أين تقع غزة؟!! - أين تقع غزة
أين تقع غزة؟!!

محمد فايع عسيري
أتساءل: أين تقع غزة؟ وأريد من كل من يهمُّه أمرُ غزَّةَ أن يقول لي: أين تقع غزة؟
في الشمال أو في الجنوب، في الشرق أو في الغرب من فلسطين؟ وكم عدد سكانها؟ وكيف هو مناخها؟ و ما أبرزُ محاصيلها؟ وهل هي متحضرة أم بادية؟ و ما أبرزُ ما يتميَّز به أهل غزة من العادات والتقاليد والسمات الدينية؟ وكم عدد المدراس؟ وكم عدد الجامعات؟ وكم عدد المساجد؟
إن كل الأسئلة التي سبقت مهمة، ومهمٌّ الإجابةُ عليها؛ لكن ليس الآن، إنها فقط تكشف مدى التجاهل الكبير من العرب والمسلمين لهذا القطاع المهم، الذي يمكن أن يكون نقطة تحول في السياسية الإسلامية في العالم، ومع ذلك لا يهمُّ الآن أن نعرف عدد السكان؛ لأنهم يموتون كلَّ لحظة، ويَحْيَون كل لحظة، لا يهم أن أعرف مدى تمسك أهل غزة بدينهم، وهم يتبرَّعون بدمائهم في سبيل نصرة الحق وأهله، ولا يهم أن أعرف محاصليها، أو أن أعرف عدد المدراس أو المساجد، أو الجامعات والمستشفيات؛ لأن كل شيء غدا كالهشيم، لا يعنينا أن نعرف ما هي وظائفهم؛ لأنهم دائمًا على استعداد لمواجهة العدو الصهيوني، ولا يهمنا كذلك أن نعرف مناخها؛ لأن الجو مُلَبَّد بالرصاص والقنابل، ولأن طرق إيصال المساعدات الغذائية والدوائية والكسائية كلُّها متوقفة عند باب غزة، تنتظر نظرة المصالح والمفاسد، التي يمكن أن ينشأ عنها فتح الطريق للمساعدات.
لكني مرة أخرى أعود وأقول: أين تقع غزة؟ ولكني في هذه المرة لا أقصد الخريطة الجغرافية؛ لأنه لم يَعُدْ يهمُّنا موقع الجريمة، مادام المقتول أخي في الإسلام، إنني أتساءل: أين تقع غزة في برنامجنا الحكومي والشعبي؟
أين موقع غزة في قلوبنا؟ أعتذر، فشهوات البطن والنوم، والمال والراحة قد ملأت قلوبنا؛ فلم يَعُدْ هناك مكان لك ياغزةُ؛ فعذرًا.
أين موقع غزة في مدارسنا؟ أعتذر؛ فمناهجنا - لكثرة العلم الذي بها، والتِّقْنية التي توصلنا إليها، والتي نحاول فيها أن نلحق قطار الحضارة - لم يعد فيها مكان للكلام عن غزة؛ فعذرًا.
أين موقع غزة في إعلامنا؟ أعتذر؛ فإن برامج الواقع، والحفلات الغنائية، وأعياد رأس السنة، و"الكِليبات" المعروضة، والمسلسلات التركية والمكسيكيَّة والعربية - لم تجعل لنا وقتًا لعرض مأساتكم يا غزة؛ فعذرًا.
أين موقع غزة في جدول أعمالنا؟ أعتذر، فالجدول مزدحم بالقضايا الاقتصادية، والرئيس الأمريكي الجديد، والمفاعلات النووية، ومحادثات السلام؛ فعذرًا.
يا عِزَّةَ غزَّة، واصلي صمودَك؛ أنت من ستُكْتب في التاريخ خالدة في الدارين، واصلي جهادَك؛ فأنت (غزة) في رؤية القاصرين، ولكنك (عِزَّة) في رؤية المسلمين الصادقين.
يا غزة، أنت رمز للحكومة الإسلامية، التي تريد التطبيق، ولا تريد التطبيع، فاثْبتي، ثَبَّتك الله وأهلَك، وأعانك ونصرك، وأيَّدك بالملائكة، وبالنصر المؤزَّر في القريب العاجل.

المصدر : موقع الألوكة

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين