وداعاً يا هيثم - هيثم طبارة في رحاب الخلود
وداعـــــــاً يـــــــــا هيثـــم
 
 الأخ المحامي الدكتور هيثم طبارة (المولود 1393هـ = 1973م) فقدناه رحمه الله في يَفَاعة شبابه لم يتجاوز عمره (35) سنة أثناء غزوة بيروت الهمجية الأخيرة... فقدناه أخاً عزيزاً بكيناه بدموع قلوبنا قبل عيوننا، كما خسرته الدعوة الإسلامية في لبنان واحداً من أفراد جيلها المبارك الحامل لقضيتها، المؤمن برسالتها المهتم بأوضاع المسلمين، العظيمِ الثقة بمنهج أهل السنة والجماعة مع غاية الحب والتقدير والتعظيم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الترضي عليهم عظيم الاحتفاء بفضائل ومناقب كل واحد منهم.
 
لقد كان مميَّزاً في أخلاقه ونُبله وحيائه، وكان متفوّقاً في اختصاصه وعضواً في عدد من المنظمات الدولية: نقابة المحامين الدوليين في لندن ـ منظمة المحكَّمين الدوليين ـ المكتب العالمي للقانون، وقد حصل قبل حوالي سنتين على درجة الدكتوراه من جامعة جوردو الرابعة في فرنسا وكانت رسالته بعنوان: (مركز الأموال في القانون الدولي الخاص ـ دراسة مقارنة).
 
له عدة كتب منها: الخطأ في المسؤولية ـ الركن المعنوي في الجرائم الاقتصادية ـ قانون العقوبات الاقتصادية في لبنان ـ العقود الدولية ـ الأعمال القانونية المنفردة... وغيرها.
 
وكان عظيم الاحتفاء بالشريعة الإسلامية لا يقبل الوكالة إلا في القضايا التي فيها حق تُقرّه هذه الشريعة الغراء، وإن أنسَ فلا أنسَ كلمته المشهورة المشفوعة بحركة يده وقَرَف يعبر عنه بقَسَمات وجهه وحركة فمه: القوانين الوضعية الوضيعة، وأطلق نداءً في إحدى مقالاته دعا فيه المثقفين المسلمين إلى الاعتزاز بأحكام الشريعة السمحة التي كان تطبيقها نصراً وعدلاً للمسلمين وغير المسلمين، والتي كان ولا يزال إقصاؤها جُرماً بحق الناس أجمعين.
 
شُلَّت يدُ من أطلق القذيفة على سيارته فقتلَتْه وأمَّه مغدورَيْن مظلومَيْن ارتفعت روحهما إلى السماء تلعنان ظُلم أهل الأرض الظالمين ووحشية المجرمين.
 
لقد خسره إخوانُه رحمه الله بعد عِشرة عشرين سنة وخَسِرَتْه الدعوة الإسلامية في لبنان وخسره الميدان الحقوقي مدافعاً عن الفقراء والمظلومين.
 
رحمك الله يا هيثم وآنس روحَك وأراحك من عَناءِ الدنيا وزيفِها وشقائها وأنتَ الذي كنتَ تتمنى الشهادة في ساحة من ساحات الجهاد الحقيقي لإعلاء كلمة الله، وعوّضك عن زوجة الدنيا حُوراً حسناوات تنال معهن أمتع النعيم وتأنس بدلالِهِنّ وعطفهن وغُنجهن ما يعوّضك عن عدم زواجك في الدنيا، وجمعنا وإياك تحت لواء السيد المبارك الحبيب الأول سيدِنا رسول الله وصحبه البررة. فهذا عزاؤنا فيك يا حبيب القلب ورفيق السفر وأنيس الروح... أيها الأخ الحبيب هيثم.
 
أخوك المحب: حسن قاطرجي

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين