الدعاء يوم عرفة - يوم عرفة
الدعاء يوم عرفة
قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي المتوفى سنة 842 في : " فضل يوم عرفة :"الدعاء مندوب إليه في هذا اليوم الشريف لما خرج الترمذي(3585)يث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خير الدعاء دعاءُ يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير " وخرجه الإمام أحمد في " مسنده " .
وقال أبو عبد الله الحسين بن الحسن المروزي صاحب ابن المبارك 2:210  سفيان بن عيينة عن تفسير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثر ما كان من دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير " ، فقلت له : إنما هذا كلُّه ذِكْرٌ وليس فيه دعاء ؟ فقال لي : عرفتَ حديثَ مالكِ بن الحارث ؟ فقلت نعم ، حدَّثتنيه أنت ، عن منصور ، عن مالك بن الحارث . قال: ذاك يأتي على هذا الأثر، ألا تراه يقول تبارك وتعالى: "إذ شَغَلَ عبدي ثنائي عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين "
 ثم قال : عرفتَ ما قال أميه بن الصلت حين أتى ابن جُدعان يطلب نائِله وفضَله ؟ فقلت : لا ، قال : قال له :
أأذكر حاجتي أم قد كفاني          حِبَاؤك ، إن شيمتك الحباء
إذا أثنى عليك المرءُ يوماً             كفاهُ من تَعَرُّضه الثنـــاء
قال: فهذا مخلوقٌ حين يُنسب إلى الجود أخبر أنه يكفينا من مسألتك الثناءُ عليك حتى تأتي على حاجتنا، فكيف بالخالق عز وجل ؟! .
وخرج أبو بكر ابن أبي الدنيا ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عامَّةُ دعائي ودعاء الأنبياء قبلي عشية عرفة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير " .
 وخرج الترمذي من حديث خليفة بن حُصين ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : أكثر ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في الموقف : " اللهمَّ لك الحمد كالذي نقول ، وخيراً مما نقول ، اللهم لك صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي ، وإليك مآبي ، ولك ربِّ تُراثي ، اللهمَّ إني أعوذُ بك من عذاب القبر ، وَوسوسة الصدر ، وشتَات الأمر ، الهمَّ إني أعوذ بك من شرِّ ما يجيء به الريح " .
 وفي رواية عن علي رضي الله عنه قال : كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيةَ عرفة : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملكُ وله الحمدُ ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم اغفر لي ذنبي ، ويسر لي أمري ، واشرح لي صدري ، اللهم إني أعوذ بك من وسواس الصدر ، ومن شتات الأمر ، ومن عذاب القبر ، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في النهار ، وشرِّ ما تهبُّ به الرياح ، وشر بوائق الدهر " .
وكان عامة ما يدعو به علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " اللهم أعتق رقبتي من النار ، وأوسع لي من الرزق الحلال ، واحرف عني فسقة الجن والإنس وكان ابن عمر رضي الله عنهما كان يرفع صوته عشيةَ عرفة يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم اهدنا بالهدى ، وزيِّنَّا بالتقوى ، واغفر لنا في الآخرة والأولى.
ثم يخفض صوته ، ثم يقول : اللهم إني أسألك من فضلك وعطائك رزقاً طيباً مباركاً ، اللهم أنت أمرت بالدعاء ، وقضيت على نفسك بالإجابة ، وأنت لا تخلف وعدك ، ولا تُكذب عهدك ، اللهم ما أحببت من خير فحبِّبه إلينا ويسِّره لنا ، وما كرهت من شر فكرِّهه إلينا وجنِّبْناه ، ولا تَنْزعّ منا الإسلام بعد إذ أعطيتناه .
 وخرَّج الطبراني في " معجمه الكبير "11:174(11405)، و " مصنفه في فضل يوم عرفة " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان فيما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة : " اللهم إنك ترى مكاني وتسمع كلامي ، وتعلم سري وعلانيتي ، لا يخفى عليك شيءٌ من أمري ، أنا البائس الفقير ، المستغيث المستجير ، الوجل المشفق ، المقر المعترف بذنبه ، أسألك مسألة المسكين ، وأبتهلُ إليك ابتهال المذنب الذليل ، وأدعوك دعاء الخائف الضرير ، من خضعت لك رقبته ، وفاضت لك عيناه ، وذل لك جسده ، ورغم أنفه لك ، اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقياً ، وكن بي رؤوفاً رحيماً ، يا خير المسئولين ، ويا خير المعطين " .
 فهذا الدعاءُ دعاءٌ عظيم ، فيه خير جسيم ، وذكرٌ بليغ ، وتنبيه لطيف ، على رغبة الأمة إلى الله تعالى في هذا اليوم الشريف ، وإلحاحهم عليه في السؤال ، ودعائهم إياه على كل حال ، لأن أبواب السماء تفتح مراراً في ليلته ، لما يُفيضُه الله على عباده من رحمته " .
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين