الرد على خطاب أوباما - خطاب على خطاب
 
الردّ على خطاب أوباما
 
 خطاب على خطاب  .

شكراً لكم أيّها الرئيس .! أن توجّهت أوّلاً بخطابك إلى الأمّة الإسلاميّة ، وخصصتها بحديثك .. فهذا اعتراف منك صريح : أنّ قضايا الأمّة الإسلاميّة واحدة ، بعدما حاول أسلافك والغرب عموماً تقسيمها وتقزيمها ، وتشتيتها وتهميشها ، وعزلها ووضع الحواجز بينها ، واختزالها إلى قضايا قطريّة وإقليميّة وقوميّة ..
وشكراً لكم ثانياً أن اخترت مصر منبراً لخطابك .. وهي كنانة الإسلام ، وقلب العروبة النابض .. وشكراً لكم ثالثاً على ما لمسنا في خطابكم من مصارحة صادقة ، وثقافة عالية ، وطرح مميّز ، بما يخصّ ديننا وتاريخنا من حقائق وقيم ..
ومرحباً بكم في بلاد المسلمين حيث أصولكم وجذوركم ، وأنتم تحاولون تجسير العلاقة ، وردم الهوّة بين بلادكم وبين العالم الإسلاميّ ..
كما أهنّئك من قلبي أيّها الرئيس .! بما حباك الله من ثقافة واسعة ، وصفات عالية ، ومهارات متميّزة ، جعلت مفكّراً قديراً ، وكاتباً كبيراً ، بوزن الأستاذ " روبرت فيسك " يصفك " بأنّك واعظ ، ومؤرّخ ، واقتصاديّ ، وأستاذ في علم الأخلاق ، ومدرّس ، وناقد ، وإمام ، وإمبراطور " ، ويقول : " حتّى كدنا أحياناً ننسى باراك أوباما ، باعتباره رئيس الولايات المتّحدة الأمريكية " ، وأنا أتمنّى لك أن لا تنتهي ولايتك حتّى يضيف هو وغيره إلى هذه الصفات : " مصلح كبـير للسياسة الأمريكيّة " .. ولكنّ لذلك ثمناً ، لا أظنّك تجهله ، أو تخفى عليك ضريبته ، ولكنّها تبقى ضريبة الحرّيّة والكرامة ، التي تعتزّ بها ..
واسمح لي أيّها الرئيس .! أن أتقدّم إليكم بكلّ الاحترام والصراحة ، برؤية شريحة واسعة من أمّة الإسلام ، حول ما سمعنا من خطابكم ، فنحن أمّة الإسلام يجير أدنانا على أعلانا ..
حسناً ما سمعنا أيّها الرئيس .! عندما أطلقت في حملتك الانتخابيّة شعار التغيير ، وقلنا يومها : ننتظر ما تأتي به الأيّام ، ولا نستبق الأحداث بالظنون والأوهام ..
وسمعنا أنّك ستأتي إلى بعض بلاد المسلمين ، وتوجّه خطاباً للأمّة الإسلاميّة ، فاستبشرنا خيراً ، وأمّلنا تغييراً ، وقلنا : بادرة طيّبة ، وخطوة مشكورة ، وزيارة لها ما بعدها .. ونحن أمّة مسكونة بحسن الظنّ ، مشحونة بالتفاؤل إلى أقصى درجات العاطفيّة والانفتاح ..
وتطلّعت أمّة الإسلام من أدناها إلى أقصاها إلى خطابك الموعود ، الذي يحمل الأمل بترجمة شعار التغيير إلى واقع ، يصلح أخطاء الماضي ، ويفتح صفحة جديدة ، من العلاقة الإنسانيّة المتكافئة ، التي قوامها العدل ، وأداء الحقوق ، ورفع الظلم ..
ولا نُخفي عليك أيّها الرئيس .! أنّ كثيراً من علمائنا ومفكّرينا ومثقّفينا لم يكونوا متفائلين بخطابكم كما كانت العامّة ، لكثرة ما سمعوا من معسول الكلام ، وما سئموا من الوعود الأوهام ، وأنّها لا تعدو أن تكون للاستهلاك السريع ، أو للتصدير والتخدير .. وتخفي وراءها الدواهي والرزايا ..
ولعلّ أكبر إيجابيّة في هذا الخطاب ، تحسب لكم أيّها الرئيس .! ونشكركم عليها أبلغ الشكر ، هي تصحيح نظرة جمهور كبير من الشعب الأمريكيّ تجاه الإسلام ، بعدما عمل المحافظون الجدد في الإدارة السابقة ، وقوى ظاهرة وخفيّة ، حاقدة على الإسلام وأهله .. عملت بكلّ ما أوتيت من قوّة ، على تشويه صورة الإسلام ، وإلصاق كلّ اتّهام به .. وكأنّي بفحوى خطابكم أيّها الرئيس .! يقول لنا : نريد أن نصلح العلاقة بيننا وبينكم ، فما الذي يزعجكم منّا .؟! وماذا تريدون .؟
لقد ورثت أيّها الرئيس .! عن أسلافك تركة ثقيلة ، مليئة بالمشكلات والمتاعب ، وإذا صدقت إرادتك ، وصحّت عزيمتك في التصدّي لهذه المتاعب والمشكلات ـ وهذا ما نؤمّله فيك ونرجوه ـ فإنّك تدخل التاريخ بأشرف الصفات والألقاب ، ويقترن اسمك بعظماء الرؤساء ، الذين يعتزّ بهم كلّ أمريكيّ .. بل تعتزّ بهم كلّ الشعوب التي نالت عدلهم وإنصافهم ..
أيّها الرئيس .! نحن أمّة راشدة ، لها دينها وقيمها ، وثقافتها ومبادئها ، أمّة رسالة ، ناصعة التاريخ ، عظيمة المبادئ ، ممتدّة الوجود ، في الزمان والمكان بلا حدود .. لا تقبل الوصاية عليها من أيّ أمّة من أمم الأرض .. وهي أمينة على وحي الله ، وميراث الأنبياء من لدن إبراهيم أبي الأنبياء ، إلى محمّد بن عبد الله ، خاتم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ..
ولئن كبا بها الزمن الحاضر ، وخانها بعض بنيها بفعلهم العاثر ، وتآمر عليها الأعداء في الشرق والغرب ، فإنّ مقوّمات وجودها قائمة ، وبواعث نهضتها شاهدة ، ولا تزال طائفة منها بوعد نبيّها ? على الحقّ ظاهرة ..
والتاريخ المشرِّف أيّها الرئيس .! حكم عدل ، وشاهد صدق ، وهو لا تبنيه الكلمات الخطابيّة العاطفيّة ، ولا تصنعه الشعارات البرّاقة ، وإنّما تبنيه مبادئ الحقّ والعدل ، وتصنعه الأعمال الخيّرة الجادّة .. كما أنّ التاريخ لا يمحو الأعمال السيّئة بمجرّد الاعتذار عنها ، وإنّما يمحوها بالإصلاح والتغيير .. فأنّى لها أن تُسدِلَ عليها الشعاراتُ البرّاقة سِتارَ التفريط والنسيان .؟ ولا نراك تخفى عليك هذه الحقيقة ، وقد طرحت التغيير شعاراً لحملتك الانتخابيّة ، وعهدك الموعود .. ولكنّنا ننتظر الترجمة الأمينة الصادقة لهذا الشعار الميمون .. ولا ينفعنا الكلام ، لأنّه نوع من بيع الأوهام ، وما أكثر ما نثرت بين أيدينا ، وأتخمت بها أسماعنا .!
وإذا أردنا أن نعود إلى السؤال الذي نتوقّعه منكم : ما الذي يزعجكم منّا .؟! وماذا تريدون .؟ فإنّنا نقول لكم بكلّ صراحة وأمانة : يزعجنا منكم أيّها الرئيس أمور ، نرى كثيراً من أمم الأرض وشعوبها تشاطرنا الرأي فيها ، ونلخّصها لكم في النقاط التالية :
1 ـ الانحياز الأعمى لإسرائيل ، والدعم المادّيّ والمعنويّ لها بغير حساب .
2 ـ شنّ الحروب الهمجيّة الظالمة في شرق الأرض وغربها ، بدعوى محاربة العنف والإرهاب ، وملاحقة تنظيم القاعدة .
3 ـ تعطيل القرارات الدوليّة والالتفاف عليها ، أو توظيفها لخدمة سياساتكم . وكأنّكم دولة فوق القانون الدوليّ ، وفوق المحاسبة .
4 ـ التسلّط على أمم الأرض وشعوبها ، والتدخّل في شئونها الداخليّة .
5 ـ ابتزاز خيرات الأمم والشعوب
والحديث يطول بنا جدّاً لو أردنا الوقوف عند جميع هذه النقاط ، وحسبنا الوقوف باختصار عند النقطتين الأولى والثانية .
لقد زرعت سياسة بلادكم على مدى عقود من الزمن ، الظلم والعدوان ، والشرّ والإفساد في كلّ أرض ، وتحت كلّ سماء ، فأنبت لكم الحقد والكراهية ، وتكاثف الحقد وتطوّر حتّى أصبح عنفاً أعمى ، لا يعقل ، ولا يعي ، يفسد ويخرّب ، ويدمّر مصالحكم ومصالح غيركم بغير حساب .. ثمّ يتساءل بعد ذلك بعض كتّابكم تساؤلاً أبله : " لماذا يكرهوننا .؟ " .
وهل قوّتكم المادّيّة الهائلة ، وتقدّمكم العلميّ المبهر يسمحان لكم أن تعتقدوا أنّ الكراهية تنبت في فراغ ، ولا تعرف قانون الأسباب والمسبّبات ، والمقدّمات والنتائج .؟!
واسمح لي أيّها الرئيس .! أن أقدّم لك عينة ممّا كتبه بعض المثقّفين الإعلاميّين عن مدى كراهية شعوبنا للأمريكيّين ساسة وحكّاماً لا شعباً ، ومعذرة عن اللهجة الشديدة القاسية ، التي تنضح بها كلماته ، إذ يقول هذا الكاتب : " تساءل بعض أساطين السياسة وأرباب الفكر الأمريكان في بلادة قاهرة ، وسذاجة سافرة عن سبب كرهنا لهم ، فيقولون : لماذا تكرهوننا ؟!
" ويتصدَّى للجواب عليهم بعض قادة الفكر لدينا ، وأرباب الرأي عندنا ، لأنكم فعلتم بنا ، وصنعتم لنا ، فأيديكم الغادرة ، وأساليبكم الماكرة في كلِّ شبر من أرضنا المسلمة ، فأنتم سبب مآسينا ، ومبعث أحزاننا ، ومنطلق آلامنا ، فاليتامى يلعنونكم ، والأرامل يدعون عليكم ، والأطفال يشتمونكم ، فقد سرقتم الأموال ، ودنستم العرض ، وسلبتم الأرض ، وفعلتم من الأفاعيل ما يستحي منها قائدكم الأكبر ، ورائدكم الأخطر ؛ الشيطان اللعين ، نعوذ بالله منكم ومنه .
ثمّ أخذ يعدّد بإطالة مظاهر كراهتهم إلى أن قال : " ونكرههم لِما يفعلون في أبناء أمتنا من تقتيل وتنكيل ، فقد رمَلوا نساءنا ، وقتلوا رجالنا ، ويتموا أطفالنا ، وانتهكوا أعراضنا ، ودنسوا مقدساتنا ، واستباحوا حرماتنا ، وسلبوا أموالنا ، وغير ذلك مما يطول وصفه ، ويصعب حصره .. على أن كرهنا لهم وبغضنا إياهم لا يمنعننا أن نلتزم بالأحكام الشرعية في التعامل معهم ، بل نعدل معهم ، ونطبق شرع الله فيهم ، ونحفظ لهم حقوقهم ، ولا نتعدَّى عليهم ، أو نسيء إليهم إلا بما قررته الشريعة الخالدة والدين القويم .
" قال تعالى : (      ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) .
" وفي كل الحالات والمناسبات ، لا نتعامل معهم على أساس ما في قلوبنا ، بل كما في شرعنا ، ملتزمين بالأحكام ، فهذه رحمة الإسلام ، دين الله الخاتم الذي لا يقبل من أحد غيره . قال تعالى : (   إن الدين عند الله الإسلام )   " .   
هذا الكلام ، وأمثاله كثير ، ممّا ينشر هنا وهناك ، يلقي عليك أيّها الرئيس .! مسئوليّة كبيرة ، وبصورة عمليّة ، لا بتصريحات عاطفيّة ، لتغيير صورة أمريكا عند شعوب العالم ، وبخاصّة العالم الإسلاميّ .. وإنّ بناء الثقة بيننا وبينكم أيّها الرئيس .! لا يكون بالخطب المبهرة ، والكلمات المعسولة ، والتصريحات البليغة ، التي تطلق هنا وهناك .. وإنّما يكون بالمواقف المبدئيّة الواضحة ، التي تقوم على الحقّ والعدل .
إنّ المفارقة الكبرى بين الأمّة الإسلاميّة والسياسة الأمريكيّة هي القضيّة الفلسطينيّة ، بواقعها المعقّد ، وتاريخها الإجراميّ الأسود ، الذي يحمل الخزي والعار لكلّ من صنعوه ، أو شاركوا في صنعه ، ومن لا يزالون يسكتون عن مسلسل جرائمه ، ويتمادون في مواقفهم الظالمة .. والدولة الصهيونيّة التي صنعت على حساب أرض فلسطين وشعب فلسطين دولة عنصريّة بامتياز .. ومع ذلك فهي تلقى الدعم من ساستكم ، وساسة الغرب عموماً بغير حساب .. منذ زرعت في قلب العالم الإسلاميّ ..
القضيّة الفلسطينيّة أيّها الرئيس .! قضيّة شعب تحت الاحتلال .. قضيّة وطن محتلّ .. ليست قضيّة حكم ذاتيّ ، ولا وطن بديل ، ولا دولة " كاريكاتوريّة " مسخ ، عديمة السيادة ، منزوعة السلاح ، مخنوقة في الأرض والسماء .. إنّها قضيّة ملايين الشعب المشرّد من أرضه منذ أكثر من ستّين سنة .. قضيّة المحارق الصهيونية للفلسطينيين والعرب في غزة وجنين ، وصبرا وشاتيلا ، وقانا ودير ياسين .. بالسلاح الأمريكيّ ، والدعم الأمريكيّ بكلّ أنواعه ومستوياته .. فكيف يمكن للأمّة أن تتناساها بخطاب فصيح ، ودغدغة للعواطف بليغة .؟!
وإذا كنت تظنّ ذلك أيّها الرئيس .! فاسمح لي أن أقول لك : لقد استهنت بهذه الأمّة كثيراً ، كما استهان بها من قبلك ، ولم تقرأ التاريخ جيّداً ، ولم تفعل لأمّتك شيئاً ..
والحديث عن العنف والتشدّد أيّها الرئيس .! لا يكون في فراغ ، إنّ جزءاً منه يتّصل بقضيّة فلسطين والقدس اتّصالاً وثيقاً .. تلك القضيّة التي لا يمكن أن تُغيَّب أو يتناساها أيُّ إنسان من أمّتنا .. في قلبه مثقال ذرّة مِن الدين أو الكرامة ، مهما طال الزمن وامتدّ ..
وإنّ أمريكا وإسرائيل في نظر كثير من مثقّفينا وسياسيّينا " وجهان لعملة واحدة " ، لما يرون من الانحياز الأعمى لإسرائيل ، وفي كلّ موقف ومناسبة ، على حساب الشعب الفلسطينيّ وحقوقه .. وإنّ مكمن الخطأ والخلل في العلاقات الأمريكية الإسلامية خاصّة ، والغربية عامّة ، هو هذا التحيّز الأعمى للكيان الصهيونيّ بلا حدود ..
وهذا التحيّز الأعمى بكلّ أسف يحكم مفاصل خطابكم واتّجاهاته .. فلم تترك مسألة واحدة يتجلّى فيها التحيّز الأمريكيّ الأعمى لإسرائيل إلاّ وذكرتها ، وأعدت التأكيد عليها ، وكأنّك الناطق الرسميّ باسم الحكومة الإسرائيليّة ، حتّى " المبادرة العربية للسلام " لم تفوّتها ، إذ اعتبرتها مجرّد " بداية مهمّة " ، وكأنّها لا تحقّق المطالب الإسرائيلية المشروعة .!! ولا ندري ما المطلوب من العرب أكثر منها ؟ اللهمّ إلاّ ما تطالب به إسرائيل ، وهو التطبيع الاقتصاديّ والثقافيّ والسياسيّ أوّلاً وقبل أيّ شيء .. ولئن حدث فلن يكون بعده أي شيء .. ولن يكون منها إلاّ الوهم والسراب ..
ولقد طالبت في خطابك حماس بالمطالب الإسرائيلية الثلاثة ، التي تبنتها اللجنة الرباعية ، وهي : الاعتراف بإسرائيل ، وبالاتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية ، وبوقف العنف .. كلّ هذا دون أن تقدّم أيّة ضمانة من أيّ جهة ، للحصول على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة .. فأيّ جديد في خطابك إذن ، وأين التغيير الموعود .؟!
وهل لنا أن نقول مع القائلين أيّها الرئيس : إنّ خطابكم لا يعدو أن يكون الرؤية الإسرائيليّة بلسان أمريكيّ فصيح ، وأسلوب دبلوماسيّ ناعم .؟!
وبناء على ما سبق فإنّنا نؤكّد لك أنّ " السلام مع إسرائيل " و " التطبيع " الذي تسعى إليه أيّها الرئيس .! وتسوّقه وتريد أن تفرضه على شعوب المنطقة بسياسة مخمليّة ناعمة ، إن لم يقم على العدل وردّ الحقوق الشرعيّة ، فمثل هذا التطبيع لا يعدو أن يكون ركاماً من الأوهام بعيدة المنال ، التي تضاف إلى أوهام من سبقك .. ذلك أنّ ضمير الأمّة لا يقبل التزييف والالتواء ، وطمس الحقّ ، وإرادة التحرّر .. ونذكّرك أنّه قد مضى على تطبيع بعض الأنظمة العربيّة باسم " معاهدة السلام " مع إسرائيل نحو ثلاثين سنة .. ولا تزال شعوبنا عصيّة على تقبّل التطبيع ، والتعامل معه ، وتقف مواقف صلبة من كلّ من يحاول ذلك أو يهادن .. فلا تتعنّ .. ولا تتمنّ .!
ثمّ لا أدلّ على هذا الانحياز الأمريكيّ الأعمى لإسرائيل من قولك أيّها الرئيس : " إنّ متانة الأواصر الرابطة بين أمريكا وإسرائيل معروفة على نطاق واسع .. ولا يمكن قطع هذه الأواصر أبداً ، وهي تستند إلى علاقات ثقافيّة وتاريخيّة ، وكذلك الاعتراف بأنّ رغبة اليهود في وجود وطن خاصّ لهم هي رغبة متأصّلة ، في تاريخ مأساويّ ، لا يمكن لأحد نفيه " .
ونحن لا نطالب بقطع هذه الأواصر الحميمة ، ولكنّنا نطالب بموقف حقّ وعدل أمام صلف السياسة الصهيونيّة وعدوانها ، الذي لا يقف حدّ ..
والسؤال الذي لن يجد جواباً عندك ، ولا عند أحد من قومك : أنّه مادامت العلاقة التي لا نحسدكم عليها بهذه الصورة الحميميّة بين إسرائيل وأمريكا ، وهي علاقة ثقافيَّة وتاريخيّة وطيدة ، فلماذا لا تتبرّع أمريكا بوطن لليهود في إحدى ولاياتها ، وتضع وليدها الغالي المدلّل في حضنها ، وتريح العالم من شرّه ومآسيه .؟!
ومن التحيّز الأمريكي الأعمى لإسرائيل ما قلته في خطابك من وجوب " وقف الاستيطان " ، ولكنّك لم تتطرق إلى وجوب إزالة المستوطنات كبادرة حسن نية من جانب الكيان الصهيوني على التزامه بالسلام وحلّ الدولتين ، وإلاّ فأين ستقام الدولة الفلسطينيّة ما لم يتم تفكيك المستوطنات في الضفة الغربيّة بالكامل .؟
وتحدّثت عن " حلّ الدولتين " ، ولكنّك لم تُشر إلى مرجعيّة إقامة الدولة الفلسطينيّة ، التي تتحمّس لها ، وهو قرار التقسيم الصادر عن الجمعية العامّة للأمم المتّحدة سنة 1947 م لا غيره ، لأنّه هو الوثيقة الدوليّة الوحيدة ، التي تتحدّث عن حلّ الدولتين بتفاصيل دقيقة ، تجعل هذا الحل قابلاً للحياة ..  وليس مهزلة تضاف إلى مهازل المواقف الدوليّة ..
وأيّ عدالة ، وأيّ قيم تشيد بها في خطابك لنا ولشعبك ، وتتغنّى بها أمريكا .؟! وهي ترى وليدها المدلّل الغالي إسرائيل تنسف منازل الفلسطينيّين وتخرجهم من بيوتهم ، وتهجّرهم من وطنهم ، في مسلسل إجراميّ لا مثيل له في التاريخ ، ولم يقتصر ذلك على نكبة ثمان وأربعين ، بل لا يزال مستمرّاً بصورة مأساويّة كئيبة .. فقد كشف تقرير أصدرته مؤسّسة إنقاذ الطفل ، التابعة للمركز الفلسطينيّ للإرشاد ومؤسّسة التعاون ، أنّ سلطات الاحتلال قامت منذ العام 1967 بهدم آلاف المباني ، التي يملكها الفلسطينيون ، التي تقدّر بحوالي 24 ألف منزل ، موضّحاً أنّه منذ العام 2000 م تفاقم عدد المنازل التي هدمت ، ليصبح المعدّل السنويّ للهدم حوالي ألف بيت .
ويظهر التقرير ، أنّ هناك آثاراً بعيدة المدى على الصحّة الجسديّة والنفسيّة لأفراد الأسر التي تفقد منازلها . وأكّد أنّ العام 2009 م شهد زيادة هائلة في هدم المنازل الفلسطينيّة فاقت أيّ عام مضى منذ أربعين عاماً ، حيث هدم نحو أربعة آلاف منزل نتيجة العمليّات العسكريّة ، التي قام بها جيش الاحتلال ضد قطاع غزّة وحده في مطلع هذا العام .
وبيّن أن 52% من المنازل التي هدمت كانت خلال عمليّات هدم جماعيّ لحيّ بأكمله ، وأن 13% فقط من العائلات كان لديها الوقت الكافي لجمع حاجيّاتها الأساسّية قبل الهدم ، وأن 97% من الأسر التي هدم مسكنها تعاني من انهيار نفسيّ .. وأنّ الأطفال الذين تعرّضوا لتجربة الهدم يعانون تدهوراً في صحّتهم النفسية ، ومعاناة من أعراض الصدمة والانعزال والاكتئاب والتوتر ، كما أنّ غالبيّة العائلات التي هدمت منازلها تعرّضت للتشريد عدّة مرّات .
وتصوّر طفلتيك أيّها الرئيس ، وقد أخرجتا من منزلهما بالقوّة العسكريّة ، والجرّافات الإسرائيليّة تهدم منزلهما على ما فيه من ألعاب الطفولة وذكرياتها .!!
وكشف التقرير أنّ أكثر السكان الذين يواجهون خطر هدم منازلهم والتعرّض للتشريد هم سكان شرقيّ القدس والمجتمعات الريفيّة في الضفّة الغربيّة والبدو واللاجئون في المخيّمات ، والتجمّعات السكنيّة القريبة من جدار الفصل العنصريّ والمستوطنات ، والمناطق المحاذية لقطاع غزّة .. فأين العدالة ، والقيم الأمريكيّة التي تعتزّون بها وتتغنّون .؟ أم أنّها حقّ لغيرنا حرام علينا .؟!
وأختم لك أيّها الرئيس .! الحديث عن المأساة الفلسطينيّة بما قاله الرئيس الأمريكيّ الديموقراطيّ السابق " جيمي كارتر " في زيارته الأخيرة لقطاع غزة فقد حبس دموعه مراراً ، وهو يشهد مناظر الدمار الذي يعيش بين أنقاضه مليون ونصف مليون من البشر ، تحت سمع العالم وبصره فقال : " إن  الحرمان الذي يعاني منه الفلسطينيون في القطاع لا مثيل له .. وغالباً ما يتجاهل المجتمع الدوليّ صرخات الاستنجاد الفلسطينيّة ، ما يشير إلى أنّ الفلسطينيّين يعاملون كالحيوانات وليس كبشر " .
وأضاف كارتر : " إنه مصدوم وحزين بسبب ما رآه في غزّة نتيجة للحصار الذي يتعرّض له الفلسطينيّون ، فلم يحصل في التاريخ أن يتمّ تجويع 1.5 مليون شخصاً ، وبعد ذلك يجري قصفهم بطريقة وحشيّة ، دون أن يمنح هؤلاء فيما بعد وسائل المساعدة لتحسين أوضاعهم.
وقال أيضاً : " إنّ على الولايات المتحدة "بذل أقصى جهد لإقناع إسرائيل ومصر بالسماح في دخول البضائع واللوازم الحياتية إلى غزّة ، ولاحظ عبارته الغزليّة الرقيقة : " لإقناع إسرائيل ومصر " لا لإلزامهم ..
ثمّ يقول : وفي المقابل، يجب أن يتوقّف إطلاق الصواريخ من القطاع باتجاه إسرائيل، فالدولة الفلسطينيّة لا يمكن أن تبصر النور على حساب أمن إسرائيل .   
وخلال زيارته لإحدى المدارس المدمّرة قال كارتر : إنّه " يشعر بالمسؤوليّة جزئيّاً ككلّ الأمريكيّين والإسرائيليّين حين يرى أنّ الناس والمدارس قصفوا بقذائف طائرات الـ إف ـ 16 من صنع أمريكيّ " ( ) .
وإنّ موقفنا من العنف أيّها الرئيس .! ليس محلّ جدل أو مماحكة ، ولا يقبل الشكّ والمزايدة ؛ فالإسلام ، وأمّة الإسلام أكثر شعوب الأرض تضرّراً من أعمال العنف والإفساد في الأرض .. ولكنّنا نرفض أن يتّهم الإسلام وأمّة الإسلام بالعنف ، وتوصم بالإرهاب صورة الجهاد ، والمقاومة المشروعة للمحتلّين الغاصبين ، ونطالب أن تبحث أسباب العنف وجذروه بموضوعيّة ونزاهة ، وتتّخذ الأساليب العلميّة في معالجته واستئصاله ..
كما نرفض أن يعالج العنف بهذه الصورة الهمجيّة الفجّة ، التي عالجه بها سلفك ، فوسّع دائرته ، وعمّم رقعته ، وجعله ذريعة إلى البغي والإفساد في الأرض ، والعدوان على الشعوب الآمنة ، وقتل النساء والأطفال ، واعتقال الشيوخ ، وتشريد الضعفاء .. وزجّ الأبرياء في معتقل غوانتنامو سنين بغير محاكمة ولا دفاع ، مع ممارسة أسوأ أنواع التعذيب النفسيّ والجسديّ ، بعيداً عن رقابة القضاء ، ومنظّمات الدفاع عن حقوق الإنسان .. وكلّ ذلك أوجد البيئة الخصبة لنموّ العنف وتطوّره .. ودفع كثيراً من الشباب الغرّ الجاهل إلى أن يلتحقوا بركابه ، أو يكونوا من أنصاره ..
وليس الأمر قريباً من عهد سلفك .. أيّها الرئيس .! بل هو منذ ما يزيد على خمسة عقود ، والإدارات الأمريكيّة المتتالية تنهش في جسد الأمّة الإسلاميّة ، على وجه الخصوص ، في مشارق الأرض ومغاربها سرّاً وجهراً ، ولأتفه الأسباب والتعلاّت .! وقد تنامى ذلك في عهد سلفك واستفحل ، حتّى إنّ أمريكا أخذت الموقع الذي أخذته " الإمبراطوريَّة البريطانيّة العجوز " من قبل ، حين قال الزعيم غاندي : " لو أنّ سمكتين تقاتلتا في قاع المحيط فابحث عن بريطانيا " .
وإنّ الحروب التي شنّتها أمريكا سابقاً وحاضراً حروب قذرة بكلّ معنى الكلمة ، تفتقد السند القانونيّ ، والمبرّر الأخلاقيّ ، وصدق البيّنات والأدلّة ..
والمُبرّرات المُعلنة كلّها كاذبة ملفّقة ، وقد كفانا مئونة الردّ عليها بعض أحراركم وعقلائكم .. ومهما اتّخذ لها من غطاء عالميّ ، وسخّرت لها المنظّمات الدوليّة ، فهو غطاء وهميّ ، خادع مفضوح ، إذ ليس لها من غطاء حقيقيّ إلاّ غطرسة القوّة الغاشمة ..  
وقد ترتّب على ذلك ممّا لم يكن في حسبانكم : أن تنامت الحركة المعادية للولايات المتّحدة ، وأخذت في الازدياد ، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط ، ولكن في المجتمعات الأوروبيّة نفسها ، وهو ما تكشف عنه استطلاعات الرأي ، التي ظهرت مؤخّراً .  
وكثير من شعوب العالم الإسلاميّ ، الذين تظنّون أنّهم شعوب صديقة لكم ، لا تزيد صداقتهم عن أن تكون صداقة لعدوّ ما من صَدَاقَتِهِ بُدُّ ، على حدّ قول شاعرنا الحكيم أبي الطيب المتنبّي :
وَمِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا عَلَى الْحُرِّ أَنْ يَرَى         عَدُوًّا لَهُ مَا مِنْ صَدَاقَتِهِ بُدُّ
فيا نَكَدَ الدنيا مَتَى أنتَ مُقصِرٌ           عَنِ الحُرِّ حَتّى لا يَكُونَ لهُ ضِدُّ
وإنّ من أعظم الخدمات التي تقدّمها لبلادك ، وللإنسانيّة كلّها أن تحدّد بدقّة تلك المصطلحات ، التي تعمّد سلفك أن يتركها غائمة فضفاضة ، واحتكر لنفسه حقّ اتّهام الناس بها .. فهلاّ أعدت تعريفها ، لنعلم إلى أيّ درجة تنطلق إدارتكم من منطق الحقّ والعدل ، وليست عدوّة للضحيّة ، وأسيرة للجلاّد ..
وإذا كنت أيّها الرئيس جادّاً في رفع لواء التغيير فافتح تحقيقاً نزيهاً عن أحداث الحادي عشر من أيلول ، واكشف الحقائق للرأي العام الأمريكيّ والعالميّ ، وسترى عند ذلك من هم الأعداء الحقيقيّون لأمريكا وللإنسانيّة .؟!
وإنّ الظلم والعدوان أيّها الرئيس .! هو أخطر مولّدات حركات العنف ، " فالحركات العنيفة كان منبعها الشعور بالظلم ، وهذا هو نفس الشعور الذي تنبعث منه أساساً أعمال العنف في منطقتنا ، التي عانت من الاستعمار القديم ، ومن الاستعمار الجديد ، ومن التدخل في شؤونها ، كما إنّها لقيت تحريضاً ومساندةً من الغرب ، عندما كان الهدف محاربة السوفييت في أفغانستان ، وهي تواجه حاليّاً مأساة الاحتلال الإسرائيليّ ، وما يعانيه على يديه الشعب الفلسطينيّ من اضطهاد وإهدار للحياة والكرامة ، وما تلقاه المواقف الإسرائيلية من تأييد غير مبرر ، لا قانونيّاً ، ولا منطقيّاً ، من جانب قوى دوليّة ، تدّعي أنّها تحمل لواء الحرّية والعدل " ( ) .
وأظهر مثل على هذا الظلم غزو أفغانستان والعراق ، الذي يعدّ سبّة عار في جبين الإنسانيّة كلّها ، وأكبر الجرائم في هذا العصر على الإطلاق .. فهلاّ أثبتّ مصداقيّتك في التغيير الموعود بالمسارعة إلى الانسحاب من كلا البلدين ، وفتحت تحقيقاً جادّاً في كلّ ما يتّصل بالعدوان عليهما ، وما يترتّب على ذلك من آثار ومسئوليّات ، مادّيّة ومعنويّة ، جنائيّة وأدبيّة .. فتفتح بذلك صفحة جديدة مع شعوب العالم الإسلاميّ .. بل  مع شعوب الأرض كلّها ..
أيّها الرئيس .! لسنا بحاجة إلى خطبة ثقافيّة كالبتراء ، أو محاضرة أكاديميّة عصماء ، تكيل لديننا وحضارتنا المديح والثناء ، ولكنّها تخدّر مشاعر بعضنا إلى حين ، وفي الوقت نفسه تضخّ مليارات الدولارات لدعم ميزانيّة الحرب في بلادكم مرّة بعد أخرى ، ولا تَكفّ آلة القتل والتدمير من قوّات بلادكم هنا وهناك عن دكّ مدننا وقرانا ، وقتل نسائنا وأطفالنا ، وتشريد شيوخنا وضعفائنا .. كما لا يزال الحصار على أشدّه في أكبر سجن نازيّ ظالم ، لمليون ونصف المليون من شعب فلسطين الأبيّ .. فأيّ تغيير طرأ على سياسة بلادكم .؟!
أيّها الرئيس .! إنّ شعوب الأمّة الإسلاميّة في شتّى بقاع الأرض تشهد اليوم عودة الوعي بذاتها ، والإقبال على دينها ، والمواكبة لمتغيّرات عصرها ، وتعيش مرحلة ما بعد الصدمة ، أو الصدمات الكثيرة ، التي تلقّتها من سياسات بلادكم والغرب عموماً ، على مدار عقود من الزمن ، ولم تعد ينفع معها التلبيس والتدليس ، والإغراء والتهديد ، وهي تعيش مرحلة من التمييز الواضح بين الأصدقاء والأعداء .. وخير لدولتكم بثقلها العالميّ أن تكون وفيّة لمبادئها المعلنة ، وقيمها الحضاريّة المعطّلة حاليّاً ، فتكسب صداقة شعوبنا ، من أن تقف موقف الخداع والمراوغة ، وطمس الحقائق ، وترويج الأباطيل ، والوقوف مع الظالم ، فتخسر مصداقيّتها ، وتخسر صداقة شعوبنا ، وتبقى في دائرة رعب العنف ، وهاجس البحث عن الأمن ..
وشكراً لك أيّها الرئيس .! على ثنائك على ديننا ، واستشهادك ببعض آياته ونصوصه ، وما فيه من مكارم الأخلاق ، وعظيم القيم والفضائل .. وهلاّ خطبت بأولئك الذين يحرّفون نصوص دينهم ، ليبرّروا العدوان على ديننا وأوطاننا ، والإساءة لنبيّنا ? ، ويحرّضوا على انتهاك حرماتنا ، وقتل نسائنا وأطفالنا .؟! وإذكاء الكراهية بين أتباعهم ، وأبناء ملّتهم .. ثمّ تأخذهم العزّة بالإثم ، فلا تكون منهم كلمة تأسّف أو اعتذار ..
وما موقع أولئك في نظرك من قاموس العنف والإرهاب ، الذي تحمل بلادكم لواء محاربته بكلّ ما أوتيت من قوّة .؟!  
أيّها الرئيس .! لقد وسعت قيمنا أمم الأرض وشعوبها : وسع عدلنا ومساواتنا ، وبرّنا وإحساننا الأبيض والأسود ، والقريب والبعيد ، والمسلم وغير المسلم ، وعاشت سائر الأمم والشعوب في رحاب ديننا آمنين على أنفسهم وأموالهم ، وحقوقهم وخصوصيّاتهم ، يمارسون شعائر دينهم بكلّ حرّيّة واحترام ، ويكفيهم فخراً أن نبيّنا عليه الصلاة والسلام جعل إيذاءهم إيذاء لذاته الشريفة ، وأنّه خصم لمن آذاهم يوم القيامة ..
لقد كنّا ، والتاريخ يشهد ، ومؤرّخوكم المنصفون يشهدون .. شعوباً مُسالمة مُنصفة ، لا نظلم ولا نعتدي ، ولكنّنا نأبى أن يقع الظلم علينا ولا نرضاه ، ولا نسكت على الضيم ولا نهادنه .. فهل في ذلك ما يعيبنا ، وينتقص ديننا وحقوقنا .؟!  
وحقّ لنا أن نفخر أيّها الرئيس .! أنّ نبيّنا محمّداً ? خاطبه ربّه بقوله : (    وإنّك لعلى خلق عظيم )  ، وقوله تعالى : (   وما أرسلناك إلاّ رحمةً للعالمين  )  ، فكانت رسالته وشريعته رحمة للإنسانيّة كلّها .. وأنّ تحيّتنا وشعارنا الشائع في كلّ لقاء : " السلام عليكم ورحمة الله " ، ونحن نشكر لكم أن بدأتم خطابكم لنا بالسلام علينا .. كما حقّ لنا أن نعتزّ أنّنا وراء كلّ صلاة نصلّيها نقول : " اللهمّ أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام " ..
ولقد تحدّثت في خطابك عن الرغبة في بداية جديدة مع العالم الإسلاميّ .. والبداية الجديدة لابدّ أن تؤسّس على الوضوح والشفافية ، ووضع النقاط على الحروف ، وهذا يقتضي أن تعالج الملفّات المفتوحة ، والجراح النازفة ، بطريقة عادلة صحيحة .. وإنّ الدبلوماسيّة الناعمة قد تهدّئ الخواطر الثائرة بصورة آنيّة ، ولكنّها لا تحلّ الأزمات المزمنة ، والمشكلات المستعصية ..
أيّها الرئيس .! لقد اشتمل خطابكم على حقائق علميّة وتاريخيّة دقيقة ، ولكنّه امتلأت ثناياه بمغالطات سياسيّة واضحة ، أنت أعرف الناس بها ، فهو خطاب ملغّم بدرجة ممتازة .. يضع أمام مصداقيّة طرحكم ، وجدّيّة توجّهاتكم علامات استفهام حائرة .؟! فهو بهذا الاعتبار لا يعدو أن يكون محاولة لإحداث تغيير نفسيّ في شعوب العالم الإسلاميّ ، لا سياسيّ .. ثمّ محاولة لتطبيع الشعور الإسلاميّ مع واقع الظلم والانحياز .. ويصدق عليه المثل الشعبيّ الشائع : " أسمع كلامك يعجبني .. أشوف فعلك أتعجّب .! " .
وإليك أيّها الرئيس .! بعض هذه المغالطات السياسيّة الملغّمة في خطابكم :
* تقول في خطابك : " لقد تعرض اليهود على مرّ القرون للاضطهاد ، وتفاقمت أحوال معاداة الساميّة في وقوع المحرقة ، التي لم يسبق لها عبر التاريخ أيّ مثيل .
" أما من ناحية أخرى فلا يمكن نفي أن الشعب الفلسطيني مسلمين ومسيحيين قد عانوا أيضا في سعيهم إلى إقامة وطن خاصّ لهم ، وقد تحمل الفلسطينيون آلام النزوح على مدى أكثر من 60 سنة .
" شعبان لكلّ منهما طموحاته المشروعة ، ولكلّ منهما تاريخ مؤلم ، يجعل من التراضي أمراً صعب المنال ، إنّ توجيه اللوم أمر سهل ، إذ يشير الفلسطينيون إلى تأسيس دولة إسرائيل ، وما أدّت إليه من تشريد للفلسطينيين ، ويشير الإسرائيليون إلى العداء المستمرّ ، والاعتداءات التي يتعرضون لها داخل حدود إسرائيل " .
* ـ لم تذكر أنّ الاضطهاد كان على يد من .؟ لقد كان على يد الأوربّيّين ، ولم يجد اليهود ملاذاً لهم سوى الأمّة الإسلاميّة ، وحكّام المسلمين ، الذين قبلوهم لاجئين في أراضيهم ، ثمّ كان جزاؤنا منهم جزاء سنمّار ، كما في المثل العربيّ ..
* ـ ولم تذكر أنّ المحرقة التي لم يسبق لها عبر التاريخ أي مثيل وقعت على يد من .؟ وإذا كانت كما هو معلوم قد وقعت على يد هتلر النازيّ ، فهل من الحقّ والعدل ، أن يصدّر اليهود ، ويهجّرون إلى أرض فلسطين ، ولا يجازى من أقام لهم المحرقة بأن تكون دولتهم على جزء من أرضه .؟!
وما شأن الأمّة الإسلاميّة في خطابك لها بالمحرقة .؟! وهي لم تصنعها ، ولم تكن في أرضها .! أم أنّ الحديث عن المحرقة واستنكارها ينبغي أن يعلن بمناسبة وغير مناسبة .. لأنّه عربون التزلّف والولاء ، ورمز الطاعة العمياء ، للصهيونيّة العالميّة ومخططاتها ..
* وتقول في خطابك أيّها الرئيس : " وبغضّ النظر عن أفكارنا حول أحداث الماضي فلا يجب أن نصبح أبداً سجناء لأحداث قد مضت " ، حقّاً ما أروعها من قاعدة ذهبيّة ، وحكمة فلسفيّة .! فهلاّ طبّقتها على موقفكم من المحرقة المزعومة ؟ أم أنّ هذا الكلام لنمسح ذاكرتنا ، ونستبدل بها ذاكرة عدوّنا وتاريخه ، وافتراءاته وأباطيله .؟!
* ـ ثمّ تقول : " .. لا يمكن نفي أنّ الشعب الفلسطيني مسلمين ومسيحيين قد عانوا أيضا في سعيهم إلى إقامة وطن خاصّ لهم ، وقد تحمل الفلسطينيون آلام النزوح على مدى أكثر من 60 سنة " . الفلسطينيون أيّها الرئيس .! وطنهم فلسطين ، اقتلعوا منها بالغصب والاحتلال ، ليسوا شعباً مشرّداً في الأرض ، ليس لهم وطن ، ولم يهبطوا من المرّيخ أو أيّ كوكب آخر .! فكيف تسوّي بينهم وبين اليهود الغاصبين المحتلّين .؟! أهي مغالطة ساذجة ، أم جهل بالتاريخ والجغرافية فاضح .؟! لا نحسب أنّ ثقافتكم الواسعة المنوّعة تتقبّله ..
ـ ثمّ تقول : " .. شعبان لكلّ منهما طموحاته المشروعة ، ولكلّ منهما تاريخ مؤلم .. " إذا أردت التاريخ القريب للفلسطينيّين ، منذ ستين سنة عندما وقعت كارثة الاحتلال .. فكلامك صحيح ، وإذا أردت ما هو أبعد من ذلك فكلام لا يصدّقه التاريخ ، فالشعب الفلسطينيّ كان آمناً مطمئنّاً في وطنه ، وكان يعيش معه بعض اليهود والنصارى ، يتمتّعون بحسن المعاملة وحسن الجوار ، إلى أن وقعت كارثة الاحتلال ..
* وتقول في خطابك أيّها الرئيس .! : " إنّ تنظيم حماس يحظى بالدعم من قبل بعض الفلسطينيّين .. " والصحيح أنّ تنظيم حماس يحظى بالدعم من قبل أكثر الفلسطينيّين ، بشهادة صناديق الاقتراع ، والمنظّمات الدوليّة والشعبيّة المختلفة .. فلماذا هذا الالتفاف على الواقع وتجاهله ، والتقليل من دور حماس في القضيّة الفلسطينيّة .؟!
* وتقول في خطابك : " يجب على الفلسطينيين أن يتخلوا عن العنف ، إنّ المقاومة عن طريق العنف والقتل أسلوب خاطئ ، ولا يؤدّي إلى النجاح .. "
إنّ المقاومة الفلسطينيّة المسلّحة أيّها الرئيس .! حقّ مشروع تضمنه الأديان كلّها ، وقوانين كلّ الأمم والشعوب ، كما تعترف به وتقرّه الاتّفاقات والأعراف الدوليّة كلّها ،  فلماذا الالتفاف على الحقائق بهذا الأسلوب ، الذي لا يخدم السلام العادل ، ولا يصل بالقضيّة إلى شيء .؟!
* وبمناسبة حديثك عن المتطرّفين ، الذين مارسوا القتل في كثير من البلدان تستشهد في خطابك بقول الله تعالى : (     من قتل نفساً بغير نفس ، أو فسادٍ في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعاً ، ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً )  ، دون أن تقدّم لنا تعريفك للتطرّف ، ومتى يكون الإنسان من المتطرّفين .؟ أو يقوم بدفاع عن الحقّ مشروع .؟!
ونحبّ أن نذكّرك أنّ في القرآن الكريم آيات أخرى تقول : (     أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز  ) . وهي توصيف دقيق لما يقع في الأرض المحتلّة ..
* وتقول في خطابك : " .. علاوة على ذلك نعلم أن القوّة العسكريّة وحدها لن تكفي لحلّ المشاكل في كلّ من أفغانستان وباكستان ، ولذلك وضعنا خطة لاستثمار 5ر1 مليار دولار سنوياً ، على مدى السنوات الخمس القادمة ، لإقامة شراكة مع الباكستانيين ، لبناء المدارس والمستشفيات والطرق والمؤسسات التجارية ، وكذلك توفير مئات الملايين لمساعدة النازحين ، وهذا أيضاً السبب وراء قيامنا بتخصيص ما يربو على 8ر2 مليار دولار لمساعدة الافغان على تنمية اقتصادهم ، وتوفير خدمات يعتمد عليها الشعب " .
فإذا كنتم أدركتم بعد كلّ هذا التخريب والتدمير أن القوّة العسكريّة وحدها لن تكفي لحلّ المشاكل في كلّ من أفغانستان وباكستان .. فالنتيجة الطبيعيّة ، والمنطق البدهيّ يتطلّب منكم أن تعلنوا الانسحاب والاعتذار ، والتعويض عن كلّ ما ارتكبتم من الجرائم بحقّ الشعبين ، وما قيمة الاستثمارات الماليّة الكبيرة ، وإقامة الشراكة مع الباكستانيين ، وبناء المدارس والمستشفيات والطرق والمؤسسات التجارية ، وتوفير مئات الملايين لمساعدة النازحين على حدّ قولك .. ما قيمة ذلك كلّه أمام قتل المدنيّين الأبرياء ، وتيتيم الأطفال وترميل النساء ، وتشريد الناس في كلّ أرض ، وتحت كلّ سماء .؟! واسمح لي أن أقول لك : إنّ هذا الكلام كلّه نوع من الضجيج الإعلاميّ ، للتغطية على ما يجري على الأرض ، وسرعان ما سيذهب أدراج الرياح ، وتبقى الجرائم المروّعة ماثلة على الأرض شاهدة ، ناطقة متجدّدة .. وكأنّك يا أبا زيد ، ما خطبت ولا غزيت .!
* وتقول في خطابك : " ورغم اعتقادي بأنّ الشعب العراقيّ في نهاية المطاف هو الطرف الكاسب في معادلة التخلّص من الطاغية " صدّام حسين " إلاّ أنّني أعتقد أيضاً أنّ أحداث العراق قد ذكّرت أمريكا بضرورة استخدام الدبلوماسيّة لتسوية مشاكلنا كلّما كان ذلك ممكناً .. " .
وإنّي والله لأعجب من هذا الكلام أشدّ العجب .!! فأيّ مصلحة له جناها شعب العراق من هذه الحرب التدميريّة المروّعة .؟! بعدما اعترف موقدوها من أساطين المحافظين الجدد بخطأ قرارهم ، وتهوّر اندفاعهم ، ولكن " بعد خراب البصرة " ، كما يقول المثل عندنا ..
تقول أنت هذا الكلام في الوقت الذي يقول فيه ريتشارد بيرل " أحد مروجي الحرب الأمريكية على العراق ، وصاحب مخطط الحرب منذ أن كان عضواً ورئيساً لـ " مجلس سياسات الدفاع " ، والذي أُطلق عليه لقب " أمير الظلام " يقول لمجلة " فانيتي فير" ، الأمريكية الشهيرة : " إن السياسة الأمريكية في العراق تحولت إلى كارثة، وإنّ الرئيس بوش مسئول عن هذا الإخفاق ، وأنه لو علم ما سيحدث لما كان دعم الحرب الأمريكية على العراق ".
وأيّ تبرير لهذه الحرب الهمجيّة على العراق .؟! وهل من منطق الحقّ والعدل أن يقتل مليون وسبعمائة ألف قتيل منذ بداية التسعينيّات ، ويشرّد خمسة ملايين عن وطنهم ، وترمّل النساء ، وييتّم ملايين الأطفال ، حسب إحصاءات الأمم المتحدة ، وتدك المدن الآمنة بملايين الأطنان من القنابل ، وتستخدم الأسلحة المحرّمة دوليّاً .؟! ناهيك عن المشردين والمفقودين ، والمشوهين بإصابات وعاهات مستديمة ، من جراء الأسلحة الفتاكة ، التي استخدمتها بلادكم ضدهم ، وهم لم يمارسوا إرهاباً ، ولم يشاركوا ولو بفرد واحد في هجوم الحادي عشر من أيلول !!. عدا عن الأخطاء الأخرى الفادحة التي ارتكبتها القوات الأمريكيّة ، وخاصّة الجرائم ضد الإنسانيّة في سجن أبو غريب .. كلّ ذلك وأسوأ منه للقضاء على فرد ديكتاتور ، وتغيير نظامه .؟! وما قيمة الاعتذار بعد ذلك .؟! وهل ينفع أو يجدي .؟!
وتقرّر في حديثك عن الديمقراطيّة أنّه لا يمكن فرضها ، ولا يجوز فرض نظام حكم معين على أية دولة ، ولم تسائل نفسك:  لماذا فرضتها بلادك على العراق بالقوّة .؟!
ـ ثمّ تقول : " وفي الحقيقة فإنّنا نستذكر كلمات أحد كبار رؤسائنا " توماس جيفرسون " الذي قال : " إنّني أتمنّى أن تنمو حكمتنا بقدر ما تنمو قوّتنا ، وأن تعلّمنا هذه الحكمة درساً مفاده : أنّ القوة ستزداد عظمة كلّما قلّ استخدامها " .
وليتك أيّها الرئيس .! تستطيع العودة بالسياسة الأمريكيّة إلى حكمة هذا الرئيس الكبير ، فتضمن لبلادك أن تكون صديقة لكلّ الأمم والشعوب .. وإلاّ فإنّ نذر السقوط بادية للعيان .. فمنذ عدّة عقود وأمريكا تسير نحو السقوط بخطى حثيثة ، يدرك ذلك بوضوح كلّ عاقل ذي نظر ، يعي حركة التاريخ ويفقهها .. وتلك كما يقول ربّنا تعالى : ( سنّة الله في الذين خلوا من قبل ، ولن تجد لسنّة الله تبديلاً   )   .. ولن ينقذها اليوم من السقوط ما ترفع من شعارات القيم الإنسانيّة التي قامت عليها ، فما ينقذ الأمم من التردّي الحضاريّ أن تتمسّح بقيم النجاح والصعود ، دون أن تتحقّق بها .. ومن أسكرته الأمجاد الغابرة لا يمكن أن يرى العلل الحاضرة .. وهناك من المنتفعين الطفيليّين من لا تسطع شمسه إلاّ بغيابها عن الآخرين .! وفي الشواطئ المهجورة من ينتظر السفن الغارقة ..
وهناك معلومة دينيّة أحبّ أن أصحّحها لك أيّها الرئيس .! لقد قلت في خطابك : " .. كما ورد في قصة الإسراء عندما أقام الأنبياء موسى وعيسى ومُحَمّد سلام الله عليهم الصلاة معا .. " ، والصحيح أنّ الأنبياء جميعاً صلّوا وراء مُحَمّد ? إظهاراً لوحدة رسالات السماء ، وإيذاناً بفضل سيّد الأنبياء ، وإعلاناً لختم النبوّة به .. وتلك ربّما تكون معلومة صغيرة في نظرك ، ولكنّ أبعادها ودلالاتها كبيرة ، وتدعو إلى التأمّل الجادّ والتفكير العميق ..
وأخيراً : لقد نلتَ ثقةَ شعبك أيّها الرئيس .! فأصبحتَ رئيسَ أعظم دولة في العالم ، وتلك أمانةٌ عظيمة ، ومسئوليّةٌ كبيرة ، وشرفٌ يتطلّع إليه كثير من كبار قومك .. وأكبرُ مِن هذا الشرفِ وأعظم أن تفوزَ برضا الربِّ جلَّ جلالُه .. ذلك الرضا الذي يجعلك في جنّة عرضُها السمواتُ والأرض ، ونعيم مقيم ، وخلود لا ينتهي أبد الآبدين ..
والطريق إلى ذلك بكلّ أمانة وإخلاص : هو الإسلام الذي ارتضاه الله للبشريّة جميعاً إلى يوم الدين .. فانظر لمستقبلك الدائم ، وسعادتك الحقيقيّة ، كما نظرت لمستقبل دنياك .. والعظماء حقّاً هم من يملكون قوّة الإرادة .. وإرادة التغيير ..
وختاماً ؛ فاسمح لي أن أبشّرك أيّها الرئيس .!
أنّ العدّ التنازليّ لعهد الغطرسة الأمريكيّة قد لاحت عناوينه ، وظهرت براهينه ، بل لقد ولّى إلى غير رجعة ، وأنّ الرهان عليها رهان على فرس خاسر ، وحظّ عاثر .. وإذا كان من حقّك أن تعتزّ ببلادك وقيمك وانتمائك ، فإنّ ذلك لا يقلّل من هذا الحقّ للآخرين ، ولا ينتقصه .. كما لا يسمح لك أن تبرّر الغطرسة الأمريكيّة وطغيانها .. ،
وإنّ قيم الحقّ والعدل والهدى منصورة بإذن الله لا محالة .. وخير لك أن تكون شراعاً في سفينة العدل والسلام ، من أن تكون بوقاً على خرائب الظلم والعدوان ، أو مسماراً في خشبة السفينة الغارقة .. واسمح لي وأنا أصدقك القول بناء على المعطيات السابقة : إنّ خطابك إلينا لم يكن إلاّ خطاباً مكروراً ، ولكنّه بلغة راقية ، ولهجة خطابيّة ناعمة ، ومهارات تسويقيّة عالية ، وكلّ ذلك لا ينفعنا ، ولا يجدينا ، وأنّه كان مرافعةً فاشلةً بائرة ، عن قضايا عاثرة خاسرة ، ولست بهذه الطريقة يمكنك أن تحسن صورة بلادك ، وتغيّر أفكارنا ، أو تتقرّب إلينا .. ومع ذلك فنشكرك أن توجّهت إلينا بخطابك .. وشكراً جزيلاً لاهتمامك بهذا الخطاب .. وختم القول المرتضى أن السلام على من اتّبع الهدى ..
حرّر بتاريخ 26/6/1430 هـ
الموافق 19/6/2009 م

وكتبه
د. عبد المجيد البيانوني

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين