اللسان الطويـل(ألسنـة حــداد)


 

بقلم :  ماهر إبراهيم جعوان     

كانت الفئة المؤمنة العاملة المجاهدة الصابرة المحتسبة تُتخطف من الأرض (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ) وينالها الإيذاء من كل حدب وصوب باليد واللسان (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ) فتكرم الله عليها بمنه وفضله (فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) فأيدها وحفظها وآواها وكف الإيذاء باليد عنها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) فلم يتبقي إلا الإيذاء باللسان (سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) وسيستمر ذلك فترة من الزمن ليقضي الله أمرا كان مفعولا (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ.......أَذًى كَثِيرًا).
 
فالمشكلة الحقيقية ليست في طول اللسان ولا في فحش القول ولا في الأذى الكثير وإنما في الإنصات إليهم (فِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) وترديد إشاعاتهم وأكاذيبهم دون روية وتفكير ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ) كما سيستمر إنفاقهم ليصدوا عن سبيل الله (يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ..... لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا)                                                                                     فالواجب علينا أن نظن بأنفسنا وإخواننا وقيادتنا ومنهجنا خيرا (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا)
 
ونحسن في القول والعمل وفي السر والعلن { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ونأخذ بالأسباب ونبذ الجهد ونري الله من أنفسنا خيرا ونلقي العصي كما ألقاها موسي عليه السلام (تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) وسينقلب السحر علي الساحر (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) ونعلم أن ما يحدث إنما هو بقدر الله وعلمه وحكمته (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) ولا يكون في كون الله إلا ما يريده الله وإنه عين الخير (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) لتطهر به نفوسنا وجوارحنا وإخوتنا فقد جاء به (عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) منكم أنتم أيها المسلمون المؤمنون الموحدون الملتزمون عصبة منكم يا أبناء التيار الإسلامي فلا تخدعوا وعودوا إلي صوابكم وسيأتي اليوم الذي ينقلب فيه العدو إلا ولي حميم (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) وحينها (سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) غدا وليس اليوم بعد فترة بسيطة لن تطول بإذن الله ولكنكم قوم تستعجلون فلا داعي للقلق ولا للاستعجال ولا نستبطئ النصر ولا نظن بقيادتنا الظنونا بل نؤمن ونردد ما قاله المؤمنون الصادقون حين تجمعت عليهم الجموع (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) ونحذر من الانجرار لنفس الأسلوب الرخيص للتشويه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).


 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين