ابن عساكر - المؤرخ المدقق
ابن عساكر
المؤرخ المدقق
499ـ571
بقلم:خالد البيطار
هو علي بن الحسن بن هبة الله ،وليس من جدوده أحدٌ يسمى عساكر ، ويرجح أنه سُمي بذلك لأنه يدافع عن دين الله بعساكر اجتهاده، فكان آراءه هي العساكر التي يدافع بها، وهي التي حمته وأنقذته من الجهل والانحراف فهو ابنها.
ولد سنة أربعمائة وتسع وتسعين(499هـ) في دمشق. ونشأ وتعلم فيها على يد كبار أئمة دمشق في ذلك العهد، وقد استوعب كثيراً من العلوم في سنٍ مبكرة، ورغب أن يرحل في طلب العلم، وقد تحقق له ذلك.
فسافر إلى بغداد وأقام فيها خمس سنوات بالمدرسة النظامية.. ثم رحل إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة ، ثم رجع إلى الكوفة وبغداد للتعمق في علم الحديث والفقه وعلم الكلام... ثم إلى دمشق ومنها إلى خراسان ، وتنقَّل من نيسابور إلى مرو إلى هراة إلى الري إلى همدان ... ثم عاد إلى بغداد سنة (533هـ) فأقام فيها ، ثم رحل إلى دمشق فاستقر بها وبدأ يكتب مصنفاته.
وقد أكسبته هذه الرحلات والتنقلات معرفةً بالبلاد وبتاريخها وبالرجال وآرائهم ، مما جعل مصنفاته لها قيمتها العلمية والتاريخية.
وإذا ما أضفنا إلى خبرته ورحلاته دقَّته في نقل الأخبار، ودقَّته في معرفة الحقيقة والوصول إليها وصلنا إلى توثيقه أكثر وأكثر.
لم يشتهر ابن عساكر في وقتنا الحاضر إلا بتاريخه ( تاريخ دمشق) بالرغم من أنه لم يقتصر في علمه على التاريخ، وإنما ألف وصنَّف في عدة علوم ، بل ودرس في دار الحديث النورية التي بناها نور الدين زنكي في دمشق الفقه وعلم الكلام، ودافع عن العقيدة وحارب أهل الزندقة بالحجة والبرهان ، وله كتاب في ذلك سمَّاه: (تبيين كذب المفتري فيما نُسب إلى أبي الحسن الأشعري)، وله آراءٌ كثيرة واجتهادات في الفقه وأصوله وبخاصَّة في المذهب الشافعي.
استمر في تدريسه في دار الحديث النوريَّة حتى توفي سنة 571هـ عن اثنين وسبعين عاماً في دمشق ودفن في مقابرها ـ رحمه الله تعالى وأجزل له الأجر والثواب ـ .
من كتاب : رجال القيادة والريادة من أعلام المسلمين.
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين