رمضان شهر الرحمات وشهر البطولات - نفحات رمضان
رمضان شهر الرحمات وشهر البطولات
لقد كان الدعاء النبوي الخالص مع إطلالة شهر رمضان:
(اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، هلال رشد وبر وخير، ربي وربك الله).
       فكيف أهل علينا شهر رمضان في هذا العام؟
نسأل عن الأمن والإيمان، إذ أنهما مرتبطان بوشيجة واحدة، فأي الفريقين أحق بالأمن لو كنتم تعلمون؟
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }الأنعام82
لكننا نرى اليوم المؤمنين المخلصين هم الذين يتعرضون للخوف في كل مكان! فالمسلمون في الأرض من أقصاها إلى أقصاها متهمون، ملاحقون حتى في أرض الحريات والديمقراطية، فالقوانين خاصة بهم في حق اعتقالهم والتحقيق معهم!
أما في بلاد الإسلام، فالمؤمنون المخلصون إما محاربون من حكوماتهم، أو محاربون من أمريكا أم الإرهاب!
فأمريكا جاثمة على صدر المسلمين في العراق، وفي أفغانستان، وهي تهدد باحتلال السودان ما لم يقبل بالقوات الدولية من أجل دارفور، وفي فلسطين يجوعون الشعب كله ما لم يسقط حكومته أو تعترف بإسرائيل! والذين يقررون مصير العالم من الدول الكبرى في النهاية هم خمس دول ليس فيها دولة إسلامية واحدة شريكة في ذلك!
ويقضى الأمر حين تغيب تيم              ولا يستأذنون وهم شهود.
       وما يقال عن الأمن والإيمان، يقال عن السلامة والإسلام، فهما من وشيجة واحدة، ففي ظل الإسلام لا خوف على أحد، إلا المحارب لهذا الدين، فغيره إما مسلم آمن، أو معاهد مستأمن بحماية الله ورسوله. (من آذى ذميا فقد آذاني)، (من آذى ذميا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله، لا يقبل منه صرفا ولا عدلا).
       وأمة الإسلام واحدة، يتحداها رئيس أكبر دولة في الأرض فيصف المسلمين بالفاشستيين، في الوقت الذي يصدر أحكامه كما يشاء في إلحاق تهمة الإرهاب بمن يشاء! ويا ويل من لا يأخذ برأيه، وهو صاحب النظرية المشهورة: (من لم يكن معنا فهو ضدنا)!
       وأمة الإسلام واحدة، يتحداها رأس النصارى في الأرض، وحبرهم الأعظم، فيستدعي التاريخ ليؤكد أن الإسلام قام بالسيف، وعلى العنف، وأنه رأس كل شر، متناغما مع بوش، لتبرير الحرب القائمة في الأرض على الإسلام!
 
       لكننا نتساءل من جهة ثانية:
لم إعلان الحرب على الإسلام، واعتباره العدو الاستراتيجي، بعد أن انتهت الشيوعية ومعسكرها في الساحة الدولية؟
الجواب بسيط.
قبل أمد بسيط، وقبل أن يتبين العالم مظاهر الصحوة الإسلامية الراهنة، كان المسلمون ضعافا لا صوت لهم في الأرض، ولا وجود لهم في الساحة، فليس من داع لإعلان الحرب عليهم، وما لجرح بميت إيلام!
أما اليوم وهم يقولون: (لا) للغطرسة والاحتلال وتقرير المصير من الخارج، والعبث بالهوية والثوابت والمقدسات..
وهم يقولون: (لا) للاستبداد والتبعية والانقياد الأعمى...
وهم يقولون: (لا) للجهل والتجهيل، للفقر والإفقار، للمرض والعبث بسنن الحياة والفطرة...
وهم يقولون: (لا) للتجزئة، و (لا) للفساد، و (لا) للطغيان والاستكبار، و (لا) لفرض الثقافات والقيم المعادية
يقولون: (لا) في كل مكان في الأرض بلا استثناء..
وتستجيب الشعوب الإسلامية لهم، فتتحرك من سباتها، وتحمل سلاحها دفاعا عن وجودها، أوترفع صوتها –على الأقل- لتعلن استمساكها بحقوقها، واستعدادها لاستردادها، وتلقى في سبيل ذلك السجون والمعتقلات والإعدامات وجرائم الحرب، دون أن تترجع! فذاك هو مكمن الخطر عند أعداء الأمة، وأعداء نهضة المارد الإسلامي من قمقمه الذي زينوه له!
الغرب يعلنها حينا، ويخفيها حينا آخر أنها حرب صليبية جديدة، وإسرائيل تعلنها بلا هوادة بعد احتلال القدس: (هذه بخيبر)!
إنهم يكشفون عن وجههم الكالح، وقد ضمنوا معظم حكومات العالم الإسلامي أن تكون تابعا ذليلا لهم! ويرون أن هذا هو الضمان لاستقرارهم من خلال حكومات دكتاتورية تقمع شعوبها حتى لا تثور، لكنهم أدركوا بعد      ذلك أن هذه السياسة هي التي فتحت عليهم النار والطوفان!
فقد تحررت الشعوب من حكامها، وانطلقت متجاوزة حدودهم في كل مكان في الأرض، مستجيبة لقول الله عز وجل:
{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }الشورى39-40.
       لقد أفلت الأمر من أيدي الحاكمين الطغاة، وأفلت من أيدي أسيادهم من اليهود والنصارى الذين لن يرضوا حتى نتبع ملتهم! وأصبح الأمر بيد القادة المفكرين من العلماء.
العلماء هم الذين يحملون لواء التحرير، وهم الذين يقودون أممهم إلى الهدى.
ورابطة العلماء في سورية تنادي إخوانها وشيوخها من العلماء، أن يكونوا صفا واحدا لقيادة الأمة وحمل الأمانة في سورية..
       فأنتم –معاشر العلماء- أحق بولاية أمر أمتكم وشعبكم ووطنكم مع أولي أمرها، وأجدر بأن تكون لكم الكلمة الأولى والأخيرة، فقد أجمع المفسرون أن أولي الأمر هم الأمراء والعلماء.
       ننادي إخواننا وعلماءنا في سورية أن يكون رمضان هذا مبعث انطلاق وحدة كلمتهم على الحق، وها نحن رأيناهم عندما وحدوا كلمتهم استطاعوا أن يغيروا القرار الجائر بالنسبة للمدارس الشرعية، بالحكمة والموعظة الحسنة.
       نناديهم أن يكون رمضان منطلق المؤتمر العام لهم، لوضع منهاج وجودهم على الساحة. فرمضان شهر الرحمة، وشهر المغفرة، وشهر العتق من النار، وهو كذلك شهر الملاحم والبطولات والفتوحات، فأعظم أمجادنا في شهر رمضان، بدر والفتح وحطين، فأين جيل صلاح الدين ليقدم صلاح الدين؟
       وكل عام والمسلمون في الأرض بخير وعز ونصر وتمكين. {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحج40

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين