دع العوائق وأنطلق - العوائق والإنسان
دعِ العوائقَ .. وانطلقْ ..!!

 إليكَ أيَّها الشاب الطموح، إليكَ يا منْ إذا حطَّ نفسه تأبى إلاَّ العلو، كالشعلةِ من النارِ يُخفيها صاحبها وتأبى إلاَّ ارتفاعاً، إليكَ يا من :
           لهُ هِممٌ لا مُنتهى لكبارِها ** وهمته الصغرى أجلُّ من الدهرِ
 أقول: لن تجدَ الطريقَ مفروشاً لكَ بالورود ! لن تُحققَ آمالك بليلة ! لن تكون الصعاب سلهة بلحظة ! لن تُزاح ( العوائق ) من أمامكَ بلمحة !
     النفسُ تطمعُ والأسباب عاجزة ** والنفس تملك بين اليأس والطمع
 اعلم أخي : أنَّ المكارم موصولة بالمكاره ، والوصول للعلى موصول بالعمل:
          فقلْ لمرجِّي معالي الأمور ** بغيرِ اجتهادٍ : رجوتَ المُحالا !
 حذارِ حذارِ أن تنظر لهذه ( العوائق ) التي تواجهكَ في حياتك نظرة خائفٍ ومتردد ويائسٍ ومتشرد ! فإن فعلت ذلك فستكون من أولئك الذين:
             إذا نهضَ الناس للمكرماتِ ** وقاموا إليها جميعاً قعدْ !!
العوائق كثيرة، وهي تختلف باختلاف الأشخاص، وهناكَ عائقان مشتركان بين جميع الناس غالباً وهما: عائق ( الهوى )، فالنفسُ بطبعها ملولة تميل للهزل أكثر من الجد، تُقدم الراحة على العمل. يقول أبو العتاهية :
       خالف هواكَ إذا دعاكَ لريبةٍ ** فلربَّ خيرٍ في مُغالبةِ الهوى
   حتى متى لا ترعوي يا صاحبي ** حتى متى ؟ حتى متى ؟ وإلى متى ؟
 ستجدُ في مغالبتكَ ( لهواك ) صعوبة، لكن بعد هذه الصعوبة ستجدُ اللذّة، وكلما كان ( العائق ) كبيراً كلما كانت اللذةُ أكبر.
وعائقٌ آخرُ هُوَ ( الخوف من الفشل )، وباختصار أقول: لا بُدَّ من الفشل فهو أمرٌ أساسي في مرحلةِ ( البناء ) . يقول نيلز بور : ( الخبير هو شخصٌ ارتكبَ كُلَّ الأخطاء الممكنة ضمنَ مجالٍ واحدٍ ) ، وإياكَ والنظر إلى الوراء والتأمل في ضياع الماضي وكما قيل : ( كل يوم هوَ بمثابة حياة جديدة بالنسبة للعاقل ) .
 وقد يكون الفقرُ ( عائقاً ) ، لكنه لم يكن عائقاً لكثيرٍ من الذين برعوا وذاعَ صيتهم في جوانب العلم والصناعة والسياسة والاقتصاد، كما يقول الأستاذ محمد البيومي .
لم يكن الفقر عائقاً ( لتشارلزدكنز ) الذي كان لا يجد قوت يومه ويعمل مع والده وفي طريقهما يوماً مرَّا على قصرٍ كبيرٍ فنظر الطفل ( تشارلز دكنز ) ، وقال لوالده : لماذا لا نسكن هذا القصر ؟ فيبتسمُ الوالد وفي قلبه حرقة ويقول : سنسكنه حين تكبر . ثم يُسجن والده ويتشرد الطفل وتضيقُ بهِ الدنيا ثم يلتحق بالمدرسة ويتعلم بالنهار ويعمل بالليل في إحدى الصحف ويقرأ ما يطبع وهكذا ، ثم يظهر نُبوغه فيكتب ويؤلف القصة ، ثم يصير علماً من أعلام الأدب الإنجليزي في زمانه ، وتدور الأيام ويموت صاحب القصر ويتنازع الورثة فيشتريه ( تشارلزدكنز ) .
 انظر أخي لهذه ( العوائق ) على أنها عدو تريدُ عرقلة سيركَ نحو المعالي ، انظر لها ( بأنها تتحداك ) فاعزم على تحديها وتجاوزها .
 واعلم: أنَّ مرحلتك هذه هي مرحلة البناء وإزالة ( العوائق ) فإنَّ منْ عجز عن المكارمِ في صباه كانَ عنها في كِبره أعجز !!
ولا يخلو إنسانٌ من نقصٍ وعيبٍ . قيل لبعضِ الفلاسفة : منِ الذي لا عيبَ فيه ؟ فقال : الذي لا يموت .
فإذا بدأت وانطلقت كن متصوراً الأسوأ في النتائج دائماً حتى إدا ما فشلت لا ينعكسُ هدا الفشل ضد انطلاقك ويوقف سيرك يقول البروفسور وليم جايمس لتلاميذه ( كونوا على استعداد للقبول بالنتائج .. لأن القبول بما حدثَ هو الخطوة الأولى للتغلب على نتائج أي فشل ) .
ويقول الفيلسوف الصيني ليمن يوتانغ ( إنَّ راحة البال الحقيقية تنبع من القبول بالاحتمال الأسوأ ) .   
وممَّا يُعينك في التغلب على ( عوائقك ) قراءة سير العلماء، وذكريات النُبلاء، ومذكرات العُظماء، ومجالسةُ الحُكماء.
لا تقرأ سيرهم وأخبارهم من بابِ الأنس والتسلية !!
يُقال: رأى الحسن – رضي الله عنه – قوماً يتهافتون على جنازة بعض الصالحين فقال: ما لكم تتهافتون على ما لا يُجدي عليكم ؟؟ ها هي الأسطوانة التي كان يلزمها، الزموها تكونوا مثله !
بل اقرأ سيرهم من بابِ الاستفادة من تجاربهم، وكيف اجتازوا عوائقهم !
وإياكَ أيها الفاضل والقلق . يذكر الباحث دايل كارنغي قواعد تقضي على القلق أذكر ثلاثة منها : ( 1 ) تخلص من القلق بالعمل الدائم . فالكثير من العمل هو أفضل علاج يوصف للشفاء من الهموم . يقول جايسم مورسيل : " لن ينال منك القلق عندما تكون منهمكاً بالعمل ، بل حين تنتهي منهُ عندئذ ينطلقُ خيالك إلى مختلف الاحتمالات السخيفة ، وتُضخم كل هفوة صغيرة "   ( 2 ) لا تهتم بالأشياء السخيفة ، ولا تسمح للأشياء التافهة أن تقضي على سعادتك . ( 3 ) للتخلص من القلق اسأل نفسك : ما هو الاحتمال الأسوأ الذي يمكن أن يحدث ؟؟
بادِر أخي ولا تعجز تقول الأستاذة وفاء مصطفى : ( إنَّ الناجحين والمخترعين كانوا في الأصل مبادرين ، ولولا مبادراتهم ما عرفت البشرية اختراعات ) .
وإذا ما انطلقتَ أخي وظهرت عليك علامات النجاح ، وأصبحتَ بعيد الشأو سيظهر في طريقك قُطّاعاً وحُسّاداً توانوا عن المجدِ والمكرماتِ ، آثروا الخمول والكسل ، ينظرون إليك بعين الاستهزاء والسُخرية ! فإيّاكَ أن تلتفتَ إليهم ، دعْكَ منهم ، واستمر ، فإنهم عاجزون ومُثبطون .
واعلم أخيراً : أنَّ بعد الشدةِ الفرج ، وكُلما اشتدَّ الأمرُ هان ، وعندَ تضايق حِلَق البلاء يكونُ الرخاء .
                               والسلام،،،
 نواف بن محمد الرشيد

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين