الحركات الإسلامية الأريترية - مدخل تعريفي
الحركات الإسلامية الإرتيرية.. مدخل تعريفي
بقلم: وليد الطيب
الحركات الإسلامية الأريترية متفردة؛ لأنها تكتسب طابعا قوميا يميز قطاعا عريضا من الشعب الإريتري، وهو قطاع مستقل فيه أصله العرقي ولسانه الثقافي عن بقية الشعب، ولا يجد المسلم الإريتري من مناص سوى الاتصال بالحالة الإسلامية الحركية، ولاء أو تعاطفا، وخصوصا في دول المهجر، فالحركة الإسلامية هي التي تحتمل تبعات كثيرة تجاه هذا الأمة المغلوبة على أمرها.
فالحركات الإسلامية الإريترية هي رأس الرمح في الدفاع عن الهوية الإسلامية والعربية للمسلمين الإريتريين أمام محاولات النظام الإريتري فرض اللغة التجرانية والديانة المسيحية هوية لدولة إريتريا. أما الحالة الحركية الإسلامية فهي لا تختلف كثيرا عن قريناتها في العالم العربي؛ فهي منقسمة بين التيارين الإسلاميين الرئيسيين في الأمة الإسلامية في العصر الراهن: تيار الإخوان المسلمين، والمدرسة السلفية، وما تفرع منهما.
وقد اتحد الناشطون الإسلاميون برامجيا فيما عُرف في تاريخ إريتريا المعاصر بحركة الجهاد الإسلامي الإريتري، التي تكونت عام 1978م، من اتحاد مختلف التيارات الفكرية الإريترية الإسلامية التي كانت تنشط في الثورة الإريترية ضد الاحتلال الإثيوبي، في محاولة لتأكيد المشاركة الإسلامية في تلك الثورة. وبعد نجاح ثوار إريتريا في تحقيق الاستقلال الوطني ونيل الحرية في عام 1991م، وانفراد الجبهة الشعبية بالسلطة بقيادة أسياس أفورقي، طفت وجهات نظر الجماعات الإسلامية على المشهد من جديد؛ فراح الإخوان المسلمون يبحثون عن جماعتهم الخاصة، واندفع السلفيون لتأكيد وجودهم الحزبي، فانقسمت حركة الجهاد الإسلامي إلى حركتين:
1- الحزب الإسلامي الإريتري للعدالة والتنمية:
يعتبر الحزب الإسلامي للعدالة والتنمية أحد الامتدادات المباشرة لمجاهدات المسلمين في إريتريا منذ قرون بعيدة للحفاظ على الهوية أمام محاولات الطمس التي مارسها الأباطرة الإثيوبيون بحق المسلمين، كما يعد من ثمار مجاهدات حزب الرابطة الإسلامية في سبيل استقلال إريتريا.
نشطت رموزه المؤسسة ضمن حركة الجهاد الإسلامي الإرتري في عام 1988م، وفي أغسطس 1998م بعد الانقسام الذي ضرب جسد حركة الجهاد اختارت تلك المجموعة ومناصروها اسم (حركة الخلاص الإسلامي الإريتري) بتوصية خرج بها المؤتمر الثالث للحركة.
وتعود جذور الانقسام الذي أدى لبروز هذا الحزب إلى ظهور تباينات في الانتماء الفكري والثقافي بين قيادات الحزب وقاعدته؛ حيث ظهر تيار سلفي متميز، وتيار إخواني له سماته التي تختلف عن سمات التيار السلفي.
وفي أغسطس من عام 2004م (المؤتمر التنظيمي العام الرابع) غيِّر الاسم إلى (الحزب الإسلامي الإريتري للعدالة والتنمية) في محاولة من الحزب لاستيعاب الشعب الإريتري بمختلف أطيافه العرقية والثقافية، وقبول الآخر، والتعايش السلمي ضمن المشروع الإسلامي الوطني لإريتريا.
وتأكيدا لهذا المعنى دعا الحزب في الجلسة الافتتاحية لمؤتمره الرابع الأطياف السياسية العاملة في الساحة السياسية الإريترية، بالإضافة إلى ممثل الكنيسة الأرثوذكسية.
معالم المشروع
هو حزب إسلامي ينطلق من الفكر الإسلامي ويدعو له، ويقبل بالرأي الآخر ويحترمه، ويرسخ الحوار كقيمة حضارية بين أصحاب الفكر، ورسالته بحسب مواثيقه المنشورة هي أن تصبح إريتريا وطنا للجميع. ويؤكد الحزب أن الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا التي يرأسها الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، قد فرضت على الشعب الإريتري رؤاها التي تصادم كل الثوابت السياسية والثقافية والاجتماعية للشعب الإريتري وأنها يجب أن توقف، وأن الإسلام واللغة العربية وثقافتها والمسيحية والتجرانية وبقية اللهجات مكونات أساسية لهوية الشعب الإريتري، وإنكار هذا الواقع أو محاربته لن يؤدي إلا إلى العنف وعدم الاستقرار في إريتريا.وطريقة التغيير التي ينتهجها الحزب هي كل الوسائل المشروعة التي يتطلبها الموقف من جهاد مسلح وعمل سياسي.
وليس للحزب الآن وجود جهادي داخل إريتريا، وهو عضو في تحالف المعارضة الإريترية الذي يضم 13 حزبا، ويتخذ من أديس أبابا مقرا له.   
أبرز رموز الحزب
يتولى الشيخ أبو مصعب: خليل محمد عامر، منصب الأمين العام، ومن رموزها أيضا أبو ماجد: حامد صالح تركي، والشيخ محمد إسماعيل عبده الذي توفي مؤخرا.
2- حركة الإصلاح الإسلامي الإريتري:
النشأة: كانت رموز حركة الإصلاح تنشط ضمن حركة الجهاد الإسلامي الإريتري، التي أسست في عام 1988م، وقد اختارت هذه الرموز التي لها وعي وانتماء للمدرسة السلفية، أن تتميز باسم "حركة الإصلاح الإسلامي الإريتري"، بعد خروج المدرسة الإخوانية من الحركة تحت اسم مستقل. وقد تعرضت الحركة لانقسام تنظيمي ثان في عام 2005م، بخروج مجموعة أطلقت على نفسها "المؤتمر الإسلامي". وللحركة وجود جهادي ونشاط قتالي داخل إريتريا، وتنتهج الحركة الآن أسلوب حرب العصابات؛ نتيجة للتغيرات الإقليمية لصالح النظام الحاكم في إريتريا. وهي عضو فاعل في تحالف المعارضة الإريترية الذي يضم 13 حزبا، ويتخذ من أديس أبابا مقرا له. ويعمل الحزب على ثلاث جبهات: العمل الجهادي، والعمل السياسي، والعمل الخيري الإغاثي لخدمة قطاع اللاجئين الإريتريين.
أهداف الحركة:
 تهدف حركة الإصلاح -وفق مواثيقها وأدبياتها- إلى تحقيق عبودية الله، وتحرير الإنسان من ربقة العبودية لغير الله. وتهدف الحركة إلى إقامة المجتمع المسلم المعافى في دينه ودنياه في إريتريا، والعمل على إيجاد صيغ قائمة على العدل تكفل التعايش السلمي مع النصارى في إطار إريتريا الموحدة.وتسعى الحركة لإقامة الدولة الإسلامية التي تحقق العدل والأمن والتنمية الشاملة في إريتريا، وربط إريتريا بمحيطها الإسلامي والعربي والإفريقي، والسعي للتعاون والتكامل في جميع المجالات، وتحقيق الاستقرار في البحر الأحمر ومنطقة القرن الإفريقي وفق ما يخدم مصالح الشعب الإريتري والمصالح الإقليمية والدولية.
مبادئ الحركة:
تقوم الحركة بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق منازلهما على مقتضى الحال حسب المستطاع بالحكمة. وتقوم الحركة على نشر العدل بين الناس، ونبذ جميع أشكال التمييز الجاهلية، وتقدم وتؤخر وفق المعايير الشرعية. وترى الحركة في مبدأ الشورى الأساس لممارسة السلطة في جميع المستويات القيادية، مع التزام الطاعة الشرعية للقيادة. وتقيم حركة الإصلاح روابط الأخوة والتناصر على الحق مع جميع المسلمين، وتعمل على مناصرة قضايا الشعوب المستضعفة. وكعادة اهتمام الحركات السلفية تقوم حركة الإصلاح على محاربة المناهج المنحرفة والأخلاق الفاسدة، والطرق المؤدية لها وفق الضوابط الشرعية.
من أبرز رموز الحركة:
يتولى الشيخ أبو سهيل: محمد أحمد صالح، منصب الأمين العام لحركة الإصلاح، ويتولى أمر الملف السياسي بالحركة الشيخ أبو شاكر: محمد طاهر شنقب الأمين العام (تحالف المعارضة الإريترية)، ومن رموزها كذلك الشيخ أبو الحارث: آدم إسماعيل، وأبو العباس: عبدالقادر محمد، والأستاذ علي محمد.
المؤتمر الإسلامي:
النشأة: أنشئ المؤتمر الإسلامي الإريتري في 25/ 2/ 1427هـ - 26/ 3/ 2006م بمبادرة من شخصيات إسلامية إريترية كان لها عطاء في الساحة الوطنية السياسية والدعوية الإريترية، بعد خروجها من حركة الإصلاح الإسلامي. وشارك في العمل ضمن تنظيمات سياسية إسلامية في تحالف المعارضة الإريترية الذي يضم تنظيمات إسلامية ووطنية وأحزابا ذات جذور مسيحية.


عقد الحزب مؤتمره العام الأول في عام 2007م، ورسم فيه رؤيته الكاملة في كل الأدوات المنوطة به, ويطمح هذا التنظيم بذلك أن يكون تنظيما مؤسسيا قويا ومتكاملا ورائدا وفعالا وسط مجتمعه، بحسب تطلعات مؤسسية. ويعتبر المؤتمر الإسلامي تنظيما عاما مفتوحا لكل الإريتريين الذين يؤمنون بتوجهه، ويقتنعون برؤيته، ويلتزمون بسياساته ونظمه.ورغم إيمانه بجدوى العمل الجهادي، إلا أن الحزب ليس له وجود عسكري في الداخل، ولا يعتبره من أولوياته في هذه المرحلة.
مبادئ المؤتمر وملامح برنامجه:
1. الإسلام: وهو المكون الأساسي في جميع مناحي الحياة للمجتمع الإريتري، والشورى التي هي مبدأ أساسي من مبادئ الإسلام في السياسة والحكم والاجتماع.
2. العدل: وهو قيمة دينية وإنسانية، وركن هام لتحقيق الأمن والاستقرار وإشاعة الحرية والمساواة والرحمة والتعاون على البر والوحدة والشفافية والكرامة الإنسانية, والاستقامة الإدارية وتكافؤ الفرص.
3. إقامة علاقات خارجية مبنية على حسن الجوار، وتنمية المنافع المشتركة،
عدم التدخل في شئون الآخرين.
4. رعاية كيان الأسرة وحمايتها.
5. رعاية الحالات الخاصة من الأرامل والأيتام ومعاقي الحرب وأسر الشهداء, وترسيخ ممارسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وقبول الرأي الآخر.
6. اعتماد اللغة العربية والتجرانية كلغتين وطنيتين رسميتين في إريتريا.
7. إقامة اقتصاد يحقق التوازن والاكتفاء الذاتي.
8. المحافظة على سيادة إريتريا ووحدتها بحدودها الجغرافية التاريخية، وإشاعة روح التسامح والتعايش والوفاق الوطني، والتعاضد مع القوى الوطنية لتقوية وتمتين أسس الوحدة الوطنية.
9. السعي لإقامة حكم يؤمن بالحريات والحقوق، ويقوم على تقسيم السلطات.
10. التكامل مع المحيط العربي والإفريقي والدولي.
11. انتهاج التدرج في إصلاح الواقع الإريتري.   
أبرز رموز الحزب:
يعتبر الأمين العام للمؤتمر الإسلامي الإريتري الأستاذ حسن محمد سلمان واحدا من القيادات الإريترية الإسلامية الشابة ذات العطاء السياسي والفكري الواضح في الساحة الإريترية، وهو من مؤسسي حركة الجهاد الإسلامي الإريتري، وقد تبوأ فيها مناصب قيادية عديدة.
صحفي سوداني

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين