الفراق في وَجْه الموت - الفراق بين الأحبة والأصدقاء

 

 

(الفراق في وجه الموت)

 بقلم الأستاذ : نبيل المقدسي

يأتي الموت على فجأة من الأمر لا ليسرق الحياة ... بل لتظهر في خياله الحياة ... فما الموت إلا تفسير ٌ روحيٌّ للحياة ... إن الإنسان لا يستشعر معنى الحياة ما لم يطرق بابه الموت ... وهل الموت إلا بوابة لحياة أبدية للنفس ؟

 

والموت الأصغر ألا هو الفراق يأتي على حين غفلة لا ليسرق المعاني الجميلة من الذاكرة ... بل ليظهر في المعنى الإنساني حقيقة الصداقة ... وكأن الصداقة مع مرور الأيام وتعاقب الساعات وما يتخللها من آلام وأحزان وهموم كالآكام تغور في أعماق النفس ... تختبئ خلف اللاموجود ... فإذا جاء الفراق بثقله المتعاظم على النفس ... حركها – أي الصداقة – من سباتها لتظهر على شكل قطرات من الدمع تتساقط على الخدود الحزينة ... كل دمعة تحمل معها إكليلا ً من الأشواق كان محبوسا ً يوما ً ما في كهوف الصمت ... إن الإنسان لا يستشعر معنى الصداقة إلا حين يأتي الفراق ينوح على بابه .. وهل الفراق إلا بوابة لموت أبدي للقلب ؟

 

وعلى هذا فالفراق بين حبيبين أو صديقين لهو أشد من الموت ... لأنه بالموت ينقطع الرجاء من التلاقي في هذه الحياة فتسكن النفس إلى هذا ... أما الفراق فيبقى يزرع في قلبك بذور الآسى على حبيب قريب ٍ منك غير أنك مسلوب القدره على لقائه فتبقى النفس في جزع ٍ ما دامت الحياة تجول في أنحائها ...

 

تنبت الحشائش الخضر فوق القبور لتعلن أن ما تحتها في يوم من الأيام سيكون نواة الحياة ... وتنبت الحشائش السود فوق القلب إثر الوداع لتحجب عنه النور ليكون بذلك بذرة للموت !

 

والدنيا إن كان لها وجهين فهما : الموت والفراق!!!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين