مفارقات بين الحزن الإيجابي والسلبي

الحزن الإيجابي عاطفة راقية من ألم الفراق لإنسان أو شيء عزيز مع التسليم لأمر الله، والحزن السلبي عاطفة مشبوبة مع سخط على الله في قضائه وقدره، الحزن الإيجابي آلام في الأعماق، مع صبر في الآفاق، ورضا عن الله الواحد الخلاق، الحزن السلبي آلام في الأعماق، مع ضيق في الأخلاق، ونفور من أمر الله مقدِّر الأرزاق، الحزن الإيجابي ذكر يملأ القلب ويعطر اللسان "إنا لله وإنا إليه راجعون"، والحزن السلبي تذكر لخصائص من وما فات، وحسرة وندم وخوف مما هو آت، وترديد في النفس أو أمام الناس "لماذا ابتليتنا دون الناس؟!"، الحزن الإيجابي يجعل صاحبه يتذكر أن العطاء من العباد حرمان والمنع من الله إحسان، والحزن السلبي يرى أن العطاء وحده من العباد هو الفرحة والنشوة والأمان، والحرمان هو الذلة والمهانة والنكران: (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ) (الفجر:16)، الحزن الإيجابي لا يخالف الإنسان عوائده من ثبات وجَلَد وابتسامة وإنتاج وعمل بجد وإتقان، والحزن السلبي ركود وصراخ وعويل وكسل واجترار للأحزان وضيق وضجر وتوقف العوائد الحسان، الحزن الإيجابي يصاحبه إحساس بالنعم الكبرى التي تنزل تترى من رب العزة سبحانه، فإن ذهب سمْع الإنسان يذكر أنه ما زال مبصرًا، وإن أخذ الله بصره يذكر أنه ما زال قادرًا على الكلام والسمع والفهم والحركة، وإن قبض الله روح أحد فقد أبقى له آخرين، وسيلتقي به يوم الدين، والحزن السلبي لا ينظر إلى شيء من النِعم التي بقيت وإنما تذهب نفسه وراء النِعم التي ذهبت، وينسى يوم يقوم الناس لرب العالمين. 

 

من صور الحزن الإيجابي امرأة عاشت 12 سنة لا تنجب ثم رزقت بتوأم فقالت لها امرأة حاسدة حاقدة: "ولدان في بطن واحدة؟!" فعميت الأم، ولما زرناها مواسين بادرتنا بقولها: "كانت لي عينان فصار لي الآن أربعة عيون!!!"، فلم تنظر لما أُخذ منها بل لما أُعطي لها، فعلمتنا درسًا رائعًا للصبر الجميل. ومن صور السخط على الله هذا الصحابي الذي قاتل بكل شجاعة ثم أصيب بسهم فلم يحتمله فوضع دؤابة سيفه على صدره ثم استلقى عليه فقتل نفسه وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أهل النار .

 

ألا فلنتدرب في الأزمات على الحزن الإيجابي المنتج رضًا وسعادة في الدارين لنصل إلى نداء الملك الرحمن الرحيم: (لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) (الأعراف: 49)، و إلا فالحزن السلبي ينتج الهم والغم والحزن والكمد في الدنيا إلى يوم الدين!.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين