الطريق إلى الربانية

 

مر معنا في الرسالة السابقة بأن الأنبياء يوصون أقوامهم بقولهم [وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ] {آل عمران:79} 

والطريق باختصار هو [بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ] {آل عمران:79}  . ولكل طريق مسارات، والطريق إلى الربانية له مسارات، تتمثل في :

المسار الأول: مجاهدة النفس على العلم والتعليم، فالعلم قبل العمل: [فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ] {محمد:19} 

و"مجاهدة النفس –كما يقول ابن القيم- أربع مراتب، أولها مجاهدتها على تعلم الهدى والصلاح -أي من كتاب الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم  ثم أن يجاهد نفسه على العمل به بعد علمه، ثم الدعوة إليه، ثم الصبر على ذلك" وهل الربانية إلا تعلم وتعليم وعمل، وكل ذلك يحتاج لصبر ومصابرة.

المسار الثاني: الأسوة الحسنة، قال تعالى:[لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا] {الأحزاب:21}. وخير الربانيين المعلمين هم رسل الله تعالى،[أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ] {الأنعام:90}.

المسار الثالث: الحفظ والوقاية: وذلك بأن يبتعد المسلم على عن المحرمات ومقدماتها، فحتى لا يقع في الزنا فإنه يتجنب النظرة المحرمة، والخلوة المحرمة، وصولاً إلى تجنب الفاحشة امتثالاٌ لقوله تعالى:[وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا] {الإسراء:32}.

 المسار الرابع: الصحبة الصالحة: فالأمر بالربانية جاء بصيغة الجماعة: [كُونُوا رَبَّانِيِّينَ] {آل عمران:79} وهذا لا يتحقق إلا بصحبة وأخوة صالحة [وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ] {الكهف:28} 

المسار الخامس: التوسط والاعتدال في مطالب الدنيا والسعي للآخرة امتثالا لقوله تعالى: [وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ] {القصص:77} .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين