لقد مضى عهد النوم - المطلوب في شهر رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد مضى عهد النوم
الشيخ : أحمد الشريف النعسان
الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد فيا عباد الله:
مقدِّمة الخطبة:
لقد ذكرنا في الأسبوع الماضي ما هو المطلوب منا في شهر رمضان المبارك, وعرفنا ذلك من خلال كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً), فصيام شهر رمضان فرض على كلِّ مسلم ومسلمة, بالغ عاقل مقيم, وقيام شهر رمضان في حقِّنا نافلة.
أما الصيام والقيام فهما فرض في حقِّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, الصيام في حقِّه فرض وذلك لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}, والقيام في حقِّه صلى الله عليه وسلم فرض, وذلك لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّل * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ}, ولقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ}, فالتهجُّد في حقِّه صلى الله عليه وسلم فرض زائد على الصلوات الخمسة, وهذه الزيادة له وليست عليه, لذلك قال تعالى: {نَافِلَةً لَّكَ}.
لذلك علينا أن نستقبل تكليف الله عز وجل لنا بأنه مغنم لنا وليس بمغرم علينا, لأن خير الطاعة عائد علينا وليس على الله تعالى.
هل عرفت الغاية من خلقك؟
أيها الإخوة: كثير من الناس ما عرف الغاية من خلقه, فعاش في الدنيا صغيراً ومات صغيراً, دخل إلى الدنيا وهو فقير, وخرج من الدنيا وهو فقير, عاش في الدنيا يأكل ويشرب ويتمتع كالأنعام, ومآله إلى نار جهنم والعياذ بالله تعالى, كما قال تعالى في حقِّ هذا الصنف من الناس: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُون}, وقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُم}.
ربما أن يكون عاش دنياه مستريحاً حسب الظاهر, ولكنه ما عرف الغاية من خلقه فخسر الدنيا والآخرة, وتحسَّر وندم عند سكرات الموت, ولكنه ما نفعه ذلك الندم ولا تلك الحسرات.
والبعض الآخر عرف الغاية من خلقه, وذلك من خلال قول الله عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون}, فأقبل على عبادة ربه عز وجل, واستغلَّ أنفاس عمره في ذلك.
هل عرفت الهدف الذي تريده؟
أيها الإخوة: وكثير من الناس كذلك ما عرف الهدف الذي يجب عليه أن يصل إليه, فظن أن الهدف الذي ينبغي أن يصل إليه هو المال والجاه والمنصب والسلطان, هو الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوَّمة والأنعام والحرث, فأقبل على هذا الهدف مسرعاً جادّاً, فلما فرح بما آتاه الله أخذه الله عز وجل أخذ عزيز مقتدر, فخسر الدنيا والآخرة, وندم وتحسَّر وما نفعه ندمه ولا حسرته.
والبعض الآخر عرف الهدف الذي يجب أن يصل إليه, وذلك من خلال قوله تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين}, فأقبل على الهدف بجدٍّ ونشاط, وسأل الله تعالى أن يصل إلى هدفه بسلام وأمان.
فمن عرف الغاية من خلقه, والهدفَ الذي يريد الوصول إليه, يعيش كبيراً ويموت كبيراً, وهذا ما ظهر في شخص سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, لقد عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيماً ومات عظيماً.
يحكى أن الطاغية هولاكو سأل أصحابه: من الملك؟ فقالوا له: أنت الذي دوَّخت البلاد, وملكت الأرض, وطاعتك الملوك, وكان المؤذن إذ ذاك يؤذن. فقال: لا, الملك هذا الذي له أزيد من ستمائة سنة قد مات, وهو يذكر على المآذن في كل يوم وليلة خمس مرات, يريد سيدَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الرائع:
أيها الإخوة: إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المثل الرائع لمن أراد أن يعرف الغاية من خلقه, وأن يعرف الهدف الذي يجب أن يصل إليه, قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف الغاية من خلقه, وذلك من خلال قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون}. ومن جملة عباداته صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ}, من عباداته صلى الله عليه وسلم تبليغ الرسالة للناس كافة {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}.
زاده صلى الله عليه وسلم لأداء هذه المهمة:
عندما عرف الغاية من خلقه, أرشده مولانا إلى الزاد الذي يعينه على أداء هذه المهمة, فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّل * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً}.
خاطبه مولانا جلَّت قدرته من قدسه الأعلى أن يقوم الليل إلا قليلاً من أجل راحة جسده, خاطبه أن يقوم الليل للأمر العظيم الذي ينتظره: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً}.
كلماتٌ انتزعت النبي صلى الله عليه وسلم من دفء الفراش, في البيت الهادئ, لتدفعه في هذا الخِضَمِّ, ليتحمَّل العبء الكبير الذي له فيه الشرف العظيم, وصار لسان حال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يقول: (لقد مضى عهد النوم).
فما له وللراحة! وما له وللفراش الدافئ! مع أنه كان صلى الله عليه وسلم يتعبَّد الله تعالى في غار حراء الليالي ذوات العدد.
فإذا بالحبيب الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تورَّمت قدماه الشريفتين يهيئ نفسه للقول الثقيل, الثقيل في ميزان الحق, الثقيل في أثره على القلب, كما قال تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.
قام صلى الله عليه وسلم حتى تورَّمت قدماه لتلقِّي هذا النور العظيم الذي شرَّفه الله عز وجل به, حيث كلَّفه أن يبلِّغه للناس جميعاً, فكان زاده لأداه هذه المهمة قيام الليل.
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف الهدف الذي يجب أن يصل إليه:
أيها الإخوة: إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن عرف الغاية التي خُلِق من أجلها عرف الهدف الذي يجب أن يصل إليه, وذلك من خلال قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}.
وكان الزاد للوصول إلى هذا الهدف هو عين الزاد للوصول إلى الغاية من خلقه, {قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً}, وقال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ} وذلك للوصول إلى الهدف: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}.
لذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم الليل حتى تورَّمت قدماه بركعات قليلة, قليلة في عددها كبيرة في تلاوتها, كان يقرأ في ركعة واحدة سورة البقرة وآل عمران والنساء, كما جاء في الحديث الذي يرويه الإمام مسلم عن سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: (صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ, فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ, فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ, ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ, فَمَضَى فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا, ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا, ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا, يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً, إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ, وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ, وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ, ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ, فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ, ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ, ثُمَّ قَامَ طَوِيلاً قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ, ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى, فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ).
قام هذا القيام لأداء الواجب الذي عليه, وطمعاً في الوصول إلى المقام المحمود الذي يغبطه عليه الأولون والآخرون.
هلاَّ تأسَّينا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم!
أيها الإخوة: بعد هذا أقول: هلاَّ تأسَّينا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقيام الذي يكون زادنا للوصول إلى الغاية التي خُلقنا من أجلها!
إن قيام الليل خير مُعين لنا على تحمُّل التكاليف الشرعية من فعل المأمورات وترك المحظورات, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِين}.
إن قيام الليل خير مُعين لنا للوصول إلى جنَّة عرضها السماوات والأرض, فيها ما لا عينٌ رأت, ولا أذنٌ سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
إن المتقين في جنات وعيون:
أيها الإخوة: ربُّنا عز وجل يخبرنا عن المتقين وما أعد الله لهم, ويخبرنا عن عملهم الذي قاموا به, قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُون * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِين * كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون}.
إن الوصول إلى هذا الهدف وإلى هذه الغاية لا يكون إلا عن طريق واحد ألا وهو العبادة التي خُلِقنا من أجلها, لذلك يعطينا ربُّنا عز وجل صوراً عن أعمال هؤلاء المتقين المحسنين لنسير على سيرهم:
الصورة الأولى:
الصورة الأولى من أعمالهم: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون}, كما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وأصحابه الكرام, قال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ}.
هم الأيقاظ في جنح الليل والناس نيام, هؤلاء هم الصالحون المحسنون المتقون الذين عرفوا الغاية من خلقهم, وعرفوا الهدف الذي يجب أن يصلوا إليه, اللهم اجعلنا منهم.
الصورة الثانية:
الصورة الثانية من أعمالهم: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون}, يتوجَّهون إلى الله تعالى بالاستغفار بعد الطاعات, بعد الفرائض, وبعد النوافل, وبعد القيام بالأسحار, لأنهم عرفوا قول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.
لأنهم تأسَّوا بالحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم الذي كان يقول: (اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي, لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ, خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ, وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ, أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ, أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ, وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي, فَاغْفِرْ لِي, فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ) رواه البخاري.
ووالله لولا أننا عرفنا هذا حديثاً عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لربما تساءلنا: من هذا الذي يدعو بهذا الدعاء؟ ما هو الجرم الذي اقترفه حتى يقول: (أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ).
نعم صدق الله عز وجل القائل: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}, وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ) رواه مسلم.
خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:
أيها الإخوة: يجب علينا أن نجاهد أنفسنا حتى نصل إلى الغاية التي خُلِقنا من أجلها, وحتى نصل إلى الهدف الذي رغَّبنا فيه مولانا عز وجل بقوله: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين}, فزاد القيام يوصلنا إلى الهدفين بإذن الله تعالى.
وأختم حديثي أيها الإخوة بكلام أحد التابعين وهو مُطَرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير رحمه الله تعالى حيث كان يقول: إني لأستلقي من الليل على فراشي فأتدبر القرآن, وأعرض عملي على عمل أهل الجنة، فإذا أعمالهم شديدة، {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون}، {يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}، {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا}، فلا أراني فيهم، فأعرض نفسي على هذه الآية: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَر}, فأرى القوم المكذبين، وأمر بهذه الآية: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا}, فأرجو أن أكون أنا وأنتم يا إخوتاه منهم.
اللهمَّ إنا نسألك أن توفِّقنا لصيام هذا الشهر حقَّ الصيام, وقيام لياليه حقَّ القيام, واشرح صدورنا للإسلام برحمتك يا أرحم الراحمين.
أقول هذا القول وكلٌّ منا يستغفر الله, فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
**    **    **

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين