همسة في أذن الآباء ـ 1 ـ - ـ
همسة في أذن الآباء (1)

الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
إن الشباب في كل أمة هم أعمدة نهضتها وحماة ذمارها وبناة أمجادها ووقود عزتها وكرامتها، والشباب أولى ما يجب أن يهتم به المربون ويفكر به القادة والمصلحون. وإذا رأيت شباب الأمة جاداً وصالحاً فهذا مؤشر على سلامة تفكير تلك الأمة وحسن مسيرتها، وهو إرهاص بالمستوى الحضاري الذي تتبوؤه بين الأمم آناً ومستقبلاً.
ويوم تجد الشباب تائهاً هائماً هازلاً عابثاً ضائعاً فتلك والله الكارثة. وأما الدعاة والمربون والمفكرون والقادة، أما هؤلاء فيجب أن تكون بيوتهم وأسرهم وأبناؤهم وبناتهم القدوة الحسنة والمثال المحتذى سيرة وخلقاً وأدباً وعلماً وطموحاً وجدية وصدقاً وإخلاصاً وربانية، وإن لم تكن بيوت الدعاة هكذا فيا حسرة على العباد.
وإن الناس بغنى عن الفلسفات والصناعات الكلامية المنمقة، وهم أشد غناء عن الخطب والمواعظ المزخرفة، وهم لا يهمهم في قليل ولا كثير الألقاب ولا الأوسمة ولا الشهادات العالية التي يحملها أصحاب الفضيلة.
إن الأمة بحاجة إلى المثل العملية المخلصة الصادقة التي تفرض على الناس الثقة بها وبالمبادئ التي تدعو إليها، وإن بيت الداعية هو محط الأنظار ومعقد الآمال. فهل يفطن قادة الدعوات لذلك؟ وهل تستجيب المناهج التربوية لهذه البدهية الضرورية؟! وهل ندرك أسباب الإخفاق في هذا المجال؟ ونصدق في معالجتها؟ وهل يسمح لي أحبتي أصحاب المبادئ وحملة الرسالة أن أتساءل بعض التساؤلات في هذا المجال؟
- هل نحن راضون عن بيوتنا وأولادنا؟ وعن مستواهم التربوي؟
- هل يقلقنا مستقبل أولادنا التربوي والأخلاقي والديني أكثر، أم تأمين مستقبلهم الدراسي والمادي؟
- هل يتميز أولادنا عن سائر أولاد الناس بآدابهم وأخلاقهم وطموحاتهم؟
- هل نعتز بأبنائنا وبانتمائهم وبمستوى تفكيرهم واهتماماتهم؟
- هل تتجافى جنوبنا عن المضاجع في الأسحار، وتذرف عيوننا الدمع ونحن ندعو الله بصلاح أهلينا وذرياتنا؟
- هل أهّلنا أولادنا لحمل الرسالة التي حملناها وضحينا في سبيلها بالكثير؟ أم أننا ندمنا على ما فرطنا، و يحرص بعضنا ألا يقع أولاده فيما فرط فيه هو من قبل؟
إنها تساؤلات عابرة وخواطر تلح على النفس، وهي صدى للواقع الذي تساهل فيه الكثيرون وفرط فيه الأكثرون، ولا أعمّم، فما زال في الساحة أخيار، وما زال في القوس منزع، وما زال الكثير من الشباب على الفطرة وينقصهم الرعاية المخلصة والجادة والواعية.
د.موسى إبراهيم الإبراهيم
12/2/2004م

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين