اجعل لك أثراً في الحياة - ابتعد عن الكسل والراحة
                
     اجْعل لكَ أثراً في الحياة !!

اجْعل الحياةَ مُنطلقاً لكَ وساحة ، وطلِّق الكَسلَ والراحة . ما هو شعورك حينما ترى العالمَ يجيبُ على إشكالاتِ الناسِ في أمورِ دينهم ! والمهندسُ يعمر الأرضَ ويبنيها ! والطبيبُ يُعالجُ المرضى ! والكاتبُ يُؤلف ! والشاعرُ ينظِّم ! والباحثُ يبحث ! والمُعلمُ يدرِّس ! والعبقريُ يخترع ! و..و.. الخ ، وأنت !! هل ستكونُ زائداً على الدُّنيا ؟ أم هل ستكونُ عالةً عليها ؟ اجْعل لحياتكَ معنى ، كُنْ طموحاً ، اجْعل اشتغالَكَ كسْبَ المعالي ، لا يكن غاية ما تتمناهُ وترجوهُ : جمعُ مالٍ ، أكلٌ وشربٌ ، استمتاعٌ بالنساء !!!يقول ابن حبّان البستي : " من لم يكن له همة إلا بطنه وفرجه عُدَّ من البهائم ، والهمة النبيلة تبلغ صاحبها الرتبة العالية " .
 اجْعل لكَ أثراً ، كُن من صُنَّاع الحياة ، لا تكن من هُدَّامها !  اشحذ صارمَ هِمَّتك ، لابتغاءِ سبيلِ بُغيتك . لا يكن شِعارُكَ الكسل ، ودِثارُكَ التسويفُ والعلل ! فالشغلُ مَحْمَدة ، والفراغُ مَفْسَدة .
           إلى كمْ ذا التَّخلُفُ والتَّواني *** وكمْ هذا التمادي في التَّمادي ؟
لا تخدعُنكَ نفْسُكَ بأنَّك لن تستطيع أن تتركَ أثراً ، وأنَّه ليست لديكَ قُدُرات كقدرات العُظماء ، وأنَّهم يختلفونَ عنك !
يقول أبو العيناء :
               إذا أعجبتك خِصالُ امرئٍ *** فكنهُ يكنْ منك ما يُعجبُك
               فليسَ على المجدِ والمكرماتِ *** حِجابٌ إذا جئته يحجبك !
كُن حازماً لا تُدهشُ لكَ عزيمة ، وتُكهمُ لكَ صريمة !شُدَّ عزيمتك ؛ فإنَّ من اشتدَّت عزائمه اشتدَّت دعائمه ، وفي كَدِّ البدنِ رُوحُ الروح . خالِطِ الناسَ واستفد من تجاربهم ؛ فالحياةُ تجارب .
يقول عمر – رضي الله عنه - : ( لا تصًغرنَّ همَّتك فإني لم أرَ أقعدَ بالرجلِ من سُقوطِ همَّته ) .
لا يعني أنه لابدَّ أن يكون ( أثرك ) اختراعٌ بارع ! أو شيئاً لم تُسبق إليه !
كلٌ حسبَ طاقته وجهده . انفع الناسَ وساعدهم ، ابذلِ مجهودكَ لهم ، ليكن لِسانُ حالِكَ
             ما أُبالي إذا ضيفٌ تضيفني ** ما كانَ عندي إذا أعطيتُ مجهودي
            جُهد المقلِّ إذا أعطاكَ مُصطبراً ** ومُكثرٌ في الغنى سيَّان في الجودِ
             لا يعدمُ السائلون الخير أفعلهُ ** إمَّا نُوالي وإمَّا حُسْنُ مردودي
فإذالم تستطع أن تكون نجماً في السماء، فكن مصباحاً في المنزل ً! واعلم أنَّ قيمَُكَ ليست بقدر مالكِ ! وإنَّما بما تُقدمُ وتُثمِرُ وتُحسِنُ وتُأثِّر ! يقولُ عليُ بن أبي طالبٍ – رضيَ الله عنهُ – " : ( قيمةُ كُلِّ امرئٍ ما يُحْسن )
إذا حضرتَ مجلِساً فليكن لكَ تأثيرٌ عليهِ ، لا تكن كمن إذا حضرَ لا يُعرف ، وإذا غابَ لا يُفتقد !! بل :
                  وكُنْ رجلاً إنْ أتوا بعده *** يقولون : مرَّ ، وهذا الأثرْ
وحذارِ حذارِ أن تتعلَّم ولا تنفع ؛ فالعلمُ أيَّاً كان لا ثمرةَ له ولا لذَّة  إن لم تُفد به غيرك .
لا تخجل في طرحِ رأيك إن كان عندك رأي ، وإن كانت لديك تجربةٌ حَدِّث إخوانكَ عنها ، خُذ رأيهم ، اقبل نقدهم ،لا تُمت مواهبك وإبداعاتك بصمتكَ وخجلِك!! ، لا تكن كمن يجمعُ المالَ ولا يستفيدُ منه !!
يقولُ داود الطائي : أرأيتَ المُحاربَ إذا أرادَ أن يلقى الحرب ؟ أليسَ يجمعُ آلته ؟ فإذا أفنى عُمره في جمعِ الآلةِ فمتى يُحاربْ ؟؟؟
لا تُسلي نفسكَ بأنَّك لم تزل صغيراً ! فإنَّك إذا كبرت فستقول : فاتني القطار !
الحياة كالرمل كلُّنا يمشي فيها ، ولكن : مَنْ جعلَ أثراً على الرمل جعلَ أثراً للحياة ، ومن لم يجعل فهو كمن مشى على الرملِ ولم يترك أثراً !!!
يقولُ عالِمُ النفس وليم جيمس : ( إنَّ الإستغلالَ العظيم للحياة هو أن نقضيها في عملِ شيئٍ ما يبقى إلى ما بعد الحياة )
إيَّاكَ إيَّاك أن تكونَ من :
                      بني الهِممِ الهَوامدِ والنُفوسِ الخوامدِ والمروءاتِ النيامِ
يقول الأديبُ الرافعي : ( من لم يزد شيئاً على الدنيا فهو زائدٌ عليها !) .
واعلم أنَّكَ إذا تركتَ لك ( أثراً ) طيباً في الحياةِ ستتركُ لكَ الذِّكْر الحسن الذي هو حياةٌ لكَ أُخرى يقول أميرُ الشعراء أحمد شوقي :
       
            فارفع لنفسكَ بعدَ موتكَ ذكرها ** فالذِّكرُ للإنسانِ عُمْرٌ ثاني
 
عجَّل ، وشمِّر عن ساعديك ؛ فالجيلُ القادمُ ينتظرُ( أثرك )، والمجالُ مفتوحٌ أمامك .
         نواف بن محمد العبدالله آل رشيد
[email protected]
 
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين