مفارقات بين الدفع والرفع للانقلاب العسكري


أ.د. صلاح الدين سلطان


نحن أمام خيارين أحلاهما مرُّ، الدفع والرفع للانقلاب العسكري، وهي نظرية تبدو كأنها هندسية ميكانيكية لكننا نعجب عنما نجدها من روائع الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين الذي ولد سنة 419 هـ وصار الإمام الأول في المذهب الشافعي، وقد كتب كتبًا كثيرة أهمها "البرهان في أصول الفقه"، و"نهاية المطلب في الفقه"، وهو أعمق من "المجموع" للنووي، لكن أفضل ما كتب هو كتاب الغياثي "غياث الأمم في التياث الظلم"، وكل كتبه الثمينة حققها العالم المدقق المحقق البحر الرائق في العلم والفضل أ.د. عبد العظيم الديب عضو جماعة الإخوان المسلمين رحمه الله تعالى، أما نظرية الدفع والرفع التي ابتكرها إمام الحرمين الجويني تتلخص في قوله: "إذا هجم على أية بقعة من أرض الإسلام عدو من الأعداء فيجب دفعه فور مجيئه، ولا يترك حتى يتمكن من حكم البلاد ورقاب العباد، وتصعب إزالته ورفعه؛ فإن الدفع أهون من الرفع" ومن الناحية الهندسية الميكانيكة يستطيع أي إنسان قوي أن يدفع سيارة للأمام أو الخلف بينما لا يستطيع هو نفسه أن يرفع دراجة نارية لأعلى، وبالتالي يجب مقاومة هذا الانقلاب سلميًا، مهما كانت التضحيات، فإن فاتورة عام واحد مهما ارتفعت، فإنها ستحول إلى أضعاف ما ستجلبه سياسة الرضا بالأمر الواقع قهرًا أو ما يسميه البعض حكم المتغلب، ولا يجوز ديانة أو سياسة أن ندعه يستقر يوما واحدا في حكم البلاد وفقا لنظرية "الدفع أهون من الرفع" التي ساقها الجويني في سياق هجوم أعداء الإسلام من الخارج، لكنا مضطرون أن نستعملها في هجوم أعدء البلاد والعباد من الداخل، وتحديدا هذا الانقلاب العسكري الدموي، لأن بني صهيون لم يفعلوا في المصريين والسوريين والفلسطينيين مثلما فعله الانقلاب العسكري في مصر خلال الستين يوما الماضية، ولن أدلل على هذا إلا بجملة مركزة أهمها ما أنجزه الانقلاب العسكري خلال شهرين: خطفوا الرئيس المنتخب، أوقفوا دستورا صوَّت عليه 65%، أوقفوا الشورى، قتلوا وخنقوا وحرقوا 6000، وجرحوا 25000، واعتقلوا 12000، مفقودين4000، خلّفوا أحزانا في كل شارع، خسّروا اقتصادنا 205مليار جنيه، أشاعوا الغلاء الفاحش، فرَّخوا بطالة كبرى، أحدثوا ركودا صناعيا وتجاريا واستثماريا وسياحيا، تحالف الجيش والشرطة مع البلطجية لإرهاب الناس، سيَّسوا القضاء واستخدموه مطرقة على رأس كل المخالفين، لفَّقوا آلاف القضايا للشرفاء، تجاوز إعلامهم كل الأُطر الأخلاقية والإنسانية فضاعفوا الاحتقان المجتمعي، واعتمدوا التلفيق والكذب بالجملة مع صفاقة رديئة، أغلقوا كل القنوات الإسلامية وموّلوا الإباحية، استصدروا فتاوى بقتل المتظاهرين، وحكموا لأول مرة من 1965م بالمؤبد ل11 إسلامي، مارسوا حرب إبادة لكل المخالفين وأولهم التيار الإسلامي، عسكروا كل مفاصل الدولة من الوزارات والمحافظات والشركات، انتشر العزاء في الشهداء والمواساة في الجرحى في كل عائلة في مصر، وهذا يدل على حالة ضعف ونزق حاد لدى الانقلابيين، فالرئيس مرسي من قوته أن أحد المواطنين ذهب أمام  بيته، وهتف ضده بعبارات غير لائقة، فنزل له ومسح على رأسه، وقال له من حقك أن تعترض على رئيسك، وسمع شكواه، لكن الآن لا مجال لمثل هذا، لدرجة أن شرطة الانقلاب ذهبت منذ يومين للقبض على أحد الإسلاميين بمدينة دمياط فلم يجدوه فاعتقلوا زوجته، ومن قبل ذهبوا ليعتقلوا الطبيب عبد الرحمن الشواف، فلم يجدوه فاعتقلوا ابنته بنت ال 17 ربيعا، ولفّقوا لها تهمة حيازة واستعمال "الأربيجيه"!!!، وبالقطع هذا جزء من ركام السفاهات الدنيئة للانقلاب، ومن ضعفهم وهوانهم وهوسهم ما أعلنه أمس اللواء صلاح مزيد مساعد وزير الداخلية لقطاع شمال الصعيد: "ما حدش هيقدر علينا" الضرب في العين والصدر مباشرة لأي واحد يعارضنا.

 

والجزء الأول: "ما حدش هيقدر علينا" متعلق برب العزة سبحانه الذي قال عن قانونه الدائم من خلال قوم عاد: "فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ" (فصلت:15- 16)، أما الجزء المتعلق بضربنا في العين والصدر وقد فعلوا فلن يرهبنا، ولكنهم لن يحكموا أبدا على بركة الدماء المصرية، والدماء ليست إلا وقودا لثورتنا على الانقلاب، ونعتبر من الخيانة لدماء آلاف الشهداء والجرحى أن نرتد على أعقابنا ونرضى بهذا الانقلاب جزئيا أو كليا فلئن تركنا دفعه الآن، فلن نستطيع رفعه وفقا للنظرية الهندسية للإمام الجويني، وإذا كان هؤلاء لا يبالون بحرمة الدماء فلن يفلتوا من عدالة السماء فإن حرمة قتل نفس واحدة تساوي عند الله قتل الناس جميعا لقوله تعالى: "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا" (المائدة: من الآية 32)، بل القتل أشد عند الله تعالى من نقض الكعبة حجرًا حجرًا، وقد أورد السيوطي في الجامع الصغير بسنده عن أبي بريدة الأسلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قَتْلُ المؤمنِ أعظمُ عندَ اللهِ منْ زوالِ الدنيا"

 

ومع كل الإنهاك للاقتصاد المصري منذ ثورة 1952م، فلم ينجز الجيش المصري من القتل في الصهاينة المحتلين الفجرة المعتدين عُشر ما قام به منذ الانقلاب على سبع وليس خمس انتخابات هي: الإعلان الدستوري 76%، مجلس الشعب 76%، الشورى85%، الرئاسة الأولى د.مرسي أعلى الأصوات، الرئاسة الثانية 51.5%، الدستور 64.5%، النقابات 85%، وقد أشرف عليها الجيش بنفسه مع القضاء وقالوا الانتخابات الأولى في الحضور الشعبي، والنزاهة الانتخابية معا، ولما فاز الاسلاميون فيها كلها داس العسكر على صوت الناخب بالبيادة والدبابة، ثم استهانوا بأرواح البشر قتلا وخنقا وحرقًا، ولم يسلم منهم  الأطفال ولا النساء، وهناك أكثر من 300 فتاة وسيدة معتقلات، وتعرض بعضهن لما يخدش العرض والكرامة، وهو ما كان يستنكف منه أبو جهل، بل صهاينة اليوم لا يفعلون فعلهم، وقد كتبت حتى مرضت عن مستوى السفاهة التي يتعامل بها الانقلابيون مع المعارضين، نحن إذن أمام ردة كاملة على ثورة 25 يناير، بل ذهبنا إلى أسوأ من حقبة جمال ومبارك، في امتهان الإنسان والشره في سرقة المال، وهذا كله خلال شهرين، والمعروف أن الانقلابات العسكرية تنجح إذا استقر لها حكم البلاد خلال 3-7 أيام، والآن لها سبعون يوما، ولن أستصحب هنا شهادة من عالَمنا العربي، بل للعالِم الأمريكي النحرير الموضوعي السياسي "نعوم تشومسكي"  حيث وصف ما جرى في مصر بما يلي:


1-    كل قيادات المجلس العسكرى غرقوا اليوم في وحل الانقلاب وتلطخت أياديهم بدماء مدنيين عزل في أكثر من مجزرة.
2-    الإخوان أرادوا أن تكون المميزات والهيبة للجيش المصري، وأراد الجنرالات المميزات والهيبة للمجلس العسكري والفرق واضح.
3-     مسلسل الأزمات المفتعلة لا يوجد أي شك في أنها مفتعلة واشتركت فيها منظمات ولوبي مبارك وخليجيون و و و....
4-     هذا الانقلاب لم يكن ليحدث دون موافقة البيت الأبيض لأن الخلافات بين مرسي وأوباما أثبتت لأميركا أن مصر لم تعد منطقة نفوذ أمريكي..... ومما ذكر من أدلة على ذلك أن د.مرسي لم يوافق على الجملة التى عرضت عليه ليقولها أثناء المؤتمر الذي كان سيعقد بينه وبين أوباما أثناء زيارته لأمريكا وهي (وستعمل مصر وأمريكا على إيجاد حلول لكي ينعم الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي بالأمن الدائم والسلام الشامل )، والهدف من الجملة هو الضغط على مرسي فقط لذكر كلمة إسرائيل والتلفظ بها ولو مرة واحده لتكون اعترافا منه بدولة إسرائيل، وهو الذي ذكرهم بالقردة والخنازير في عهد مبارك.


5-    ويكفي أن يقول وزير خارجية أمريكا لنظيره الخليجي أن الإخوان خطر عليكم كعائلة مالكة ليعلن الخليج عداءه لمصر سرًا وعلنًا.
6-    وفي النهاية لم يخسر الإخوان ومن معهم كل شئ، ولم يكسب الانقلابيون بعدُ أى شئ .. هذا هو الواقع لا زال الإسلاميون قادرين على الحشد بأعداد كبيرة، وفي أماكن تغطي مصر، والعالم يرى ما يحدث لا ما يفرضه الانقلابيون على مؤيديهم كأمر واقع.
7-    لن يصمد الانقلاب أمام عزلة دولية ولا أمام أزمة اقتصادية ولو بألف كذبة إعلامية والمهم هنا هل سيصمد الإسلاميون على حشودهم ومطالبهم؟! .. هنا فقط يمكن أن نقول إن عودة مرسي ليست أمرا مستبعدا.


هذه المقالة التي شرَّقت وغرَّبت وسمّعت وأقلقت من خبير عريق في التاريخ السياسي، والتحليل العميق للأحداث يؤكد أن الدفع أهون من الرفع، وأن استمرارنا في الاعتصامات والمسيرات والوقفات هي فريضة شرعية وضرورة واقعية لمواجهة الانقلابات الدموية التي استهانت بأرواح المصريين، ونهبت عصارة عرقهم ولذا لم يعد هناك أدنى مبرر شرعي أو خُلقي أو قانوني أن نذهب للعمل وندفع الفواتير لقوم يشترون بعرقنا وأموالنا رصاصًا وقنابل لقتلنا وهتك عرضنا، ويعتقل أستاذي وأخي وأبي وجاري بل بنتي وزوجتي، ويستمتع الانقلابيون بالمكافآت في القصور الفارهة، وأكثر الشعب يلحس التراب، ونصفه يعاني منذ حكم المخلوع من الثلاثي الرهيب الفقر والجهل والمرض، ومن هنا فإن المشاركة في العصيان المدني - وهو تعبير سلمي قانوني عن رفض النظام الجائر – من واجبات الدفع قبل أن يستحيل الرفع.


وحتى لا يظن أحد اننا نضرب "دماغنا في الحيطة" كما يدعي البعض ويتحسّب آخرون فيظلون كما وصفهم القرآن الكريم: " وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا" (الأحزاب: من الآية20)، فإنني مضطر أن أسوق ما يدل على أن الصبر في مرحلة الدفع للانقلاب سيودي إلى رفعه من كاهل مصر، فإن هناك نماذج معاصرة عديدة من الثورات تم التحايل والالتفات عليها وخطفها فصابر الشعب ورابط حتى حقق مقاصده من العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، واحترام الصناديق الانتخابية ورفض فرض البيادة والدبابة على رؤوس الجميع، من هذه النماذج التي ألخصها من مقال طويل بعنوان: "نضال الشعوب الثائرة .. نماذج حول العالم" لغادة غالب وأماني عبد الغني في المصريون اليوم :


1.    الثورة الفرنسية.. محاولات اختطاف لم تستمر طويلاً:
بدأت الثورة الفرنسية 14 يوليو 1789م، وبعد أشهر تولى أحد قادة الثورة وهو المحامي "ماكسمليان روبسبير" رئاسة الحكومة، وانفرد بالحكم بنفسه، حتى أصبح إعدام المعارضين لروبسبير بالمقصلة يوميًا من المشاهد المألوفة في باريس. وبعد مقاومة وتضحيات خمسة أعوام قتل الشعب الدكتاتور، وعادت السلطة للشعب.


2.    الثورة البرازيلية نحو حلم الحكم المدني:
اندلعت الثورة الشعبية في البرازيل يوم 24 أكتوبر 1930م، وكان أبرز نتائجها الإطاحة بالرئيس "واشنطن لويس"، وقد قام الجنرال "جيتيولو فاغاس" بانقلاب عسكري وظل الحراك الشعبي مع المجازر حتى شهدت البلاد عام 1983م حراكا مجتمعيا حاشدا لمدة عامين وفرضوا الانتخابات الرئاسية وفاز "خوسيه سارني" برئاسة الدولة عام 1985م ومنذ ذلك التاريخ تعاقب على حكم البرازيل حكام مدنيون.
3.    كوريا الجنوبية من هيمنة العسكر إلى الرسوخ الديمقراطي:


اندلعت في كويا الجنوبية يوم 19/4/1960م ثورة شعبية بقيادة مجموعة من طلاب المدارس والجامعات والعمال وأساتذة الجامعات أطاحت بحكم "سينغمان ري"، وعقب ذلك أجريت انتخابات برلمانية فاز فيها الحزب الديمقراطي المعارض بالأغلبية، وتم وضع الدستور الذي غير نظام الحكم إلى نظام برلماني، وقام البرلمان بانتخاب "يون بو سون" لمنصب الرئيس في أغسطس عام 1960م.


غير أن الحكومة الكورية واجهت العديد من الأزمات الاقتصادية بسبب سوء الإدارة وتفشي الفساد، بجانب حاجة الجيش والشرطة للتطهير، فسادت حالة من المظاهرات والاحتجاجات فى الشارع بشكل يومي للمطالبة بالإصلاح السياسي والإقتصادي، وهو الأمر الذى لم تقوَ عليه الحكومة، وبالتالي لم تستطع فرض القانون والنظام، واستغل العسكريون هذا الوضع وقاموا بانقلاب عسكري يوم 16/5/1961م بقيادة الجنرال "بارك تشونج" الذي فرض نظاما ديكتاتوريا من خلال حل مجلس الشعب وإحلال ضباط الجيش محل المسؤوليين المدنيين، وقام بوضع دستور جديد يمنحه سلطات واسعة، ثم رشح نفسه في الانتخابات الرئاسية فى أكتوبر 1963م ، وفي 1965م خرجت مظاهرات حاشدة من الطلاب واستمرت 18 سنة، حتى عام 1992م عندما أجريت انتخابات رئاسية فاز بها "كيم يونغ سام" كأول رئيس مدني.


4.    ثورة تشيلي.. عشر سنوات للتخلص من النظام السابق:
حكم ديكتاتور تشيلي "أوغستو بينويه" الذي حكم تشيلي خلال الفترة بين (1973-1989م) نهاية دراماتيكية غير متوقعة، حيث خلعه شعبه بعد أن عدل الدستور ليحكم تشيلي طوال حياته‘ فثار الشعب وظل ينافح حتى  تمت إجراء انتخابات رئاسية مباشرة، فاز فيها "باتريشيو أيلوين"، ليصبح أول رئيس ديمقراطي منتخب بعد حقبة من الاستبداد والعنف.


5.    رومانيا.. إعادة إنتاج النظام السابق متدثرًا بالثورة:
اندلعت الثورة الشعبية، في ديسمبر 1989م، والتي أسفرت عن إسقاط نظام "نيكولاي تشاوشيسكو" وإعدامه هو وزوجته في محاكمة تاريخية علنية، وعقب الإطاحة به تولت جبهة الإنقاذ الوطني التي كونتها جماعة من الحزب الشيوعي السابق سدة الحكم، وأصبح "إيون إيليسكو" أحد أعمدة الحزب الشيوعي السابق رئيسًا بالإنابة لرومانيا.


وسعى "إليسكو" لتحجيم الثورة وحصارها وإطلاق العنان لاتباع النظام السابق، وبدأ بالجيش، وعقد صفقات مع جنرالاته الكبار، وقام بمحاكمة المعارضين لممارساته من القوى السياسية والحركات الطلابية، بتهم التجسس والعمالة، وتلقى التمويل من جهات خارجية، وتطبيق أجندات أجنبية.


وظل الشعب الروماني في سجال ومقاومة مع بقايا وفلول شاوشيسكو حتى فرضوا الانتخابات النزيهة، ليفوز جناح المعارضة في الانتخابات البرلمانية، مما أنهى أي وجود للشيوعيين بعد عقود من الإلحاد والقهر والفساد.


6.    الثورة البرتقالية.. من حلم الثورة إلى سراب الواقع:
اشتعلت في أوكرانيا 2004م بعد عملية تزوير انتخابي فاضح اقترفها نظام "ليونيد كوتشما" مما أثار غضب المعارضة التي حشدت مناصريها ودعتهم للخروج إلى الشارع بـــالعاصمة " كييف "والتنديد بفساد النظام الحاكم.وبالفعل نجح "يوتشينكو" المعارض،وتم تنصيبه رئيسًا للبلاد عام 2005م.
7.    ثورة التوليب.. ثورة جديدة على الثائر المستبد:


قامت ثورة التوليب في "قيرغيزستان"، يوم 27/2/2004م حيث أطاحت برئيس الدولة "عسكر أكاييف"، وقام الفلول باستنساخ النظام الماضي فشهدت فترة حكمه مقتل العديد من السياسيين البارزين، وأعمال شغب في السجون، إلى جانب الأزمات الاقتصادية والمعارك من أجل السيطرة على الشركات المربحة.


 وفي مارس 2010م، شهدت "قيرغيزستان" احتجاجات واسعة وتم فرض حالة الطوارىء لاحتواء الاحتجاجات لكن غضبة الشعب لم تتوقف مما اضطر "باكييف" إلى الهروب في أبريل 2010م.
 إلى أن قامت الانتخابات الرئاسية أكتوبر 2011م، والتي أسفرت عن فوز زعيم المعارضة "ألمظ بك أتامباييف" برئاسة الجمهورية.


ويبدو أن الانقلابيين درسوا هذه التجارب ويحاولون تطبيق النموذج الروماني لكنا لن نتركهم يعبثون بمصرنا، ويسلمونها للأمريكان والصهاينة، وسنظل سلميين مهما كانت التضحيات حتى ينصرنا الله تعالى.

وأخيرا أؤكد أن فاتورة الدفع للانقلاب الآن لا تساوي معشار فاتورة الرفع في المستقبل البعيد، فاخرجوا للميادين والطرقات وشاركوا في العصيان المدني يا محبي الحرية والكرامة في مصر، قبل أن يصلكم سيف الانقلاب ومحارقه ومخازيه من الاعتداء على عرضكم؛  ليسلِّم العسكر مصر "مفروشة ومفروسة" للصهاينة، لكن الغد مع الصبر الجميل والاعتماد على الله القوي المتين سوف يقلب كل الموازين إن شاء الله تعالى.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين