خمس سنوات وأشواك وورود

 

بعد انقضاء خمس سنوات من انبعاث نداء التوحيد الخالص (ما لنا غيرك ياالله) لم تبقِ العصابة الحاكمة في #سوريا حجراً على حجر ، ولم تتوان? في إهلاك الحرث والنسل بطريقة غير مسبوقة عبر التاريخ كله إجراماً بشعاً،وحقداً دفينا،وغطرسة فرعونية بغيضة لم تستثنِ من إجرامها شجراً ولا حجراً ولا بئراً ،ولا حياً ولا ميتاً،ولا صغيراً ولا شيخاً،ولا امرأة ولا طفلاً رضيعاً أو وليداً.

كل ذلك تم تحت سمع العالم وبصره ،لكن آلة الإعلام السوري لم تتوقف لحظة واحدة عن الكذب والزور والبهتان صفيقةً لعوبة، سمجة غصوبة ، حتى افتضحت دعاويها باعتبار القيم الإنسانية بعدما خدعت الناس بشعارات زائفة مموّهة ردْهاً من الزمان، واغترّ بها كثيرٌ من العوام الغُفل حتى جاء اليوم الذي لم يعد يصدقها فيه حتى معدّي برامجها ومذيعيها أنفسهم، لكثرة كذبهم وخداعهم حتى صار تخبطهم معلناً وسخريتهم مما يقدمون واضحة للعيان.

ومرت الأيام على محنة الشعب السوري وهي تتعاظم محلياً وإقليمياً وعالمياً يوماً بيوم وساعةً بساعة ولحظةً بلحظة .

ولو أنها خمس ساعات لكانت كابوساً مزعجاً ،ولو أنها خمسة أيام لكانت أمداً بعيداً ،ولو أنها خمسة شهور لكانت دهراً محزناً،فكيف بها وهي أكثر من ذلك بكثير،إنها خمس سنوات مامضت إلا بأعشار الثواني وأخماس الدقائق لحظة بلحظة وآهة بآهة، وقناصاً وصاروخاً وسياط عذاب لا تستطيع العبارة أن تنقل نبضها الدامي الأليم ولا أن تصور ملاحمها المعجزة المفرحة .

خمس سنوات تغيرت فيها معالم الإنسان إلى درجة شوهاء عشواء.. 

إذ عرف الملايين فجأة أن لا أمان مع من ظنوا أنهم أمان لهم ولمستقبل أولادهم وأموالهم، وحاولوا إصلاح ماعرفوا فكان الجواب تقتيلاً وتشريداً وتدميراً ممنهجاً مقصوداً، ولكن شعباً صبر أكثر من أربعين عام على كل أنواع العذاب لم يعد يقبل لأجياله أن تتواطأ على السكوت والأرض تُنتَقص من تحتهم، والسماء تلعن ظالمهم من فوقهم، وهم يساقون كالعبيد إلى حتوفهم سجناء أو شهداء أو خرساً وصماً وعمياً، فما بال السنوات الخمس ،إنها تغيير الإنسان وتغيير في حسابات الزمان والمكان ،إنها محوٌ للظلم والظالمين وإحياء لأهل الحق وبناء لحياضه .

فلا تسألوني عن السنوات الخمس، بل اسألوا من طُمست معالمهم تحت الأنقاض واختلطت أجسادهم بالحجارة والحديد، وإن شئتم فاسألوا الملايين المهاجرة وقد هامت على وجهها تحت الثلج وفوق الصقيع لتكون من بعد طعماً للجوارح في الجو أو فرائس للحيتان في البحار .بل اسألوا إن شئتم عن الملايين خلف الأسوار لايرون الشمس ولا نعرفهم أحياءً أو أمواتاً .

سلوا زوجة الشهيد وعندها من أبنائها ثلاثا وقد بترت أيديهم وأرجلهم تحت الخيام قابعين .

وإن شئتم فلتسألوا المرأة الستينية وقد قدمت ستة من أبنائها واثني عشر من أحفادها طيبة النفس لا تقبل أن ترجع عما بذلوا خطوة واحدة إلى الوراء . 

ولتسألوا إن شئتم أم الشهداء الحورانية التي قدمت سبعاً من أبنائها وثلاثاً من أصهارها ، وعندما تُخطب بناتها خارج بلدتها تقول:"والله لانزوج إلا بطلاً مقاتلاً مشروعه الشهادة".

اقرؤوا في عيون أبنائنا العز الشامخ رغم الدمعة الحبيسة والإنسان المقهور لتعرفوا أن السنوات الخمس قد علمتهم الكثير الكثير..

ولنا أن نقول :إن شام العز ما استكانت ولن تستكين رغم الحصار والجوع ، رغم الصواريخ العابرة للمحيطات او القارات ،رغم أنف العدو المتكالب.

 تحت كل حجر وفوق كل ركام: فجر جديد،وأمل بغد قادم حتى يعلو هتافنا بلا سجون ولا قيود حراً مدوياً :"ما لناغيرك ياالله"

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين