حسب ما يتناسب مع سنّ الطفل واستعداده :

1 ـ أنّ صيام شهر رمضان ركن من أركان الإسلام ، لا يتمّ إسلام المسلم بدونه .

2 ـ فضل الله العظيم ، وثوابه الجزيل لمن يصوم رمضان إيماناً واحتساباً .

3 ـ أنّ الصوم يربّي في نفس المؤمن رقابة الله تعالى ، ومحبّته وخشيته ، وإخلاص العمل لوجهه الكريم .

4 ـ وعلى الصائم أن يتحلّى بآداب الصيام ، فيحفظ سمعه وبصره ممّا حرّم الله ، ويكفّ لسانه عن اللغو والغيبة والنميمة ، ولا يرفث ، ولا يفسق ، ويعمر أوقاته بتلاوة القرآن الكريم ، وذكر الله تعالى وطاعته ، وكثرة دعائه والتضرّع إليه .

5 ـ والصيام يعلّمنا ضبط الإرادة ، وتربيتها ، وتقويتها ، وتهذيب رغبات النفس ، فما كلّ ما تشتهي تستطيع الوصول إليه ، وما كلّ ما تحرص عليه من مصلحتها وخيرها أن تبلغه وتناله ..

6 ـ والصيام يربّي نفوسنا على أنّ في المأكولات والمشروبات والمشتهيات ما هو من الخبائث ، التي حرّمها الله على الإنسانِ ، فينبغي عليه أن يعفّ نفسه عمّا حرّم الله عليه ، ليكون عبداً لله خالصاً ، ومؤمناً بالله تعالى حقّاً ..

وإذا أردنا أن يستفيد أطفالنا من شهر رمضان ، وينشئوا على حبّ الصيام ، فعلينا أن نتّبع ما يلي :

1ً ـ أن نحسن استقبال شهر رمضان ، بما يتناسب مع قدره ومكانته ، ونبتهج بقدومه ، الابتهاجَ الشرعيّ الذي يحقّق أهدافَ الصيام ومَقاصده .

2ً ـ ألاّ نأمر أطفالنا بالصوم إلاّ إذا قدروا عليه ، فالأمر بالصوم يختلف عن الأمر بالصلاة ، وألاّ نتهاون بأمرهم بالصوم إذا قدروا عليه بدافع الحبّ والشفقة .

3ً ـ وأن نقدّم لهم الهدايا والجوائز اليوميّة المحبّبة بالصيام ، كما كان السلف يفعلون .

4ً ـ أن يكون للأسرة نظام محبّب للنفوس خاصّ برمضان ، يحقّق مقاصده وأهدافه ، من حيث العادات في المأكل والمشرب ، والنوم ، وحسن الاستفادة من الوقت بما يتلاءم مع فضل هذا الشهر وخصائصه ..

5ً ـ أن يتمّ إعْلانُ شعارات في رَمضان على مسْتوى الأسرة ، تتناسب مع قدسيّة هذَا الشهر وعظيم فضائله ، وأن نحرص على تربية أنفسنا وأولادنا عليها ، ومن ذلك : الجود والإحسان والصدقة على الفقراءِ والمساكين ، واغتنام الوقت والاجتهاد في العبادة ، وكثرة التلاوة للقرآن الكريم ، وحفظ اللسانِ من اللغو والغيبة والنميمة ، وحسن الخلق ، والتحلّي بالصبر وسعة الصدر .

أما والله لو علم الوالدان ما في شهر رمضان من العون لهم على تربية أولادهم ، وسموّ بنائهم النفسيّ والاجتماعيّ لكانَ لهم مع هذا الشهر شأن آخر ..

أخي الوالد المربّي ! ربّما سألك طفلك هذا السؤال : لماذا نصوم .؟ وربّما لم يتجرّأ فلم يسألك ، فلا مانع أن تسأله أنت هذا السؤال ، وتجيبه بما يناسب سنّه واستعداده ، ليؤدّي العبادة لله تعالى بوعي لمقاصدها ، وفقه لحكمها وآدابها ، وليكون له من ثمراتها في نفسه ، وآثارها في سلوكه وعلاقاته مَا يدفعه إلى التمسّكِ بها وعدم التخلّي عنها .

فهل نعي ما في هذا الشهر الكريم من الخيرات والبركات ، والثمرات الطيّبات .؟ وهل نحسن استثمارها في تربية نفوسنا وأولادنا .؟

إنّا لنرجو ذلك بتوفيق الله ونتمنّاه ، والله الموفّق والهادي إلى سواءِ السبيل

نشرت 2009 وأعيد تنسيقها ونشرها 16/4/2022

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين