العرس الجماعي الأول في منبج - مشروع خيري لخدمة الشباب

العرس الجماعي في منبج


د. إبراهيم الديبو


شهدت ساحة مسجد الشيخ عقيل المنبجي في منبج عرسا جماعيا في مساء يوم السبت 15/11/2008م ضم خمسين عريسا زفوا إلى زوجاتهم في ليلة واحدة، وهو العرس الجماعي الأول الذي يقام في منبج ومتمم للعرس الجماعي الأول الذي أقيم في مسجد أبي حنيفة النعمان في حلب يوم الجمعة 14/11/2008م.
وترجع أصل فكرة هذا العرس إلى حوار دار بين الدكتور بلال صفي الدين وطلاب كلية الشريعة في حلب عن أفضل مشروع خيري يمكن أن يخدم الشباب فكان موضوع مساعدة الشباب في إتمام زواجهم له الصدارة فكان هذا الحوار هو البذرة الأولى التي نبتت في تربة طيبة ونمت بعد ذلك وأورقت ثم أثمرت هذين الاحتفالين اللذين ضما 104عرسان .
 قام الدكتور بلال صفي الدين مع المحامي الأستاذ محمد سواس بالإشراف على تنظيم هذا المشروع وتأمين كل ما يحتاجه هذا العرس من مبالغ مالية عن طريق الخيرين من أهالي حلب، وقد لقيت هذه الفكرة الدعم من التجار والموافقة والمباركة من مفتي حلب الدكتور إبراهيم سلقيني الذي أشرف بنفسه على هذا المشروع ، كما تمت الموافقة على رعايته من قبل محافظ حلب الدكتور المهندس تامر الحجة.
 
وأريد هنا أن أتكلم عن حفل منبج الذي أقيم في مسجد الشيخ عقيل المنبجي، فالمنظمون للحفل في حلب كانوا قد اختاروا أسماء العرسان، وحددوا موعد العرس فعرضنا على الدكتور بلال فكرة أن يكون هناك عرس جماعي في منبج فتمت مناقشة الفكرة مع مفتي حلب والمشرفين على المشروع وتلقينا الموافقة على أن تكون المساعدة المقدمة لكل عريس هي 50ألف ليرة سورية مع تحمل تكاليف العرس الجماعي وتقديم بدلة العرس، علما بأن العرسان في حلب قد تم تقديم أثاث المنزل كاملا لهم فكل عريس بلغت تكليف عرسه 175 ألف ليرة سورية ، وتم توفير مبلغ مالي يقدر بثلاثة ملايين ليرة سورية لإقامة حفل منبج وتزويج خمسين عريسا، وقد كان هذا التوفير من خلال عدم المبالغة في تكاليف العرس في حلب وفي الضيافة وطباعة الكروت وغيرها من الأمور التي يصر بعض الناس على الإسراف فيها.
كلف كل من الدكتور إبراهيم الديبو والدكتور حسن خطاف بالإشراف على تنظيم الحفل الجماعي في منبج فقمنا كخطوة أولى بالاجتماع بالعلماء والوجهاء في منبج، وعرضنا عليهم الفكرة من أجل ترشيح من يرونه أهلا للمشاركة في هذا الحفل ، فكان هناك قبول عام للفكرة وتم ترشيح العرسان مع تزكية خطية من قبل المرشحين، وتم اختيار لجنة تشرف على التحقق من توفر الشروط المطلوبة للمشاركة وأهم هذه الشروط : الفقر والأخلاق وأن لا يكون متزوجا أو مطلقا وأن لا يكون عمره أقل من ثماني عشرة سنة، وتم الاتفاق على نقاط محددة يتم على أساسها الاختيار، فكل الأسماء التي تم اختيارها خضعت لتلك الشروط وحصلت على النقاط المطلوبة.
وتم تحديد يوم السبت موعدا للعرس الجماعي في منبج ، فكان يوما مشهودا من حيث الحضور الرسمي والشعبي، فقد تشرفت منبج ولأول مرة بزيارة الدكتور ابراهيم السلقيني مفتي حلب والمشرف على هذا الحفل، وكان هناك حضور متميز للعلماء في منبج وعلى رأسهم مفتي منبج الدكتور أحمد عيسى محمد، كما حضر الاحتفال كل من السادة السيد العميد موسى عشيش مدير منطقة منبج وممثل السيد المحافظ الدكتور المهندس تامر الحجة بالإضافة إلى رئيس البلدية وأعضاء مجلس الشعب والقضاة والمسؤولون وعدد كبير من أعضاء الفعاليات الاجتماعية في البلدة.
وقد امتلأت ساحة المسجد بالحضور وكذلك الساحة الخارجية، وقد ألقى الدكتور إبراهيم السلقيني كلمة جامعة عن الزواج وعن العفاف وأكد على الحاجة إلى الشباب الملتزم بدينه الذي يؤسس لبنة صالحة في مجتمعه، كما ألقى الدكتور أحمد عيسى محمد مفتي منبج كلمة شاملة تعرض فيها للزواج وأهميته في الحفاظ على سلامة المجتمع وتكلم عن توعية الشباب وتحملهم للمسؤولية في مواجهة بعض الأفكار المنحرفة التي تسيء لدينهم ووطنهم وأشار إلى ما تتعرض له سورية من أخطار داخلية وخارجية .
وعلى الجانب الآخر كانت هناك فرحة غامرة للعرسان ارتسمت على شفاههم وبدت في وجوههم وكانت هناك آمال عند الشباب بأن تكون هذه خطوة أولى وأن تتبعها خطوات أخرى تقترب من مشاكل الشباب وتحاول مساعدتهم، فأكثر الشباب الذين تزوجوا في هذا العرس لا يملك أحدهم من المال ما يجعله يتمم زواجه، فتكاليف الزواج كثيرة ومرهقة للشباب فالمساعدة التي قدمت لهم على قلتها إلا أنها كانت كبيرة في أعينهم، فهناك من الشباب الذين أعلنوا زواجهم في هذا الحفل من كان ينتظر المساعدة من أهله أو أصدقائه أو الجمعيات الخيرية، فكان العرس الجماعي عونا لهم ساعدهم في تأمين حاجياتهم وخفف عنهم تكاليف العرس، وقد شارك في هذا العرس شاب بلغ عمره سبعة وثلاثين عاما وهو عامل لا يستطيع أن يتم زواجه مع أن جيله قد تزوج وأصبح بعضهم جدا ، كما شارك فيه اثنان من الخرسان، وهناك صور من الفقر والحاجة ظهرت للجنة المنظمة وللمرشحين ، فقد عرض أحد الإخوة على شاب فكرة الزواج فقال إن الله تعالى يحبني لأنه هيئ لي هؤلاء الناس فأنا منذ أيام أفكر كيف سأحصل على خمسين ألف ليرة سورية لإتمام زواجي، وأحد المتزوجين توقف عرسه على مبلغ أربعين ألفا وطلب أهل العروس منه أن يفسخ خطوبته لأنهم كانوا يعتقدون بأنه مهما عمل وسعى لن يستطيع تأمين المبلغ المطلوب، وهناك من الشباب المتزوجين من كان عاجزا أمام شراء حاجياته الأساسية، وعندما تم قبول الأسماء واعتمادها ووعدها بتقديم المبلغ المالي كان هناك تشكيك من قبل الأهالي لأنها فكرة جديدة عليهم ولأنهم فقدوا الأمل من أهل الخير فجاء هذا المشروع لينعش الآمال وليجدد الثقة بأهل الخير.
فنشكر كل القائمين على هذا المشروع بداية بالسيد المحافظ الذي تم الحفل تحت رعايته وحضر في حفل حلب وألقى كلمة، ثم السيد الدكتور ابراهيم سلقيني الذي أشرف على الحفل وحضر في حلب ومنبج، وكل الشكر إلى الدكتور بلال صفي الدين عميد كلية الشريعة في حلب سابقا والأستاذ المحامي محمد سواس وهما اللجنة المنظمة في حلب التي كان له الفضل الكبير في إتمام هذا الحفل، كما نشكر مفتي منبج على اهتمامه ومشاركته ونشكر مدير المنطقة العميد موسى عشيش ورئيس البلدية المهندس ناصر العلي، وكل من شارك في تنظيم الحفل من الشباب المتطوعين في شعبة الهلال الأحمر والشباب أعضاء لجنة التنظيم في مسجد الشيخ عقيل المنبجي بإشراف الأخ الشيخ محمد مشهود إمام المسجد الذي بذل جهدا كبيرا في هذا الحفل.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين