الإخوان المسلمون صمام أمان لمصر

د. وصفي عاشور أبو زيد
 
في المقال السابق تحدثت عن أسباب كون الإخوان المسلمين صمام أمان للثورة، ووعدت في هذا المقال أن أتناول التاريخ قبل القريب والبعيد مصداقا لهذا، وإذا كان الحديث السابق عن الثورة، فهذا الحديث عن مصر عامة.
وقبل الحديث عن مصر عامة أحب أن أنوه بما وجدته للدكتور عبد الله الأشعل – المرشح السابق لرئاسة الجمهورية – متحدثا عن الإخوان في مايو 2012م في حوار مع الجزيرة نت: "إن جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن تقدم الكثير إذا تولت السلطة في مصر، وقال إن مرشحهم هو الأوفر حظا للفوز بالرئاسة. . وأضاف الأشعل أن الإخوان يتعرضون لحملة عاتية لأن صعودهم يزعج النظام القديم وكذلك المجلس العسكري، ولم يستبعد أن يتم إقصاء مرشح الجماعة محمد مرسي من سباق الرئاسة إذا تبين أن فرصته كبيرة في الفوز. وقال "كنت ولا أزال أرى أن الإخوان المسلمين هم آخر قلاع الثورة المصرية وأنهم الجماعة المنظمة التي يمكنها تتقدم الصفوف لقيادة المعسكر الوطني".
ولقد مثل الإخوان المسلمون صمام أمان شامل لمصر، فكريا، واجتماعيا، وسياسيا، ولا يزالون حتى الآن.
فأما كونهم صمام أمان فكري، فهم أقرب مدرسة معاصرة إلى الفهم الوسطي للإسلام، ولا أدل على ذلك من العلماء الذين خرجتهم، والمؤلفات التي كتبها هؤلاء الأعلام (السيد سابق، الباقوري، محمد الغزالي، حسن أيوب، عبد الستار فتح الله سعيد، يوسف القرضاوي، يوسف كمال، مصطفى السباعي، سيد قطب، محمد فريد عبد الخالق، جمال الدين عطية، محمود أبو السعود، نجيب الكيلاني، جابر قميحة، محمد عبد الحليم أبو شقة، محمد محمود الصواف، عبد الفتاح أبو غدة، مناع القطان، عبد الله عزام ... الخ) فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا؛ حيث صارت الركبان بهذه المؤلفات لهؤلاء الأعلام، وشرقت وغربت، وترجمت بلغات الأرض، ومثلت رادعا وحاميا من الفكر المتطرف أو الفكر المتحلل
ولقد كان لجماعة الإخوان فضل في انتشال العديد من الأفراد من وهدة الفكر العنيف المتفجر إلى ساحة الفكر الوسطي وآفاق العمل مع المجتمع والاشتباك مع الناس، ففي وقت تراجعت فيه مؤسسة كبيرة مثل الأزهر قامت جماعة الإخوان بدور يذكره التاريخ بكل عز وفخار، وقد قال شيخ الأزهر د. أحمد الطيب لمرشد الإخوان د. محمد بديع حينما زاره الأخير: "إن الأزهر والإخوان المسلمين وجهان لعملة واحدة"، ونحن نتمنى للأزهر – أزهر ما بعد الثورة – أن ينهض وأن يقوم، وأن يؤدي دوره الوسطي الرائد ...
وأما كونهم صمام أمان اجتماعي، فلقد نهض الإخوان المسلمون بأداء رسالة اجتماعية خيرية للمجتمع عجزت عنها الأنظمة السابقة التي لم تكتف بعجزها وانشغالها عن طبقات المجتمع الكادحة، بل كانت تتبع نشطاءهم ودعاتهم في كل مكان، تمنعهم من الوصول للناس، وتجفف منابعهم وتعتقل أفرادهم .. ومع هذا نجح الإخوان أن يقدموا خدماتهم للمجتمع من خلال العمل الخيري الشامل: بناء المستوصفات والمستشفيات، ومساعدة المحتاجين، وإيواء من لا مأوى له، وإغاثة المنكوبين، وتقديم المساعدات للمعوزين تجاوزت مصر إلى غيرها، حتى قام قسم كامل داخل الجماعة يسمى: "قسم البر"، وقد يحمل البعض هذا العمل على أنه دعاية انتخابية موسمية، ولكن التاريخ والواقع يشهدان على كذب هذا الادعاء.
وأما كونهم صمام أمان سياسي، فإنه لا يوجد فصيل يشبه أو يقارب جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة من هذه الناحية، صحيح أن هناك فئات ومجموعات وشخصيات تستحق التقدير والاحترام لما يقومون به من عمل وطني شريف وما يقدمونه من عمل سياسي يستحق الإشادة، فالساحة ليست مقصورة على الإخوان، وفيها غيرهم كثيرون، ولكن يبقى الإخوان وحزبهم أقوى التجمعات تماسكا، وأعمق الأحزاب تجذرا وقاعدة وشعبية لما يقومون به من عمل، وما يقدمونه من خدمات، وما يمثلونه من قيمة فكرية واجتماعية وسياسية في المجتمع.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين