من أحكام الزكاة - ملخص في أحكام الزكاة
 
الـزكــاة
 
الزكـاة : أحد أركان الإسلام الخمسة ، ذكرت في القرآن الكريم مقرونة مع فريضة الصلاة في أكثر من ثمانين موضعاً، وقد ثبتت فرضيتها بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين .
وقت وجوبها : يجب أداء الزكاة على الفور عند حولان الحول على النصاب ، ويحرم تأخيرها إلا لضرورة . ويجوز تعجيلها لعام أو عامين .
عقوبة مانع الزكاة :
     1- عقوبـة أخرويــة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مٌثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ، ثم يأخذ بلهزمتيه - بشدقية - ثم تلا النبي صلى الله عليـه وسلم الآيـة : { ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم ، بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } .
الشجاع : الحية الذكر .           الأقرع : الذي لا شعر له لكثرة سمه .
الزبيبتان : نقطتان سوداون فوق العينين ، وهو أخبث أنواع الحيات .
والأحاديث في الترهيب من منع أداء الزكـاة كثيرة .
     2- العقوبة الدنيوية :
أ- عقوبة عامة للمجتمع الذي يتقاعس عن أداء الزكاة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( وما منع قوم الزكاة إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا )) .
ب - عقوبـة خاصة لمانـع الزكـاة أنها تفسد المال وتهلكه قال صلى الله عليه وسلم (( ما خالطت الزكـاة مالاً إلا أفسدتـه )) .
الفوائد التي تعود على المنفق :
1- تطهر نفس المزكي من الإثم والبخـل قـال تعـالى { خـذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } .
 
 
 
2- تبـارك المال وتنميـة :
          قال صلى الله عليه وسلم (( ما نقص مال من صدقه …… )) .
 
وقال أيضاً (( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينـزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الأخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً )) .
3- تدفـع البلاء والأمـراض عـن صاحبهـا : قـال صلى الله عليه وسلم : (( داووا مرضاكم بالصدقة )) ،وقال أيضاً :(( صدقة السر تطفئ غضب الرب )) .
4- تحصن المال من الهلاك والضياع : قال صلى الله عليه وسلم: (( حصنوا أموالكم بالزكاة )) .

مصارف الزكــاة
 
قال الله تعالى : { ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطو منها إذا هم يسخطون ، ولو أنهم رضـوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضلـه ورسوله إنا إلى الله راغبون ، إنمـا الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيـل فريضـة من الله والله عليم حكيم } سورة التوبة .
الآيتان الكريمتان الأوليتان مقدمة لآية مصارف الزكاة لتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما جبل عليه المنافقون وبعض ضعاف الإيمان بأنهم لن يرضوا حتى يأخذوا ما يحلـو لهم من مال الصدقة فـلا ينبغي الالتفات إلى هذا الصنف من الناس لأن إرضاء الناس غاية لا تدرك ، ثم بين الله بأن الحكم في توزيـع الصدقات ليس من اختصاص أحد من البشر مهما علا شأنه وإنما الحكم فيه لله عز وجل .
روى أبو داود رحمه الله عن زيـاد بن الـحارث قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعتـه ، فـأتى رجـل فقال : أعطني من الصـدقة ، فقـال : إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها فجزأها ثمانيـة أجـزاء ، فـإن كنت من تلك الأجـزاء أعطيتك )) .
فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - هو سيد الخلق قد نال منه ضعاف الإيمان وتكلموا عليه لما وزع الصدقات فينبغي للمسلم أن يبذل جهده لمعرفة المستحقين حتى يضع الزكاة في الموضع الذي أمر الله به أن توضع ولا يضره بعد ذلك كلام العابثين والجاهلين .
أما الأصناف الثمانية المذكورون في الآية الثالثة فتعريفهم كما يلي :
1- الفقراء               2- المساكين
الفقراء هم الذين لا يجدون بعض الكفاية . والمساكين هم الذين يجدون أكثر الكفاية أو نصفها .
وهذا يعني أن الفقراء هم أشد حاجة من المساكين ، وذهب بعض المفسرين والفقهاء إلى العكس من ذلك فقالوا : إن الفقراء أحسن حالاً من المساكين وذهب آخرون إلى أنه لافرق بين الفقراء والمساكين .
وعلى كلًّ فإن الصنفين من أهل الحاجة ويستحقون الزكاة وإن كان صنف أفقر من صنف أخر .
3- العاملون عليها :هم الذين يوظفهم الحاكم أو نائبة لجمع الزكاة وحفظها وكتابتها ويجب أن يكونوا من المسلمين .
4- المؤلفة قلوبهم :هم الجماعة الذين يراد تأليف قلوبهم على الإسلام أو تثبيتها عليه لضعف إسلامهم أو كف شرهم عن المسلمين أو جلب نفعهم للدفاع عن المسلمين .
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن هذا الصنف قد سقط بإعزاز الله لدينه استدلالاً من فعل عمر بن الخطاب رضى الله عنه حيث رفض إعطاء المؤلفة قلوبهم سهمهم في عهد أبي بكر رضى الله عنه بحجة أن الله قد أعز دينه .
ورأى البعض الأخر بأن الحكم باق ، وخاصة في زماننا هذا حيث أن المسلمين لم يعودوا سادة الدينا كما كانوا بل عادوا ضعفاء ، وهم بحاجة إلى مناصرة ومؤازرة . حيث أن كثيراً من غير المسلمين يدخلون في الإسلام ولا يجدون من يؤازرهم ويشجعهم فلذا ينبغي أن يعطوا من هذا السهم تأليفاً لقلوبهم وتقوية لإيمانهم .
5- وفي الرقاب :وهم العبيد المكاتبون الذين لا يجدون وفاءً لما تحملوه من قيمة فك أنفسهم من العبودية .
فالمكاتب هو عبد مملوك اشترى نفسه من سيده بمبلغ معين فإن استطاع تأمينه وأعتق وإلا فلا . وهذا الصنف غير موجود الآن والحمد لله .
6- الغارمون : هم الذين تحملوا الديون إما بسبب إصلاح ذات البين بين قبيلتين لإطفاء نار العداوة بينهما . أو بسبب دين من أجل حاجته وحاجة عياله ولم يكن عنده وفاء له فهذان لهما حق في الزكاة .
وأما ما يقع من بعض الناس الذين يسيئون استخدام أموال الآخرين ويعبثون بها ولا يحسنون التصرف في المال فيستدينون من هنا وهناك إما لتجارة أو لرفاهية . فلا أرى جواز إعطاء أمثال هؤلاء ، إلا بقدر كفايتهم لمصاريفهم ومصاريف أسرهم بالقدر المعقول والله أعلم .

7- في سبيل الله : ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المقصود بهم الغزاة المتطوعون للجهاد في سبيل الله وليس لهم مرتب من الدولة . وقالوا بأنه لا يدخل تحت هذا الصنف بناء المساجد والمستشفيات والمدارس وتكفين الموتى وغير ذلك حيث أن هذه الأمور يكون عبؤها على بيت مال المسلمين .
وقد توسع بعض العلماء - وخاصة المعاصرين - في معني - سبيل الله - فلم يقصروه على الجهاد ومايتعلق به بل قالوا يشمل سائر المصالح والقربات وأعمال الخير .
وقد توسط البعض الأخر فقالوا : إن الجهاد قد يكون بالقلم واللسان كما يكون بالسيف والسنان ، قد يكون الجهاد فكرياً أو تربوياً أو اجتماعياً أو سياسياً كما يكون عسكرياً فكل جهاد أريد به أن تكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله . وهذا يختلف حسب الزمان والمكان .            فإن إنشاء مدرسة في الظروف العادية عمل صالح مشكور ولكن لايعد جهاداً ، ولكن إن كان في بلد أصبح فيه التعليم بيد المنصرين والشيوعيين فإن إنشاء مدرسة في هذا البلد لتحصين أبناء المسلمين من أعظم أنواع الجهاد ……… وقس على ذلك .
فعليه أن يخصص مبلغ من خارج ميزانية الزكاة لينفق في وجوه الخير من إنشاء مساجد وأربطة خيرية وغير ذلك أفضل .
8- ابن السبيل : هو المسافر المنقطع وليس معه مايوصله إلى بلده ، فإنه يعطى بقدر حاجته .
هذه الأصناف الثمانية إن استطاع أن يدفع إلى أكثرها فهو أفضل ، وإن لم يستطع فيصح دفعها إلي أي صنف كان ولو إلى صنف واحد .
من لا يجوز دفع الزكاة إليهم :
لا يصح أن يدفع الزكاة إلى كافـر ، ولا إلى زوجـة المزكي ولا إلى غني ولا إلى أصل المـزكي ( أي : الأب والجـد وإن عـلا ) ولا إلى فرعـه ( أي : الابن وابن الابن وإن سفل ) ولا إلى هاشمي ( أي من آل البيت ) بـل ينبغي أن يكرموا فيكون لهم عطاء من بين المال أو يعطـوا باسم هدية أو ماشابه ذلك .

 ويستحب للمزكي أن يخص بزكاته أهل الصلاح والعلم وذوي القربي المحتاجين لأن الصدقة على القريب المحتاج فيها أجران أجر صلة الرحم وأجر الصدقة .
وينبغي للمزكي أو وكيله أن يستحضر النية عند دفعها ، وأن لايشعر بأن له فضلاً على من دفعت له ، بل يحمد الله أن هيأ له من كان سبباً في إعانته على أداء فرضية الزكاة .
ويستحب أن يقول عند دفعها (( اللهم اجعلها مغنماً ولا تجعلها مغرماً )) .
 
حكم نقل الزكاة من بلد إلى أخر :
الأصل في الزكاة أن توزع في البلد الذي يوجد فيه المال ولكن يجوز نقلها إلى بلد أخر إن كان هناك مصلحة شرعية كوجود رحم أو قرابة أو من هو أشد حاجة من أبناء البلد .
 
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم ،،،،
 
 
د/ محمد ياسر المسدي

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين