إسرائيل تطلق مشروع واجهة القدس - طرد المقدسيين

«إسرائيل» تطلق مشروع «واجهة القدس».. بطرد 1500 مقدسي


بقلم: الشيخ جمال الدين شبيب


منذ إعلان الكيان اليهودي دولته الغاصبة على أرض فلسطين في أيار 1948 حتى اليوم، ما زال يبذل جهوداً متواصلةً وينفذ مخططات لتغيير الطابع الديمغرافي لمدينة القدس. باعتبار أن أخطر وأعقد ما واجه ويواجه أية حكومة أسرائيلية على صعيد تثبيت ديمومة كيانها المحتل.. كان يتلخص في مشكلتين: القدس، ومصير اللاجئين الفلسطينيين. فهاتان المشكلتان تشكلان المفصل التاريخي الذي يقض مضاجع القادة الاسرائيليين.
من هنا يمكننا أن نقرأ ما تقوم به سلطات الاحتلال الاسرائيلي من انتهاكات وجرائم تستهدف المقدسيّين، بدءاً بسياسة الترحيل الجماعي للسكان الفلسطينيين «الترانسفير»، التي بدأت بتطبيقها منذ احتلالها الجزء الشرقي لمدينة القدس، ولن يكون آخرها قرارها بهدم «88» مسكناً للفلسطينيين في بلدة سلوان بالقدس وترحيل مائتي عائلة، أي أكثر من 1500 مواطن مقدسي واقتلاعهم من أرضهم وبيوتهم في عملية بدأت تباشيرها الأسبوع الماضي، إضافة الى الحصار العسكري المستمر على المدينة، والتضييق الاقتصادي على سكانها لإجبارهم على الرحيل.
اللعب بالديمغرافيا المقدسية
ماذا يعني أن تسلّم سلطات الاحتلال إخطارات لعشرات العائلات الفلسطينية المقدسية من سكان حي البستان في بلدة سلوان المجاورة للجدار الجنوبي لسور البلدة القديمة للقدس المحتلة.. وترغمهم على مغادرة منازلهم التي يسكنها 1500 شخص، بغرض هدمها بذريعة البناء بدون ترخيص.. ببساطة إنها اكبر عملية ترحيل في حال تنفيذها منذ احتلال المدينة عام 1967.
وأخطر ما في الأمر هو محاولة سلطات الاحتلال خداع المواطنين في حيّ البستان عن طريق دفعهم لمقايضة منازلهم بمساكن بديلة في أحياء مقدسية أخرى مثل بيت حانينا وغيرها، وهذا ما يعكس حجم الاضطهاد الذي بات يعاني منه المواطن المقدسي، ويكشف عن المستوى الخطير الذي بلغته عملية التهويد المستمرة والمتواصلة منذ احتلال القسم الشرقي للمدينة.
إضافة الى قيام سلطات الاحتلال مؤخراً بإغلاق البوابات الحديدية والفتحات التي كانت تربط بلدة الرام وضاحية البريد في القدس، أي سياسة التخلص من المواطنين المقدسيين وإخراجهم من مدينة القدس سعياً لتجريدهم من مواطنيتهم وهويتهم المقدسية.
اللعب بالديمغرافيا الفلسطينية لا يطال المسلمين المقدسيين وحدهم، فهو لا يوفر المقدسيين من المسيحيّين. فإن سلطات الاحتلال كانت قد نجحت في تهجير عشرات الآلاف من المسيحيين بفعل الظروف القاسية التي تفرضها على الفلسطينيين عموماً، حتى أن نسبتهم اليوم في المدينة المقدسة لم تعد تتجاوز 1% بعد أن كانت تصل إلى أكثر من 5%.
ورغم الجهود الإسرائيلية المستمرة منذ عشرات السنين لطرد العرب المقدسيين من منازلهم، ما زال العامل الديمغرافي يتحدى كل التوقعات ويعمل لغير صالح العدو.. فبرغم كل محاولات التهويد الإسرائيلية ما زالت المدينة مقسمة روحياً، وسكانها الفلسطينيون يرفضون تهويدهم ودمجهم في الكيان الصهيوني، أو حتى المشاركة في الانتخابات البلدية الاسرائيلية، ويصرون على التمسك بهويتهم كجزء من الدولة الفلسطينية الموعودة!.
مشروع «واجهة القدس»
القرار الأخير لسلطات الاحتلال الاسرائيلي أعاد الى الواجهة مجدداً المشاريع الاستيطانية الاسرائيلية التي تهدف لتهويد المدينة ونزع ما تبقى من السيطرة على الأراضي العربية والأوقاف الإسلامية والمسيحية المقدسية وتحويلها إلى دائرة يجري استحداثها (من قبل الحكومة الصهيونية والبلدية ولجنة تطوير البلدة القديمة ودائرة ما يسمى بـ «أراضي إسرائيل»).
 إنه المشروع التهويدي القديم الجديد الذي يحمل اسم «واجهة القدس» لإدارة ما يسمى «التراث والتاريخ اليهودي» في القدس الذي يشمل بحسب المخطط المسجد الأقصى والكنائس والأراضي التابعة لها في منطقة الصوانة والجثمانية ومنطقة الطور وباب الأسباط والمقبرة الإسلامية وكذلك باب المغاربة وأراضي الأوقاف في السلودحة وساحة باب المغاربة ومنها إلى عين سلوان وحتى باب الساهرة في محيط أسوار المدينة المقدسة.
وقد بدأت سلطات العدو تنفيذ هذا المشروع عبر شق نفق من باب الخليل أسفل البلدة القديمة إلى باب المغاربة جنوباً، وهي اليوم تعمل على مد خطوط لقطار هوائي من باب الأسباط إلى جبل الزيتون – الطور، وكذلك من الثوري إلى عين سلوان في ما يطلقون عليه (مدينة داود) بالتعاون مع الجمعية الاستيطانية (العاد) التي استولت على عشرات المنازل هناك.
المشروع التهويدي للقدس لم يعد سراً، وتعمل سلطات العدو لحشد ملياري شيكل لتمويل تنفيذه في خطة تمتد لست سنوات، وتجند «الشعب اليهودي» وجالياتها في دول القرار باتجاه فرض الاعتراف بحقوق اليهود في الحوض المقدس الذي يشمل (المسجد الأقصى المبارك


مجلة الأمان ن العدد (346).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين