الثورة السورية حدث العمر

استغربت في الأيام الأولى من عمر الثورة السورية -وما زلت أستغرب إلى اليوم- من أناس فشلوا في تقدير أهمية هذا الحدث، وما يزالون يفشلون. لقد اعتبرتُ الثورة أهمَّ حدث في حياتي الواعية وأهم حدث في تاريخ سوريا في القرن الأخير، وأذكر أنني التقيت بالأخ سليم عبد القادر، شاعر الثورة، قبل وفاته بشهرين فأخبرته برأيي هذا، فقال رحمه الله: بل قل إنه أهم حدث في تاريخ سوريا في القرون الخمسة الأخيرة.

تمنّيت -وما زلت أتمنى- أن يحس عامة أهل سوريا بهذا المعنى، فإذا صنعوا تركوا المفضول من أجل الأفضل، تركوا الاهتمام باليوم العاجل من أجل بناء الغد الآجل؛ لا يتركون العمل فيه حتى تتعطّلَ حياتهم وينقلبوا عالة على الثورة بدلاً من أن يكونوا مُعيلين ويصيروا محمولين بدلاً من أن يكونوا حاملين، وإنما يترك الواحد منهم العمل للذات ويتحول إلى العمل للجماعة، ويقدّم مصلحة الثورة على مصلحته الخاصة، ويرتقي بنيته حتى يحقق الإخلاص الكامل الذي لا يشوبه شيء من حظ النفس، أو ما هو قريب من هذا المقام.

إن الأمة تولد اليوم من جديد، وإن هذا يومٌ من الأيام التي تتحدد فيها مصائر الشعوب، فإما أن ننجح (وسوف ننجح بإذن الله) ويتغير مسار التاريخ، أو نفشل (ولن نفشل بإذن الله) فلا يرتفع صوتٌ بالحق على أرض الشام لنصف قرن قادم من الزمان! نسأل الله النصر العاجل والفرج القريب، وأن يبدلنا بما مضى من أيام خيراً منها بإذنه تعالى.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين