لماذا يعود اليهود إلى كركوك؟ - الموساد الإسرائيلي في العراق
لماذا يعود اليهود إلى كركوك؟

(خبر يمر عاديا في نشرة أخبار إذاعة الشرق هذا الصباح: اليهود الإسرائيليون من أصل عراقي يعودون وبكثافة إلى العراق، ويتمركزون بشكل خاص في كركوك حيث يشترون الأراضي بخمسة أضعاف ثمنها الحقيقي.) هذه الفقرة الاستهلالية، كانت مدخلا لمقال الكاتبة الأردنية المبدعة، حياة الحويك عطية، في جريدة الدستور الأردنية، قبل بضعة أيام. ثم طرحت سؤلاً، بألم بالغ، أحسست بمرارتها، لماذا كركوك؟

وقبل أن نجيب على سؤالها، ، نود أن نشير إلى أن الخبر ليس بجديد، فبعد احتلال العراق في ? نيسان، أبريل ????، تدفق مجموعة من عناصر الموساد الإسرائيلي إلى العراق، تحت مسمى شركة الرافدين، وشركات وهمية أخرى. بلغ عدد الدفعة الأولى ??? جاسوسا، قامت بتشكيل فرقة خاصة لتنفيذ مهام الاغتيالات لكوادر وشخصيات عراقية، سياسية وعسكرية وإعلامية وعلمية وقضائية، بالتعاون مع ميليشيات احد الأحزاب العراقية المعروفة، طالت ???? عالم ومتخصص عراقي خلال عام واحد. ثم انتقل (??? عنصرا) منهم، من العاصمة بغداد إلى مدينة كركوك.

يقع مركز إدارة عمليات فرقة الاغتيالات الاسرائلية في مدينة كركوك، حاليا، في منزل قريب من مبنى محافظة كركوك، وتضم ضمن عناصرها عددا من الأكراد الذين كانت المخابرات المركزية الأمريكية قد نقلتهم من شمال العراق عام ???? إلى جزيرة (غوام). يتحدث معظم أفرادها اللغة العربية باللهجة العراقية بطلاقة إضافة للغة الانجليزية. كثفت الفرقة الإسرائيلية جهودها منذ بداية العام الحالي في شراء الأراضي والدور السكنية والمزارع في كركوك وضواحيها، فضلا عن استمرارها في تنفيذ عمليات الاغتيالات التي طالت شخصيات سياسية تركمانية وعربية وكردية وقصف المقرات الحزبية للتركماني والأكراد في كركوك، بهدف إشعال الفتنة العرقية. انتبهت المقاومة الوطنية العراقية لفعلهم الجبان وقامت بقتل ? أفراد من عناصرها في المدينة في بداية العام الجاري. وما زالت هذه العناصر نشطة في كركوك وبغداد وبابل بالإضافة إلى شمال العراق.

على أية حال، لماذا كركوك؟

تمثل كركوك ذكرى مؤلمة في الذاكرة الجمعية اليهودية، لعلاقتها المباشر بالسبي البابلي!! فبعد أن دمر القائد العراقي نبوخذ نصر، دولة إسرائيل الجنوبية عام ??? قبل الميلاد، ساق ?? ألف يهودي أسيرا إلى العراق (السبي البابلي) وكان من بين الأسرى اليهود ثلاثة من أنبيائهم (دانيال وحنين وعزير). وفي طريق عودة القائد نبوخذ نصر إلى بابل مر من كركوك، لوقوعها على الطريق الاستراتيجي للقوافل الصاعدة إلى الشمال، وشمال الغرب (تركيا وسوريا وفلسطين الحالية)، وهي نفس الطريق الذي سلكها ملك الفرس دارا وجيشه لمحاربة الاسكندر المقدوني في معركة أربائيلو (أربيل الحالية) الذي انتصر فيها إسكندر المقدوني. المهم عندما وصل نبوخذ نصر إلى منطقة كركوك (التي كانت تسمى في العهد السومري بـ، ، كركوك، ، أي العمل المنظم الشديد). وجد على الجانب الشرق من نـــهر(خاصة صو) الحالية، ثلاثة تلال متقاربة نسبيا، فسخر الأسرى اليهود لجلب التراب والأحجار من المناطق القريبة منها، وتكديسها بين تلك التلال، على أن يكون البناء بمستوى أعلى تل من بينها، وهكذا تم تشييد قلعة كركوك. بعد انجاز البناء، أمر ببناء سرداب في موقع، يبعد من الباب الرئيس للقلعة (التي تسمى الآن طوب قابو) بحوالي ??? مترا. سجن فيه الأنبياء الثلاثــة (دانيال وحنين وعزير). إلى حين آخذهم إلى بابل.
واحتراما لمكانة الأنبياء الثلاثة، فقد تم بناء مسجد فوق السرداب (مقام الأنبياء)، في العصر العباسي الأخير، وأطلق عليه اسم مسجد نبي دانيال والمعروف باسمه التركماني (دانيال بيغمبر جامعي) وباق لحد الآن شاخصا يحكي قصة المدينة.
كان المسجد قبلة الشابات التركمانيات، أيام عيدي الفطر والأضحى، ومكان تجمعهن وهن بأحلى زينتهن بقصد التعرف على الأمهات اللواتي تبحثن عن عرائس لأبنائهن. كما كان قبلة لليهود القاطنين في كركوك قبل هجرتهم إلى فلسطين عام ????. وقد كان اليهود يحتفلون في المسجد يوم عيد كيبور اليهودي الذي يبدأ في ? تشرين الأول، أكتوبر، بموافقة أمام وخطيب المسجد، كدليل على التسامح الديني الذي كان سائداً في المدينة، يأتون زرافات من المدن العراقية الأخرى للاحتفال بهذه المناسبة، وكنا حينذاك أطفالا نقف خارج المسجد لنضحك على زلوفهم وملابسهم وهمهماتهم قرب حائط المسجد، تبين لنا فيما بعد إنها صلاتهم. وكان هناك يوم آخر، يتجمعون فيه خارج المسجد ويبكون قرب جدرانه، وعندما سألت جدتي ذات يوم لماذا يبكي حزقيل؟ قالت: يقولون إنهم يتذكرون تدمير معبدهم في القدس وسجن النبي دانيال في هذا المكان!!! هذه هي قصة اليهود مع كركوك، كما سمعتها من شيوخ مدينتي قبل عدة عقود. ربما تحتاج القصة إلى توثيق تاريخي من قبل المختصين في التاريخ والآثار، ولكن مقام الأنبياء الثلاثة في سرداب المسجد، يشهد على جزء كبير من صواب القصة. هذا هو السبب الأول.
أما السبب الثاني، وكما هو معروف، فأن هذه المدينة تضم حوالي ??? من الاحتياطي النفطي العراقي، ويعتبر من أجود أنواع النفط الخام في العالم وحسب الخطة التي وضعت في عهد النظام السابق، فأن أعادة تأهيل المنشآت النفطية فيها تحتاج إلى استثمار ? مليارات دولار لكي يرتفع إنتاج حقولها إلى حدود ? ملايين برميل يوميا. وبما أن أبواب السلب والنهب قد فتحت على مصراعيها في العراق بفضل الاحتلال، فأن الرقم ربما سيرتفع إلى ?? أو ?? مليار دولار، ولهذا يحاول اليهود من الآن شراء أكبر قدر ممكن من الأراضي فيها لتحويلها إلى لاس فيجاس الشرق الأوسط. أن المبالغ المرصودة، للاستثمار في المنشأءات النفطية في هذه المدينة، لا يسيل لها لعاب اليهود فقط وإنما يسيل لها لعاب الوحوش أيضا.
وأما السبب الثالث هو، أن ' إسرائيل ' قدمت عرضا إلى الزعيمين البرزاني والطالباني بحماية الدولة الفيدرالية الكردية من أي خطر سواء من داخل العراق أو من تركيا وسوريا وإيران. وحسب الخطة الأمريكية- الإسرائيلية، فأن كركوك ستكون عاصمة الدولة الكردية، لذا فأن التواجد اليهودي فيها أصبحت ضرورة إستراتيجية لقربها من تركيا وإيران وسوريا.
لقد بات واضحا أن من أهداف أمريكا لغزو العراق هو حماية إسرائيل وجعلها القوة العظمى الوحيدة في الشرق الأوسط.
(منتديات الغريب)

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين