وتزودوا-4- فضل  الاستغفار

لما كانت طبيعة الإنسان الخطأ والنقص والقصور في شخصه ومن ثم في عمله، فإنه يحتاج دوماً إلى ما يمحو خطأه وذنبه ويجبر به نقص عمله الصالح، حتى ينال كامل الأجر من الله تعالى، ولذلك شرع الله الاستغفار بعد الأعمال الصالحة كما شرعة بعد الذنب. 

ففي الحديث القدسي: "يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا ولا أبالي فاستغفروني أغفر لكم".

وها هو القرآن يأمر الحاج الذي يفيض من عرفة وقد غفر الله له ذنوبه ورجع كيوم ولدته أمه أن يستغفر، قال تعالى: ?ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ?. 

وفي الاستغفار معنى آخر وهو ذكر الله وشكره على إنعامه على العبد بالتوفيق لهذه العبادة العظيمة والمنة الجسيمة.

وهكذا ينبغي للعبد، كلما فرغ من عبادة، أن يستغفر الله عن التقصير، ويشكره على التوفيق، لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة، ومنّ بها على ربه، وجعلت له محلا ومنزلة رفيعة، فهذا حقيق بالمقت، ورد الفعل، كما أن الأول حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال أُخر.

يقول ابن القيم: (وأرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفارا عقيب الطاعات لشهودهم تقصيرهم فيها وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه وأنه لولا الأمر لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبودية ولا رضيها لسيده).

فالاستغفار من أنفع الأذكار.

ويكفي لبيان فوائده قول الله تعالى: ?وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ? (هود : 52)

وقول النبي صلى الله عليه وسلم  : « مَنْ أَكْثَرَ مِنَ الاِسْتِغْفَارِ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ »(رواه أحمد).

يقول قتادة: "إنَّ هذا القرآن يدلُّكم على دائكم ودوائكم ، فأما داؤكم : فالذُّنوب ، وأما دواؤكم : فالاستغفار ".

قال صلى الله عليه وسلم : "مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ" والله تعالى يدعو عبداه للاستغفار ويحثهم عليه فيقول: (أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (المائدة : 74) . بلى والله

أستغفر الله . أستغفر الله . أستغفر الله . 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين