المؤتمر الوطني الفلسطيني في دمشق - المؤتمر بين دعاة الوحدة وتمزيق الأمة
المؤتمر الوطني  الفلسطيني في دمشق
 
اختتم «المؤتمر الوطني الفلسطيني» الذي عقدته الفصائل في دمشق، على مدى ثلاثة أيام،أعماله أمس25/1/2008 بالدعوة إلى «حوار وطني شامل» يستهدف تحقيق المصالحة الوطنية على أساساتفاق مكة وتفعيل «منظمة التحرير الفلسطينية». وشدد المؤتمر على رفضه نتائج مؤتمرأنابوليس وتمسكه في المقابل بـ«فلسطين من البحر إلى النهر»، كما دعا مصر إلى «كسرالحصار المضروب» على غزة، وعدم الاستجابة «للضغوط الأميركية والإسرائيلية» لإغلاقالحدود مع القطاع.

وانتهت جلسات يوم أمس من المؤتمر، الذي عقد تحت شعار «التمسكبالحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني والوحدة الوطنية طريق التحرير والعودة«،بعدما قدمت كل لجنة من اللجان الثلاث توصياتها، بقراءة للبيان الختامي الذي جاء فيست صفحات، تتضمن 23 بندا، ركزت على «احترام إرادة الجماهير... التي عبرت عن وفائهاوتأييدها لخيار المقاومة».
وشدد البيان على «الرفض القاطع لنتائج مؤتمرأنابوليس والتأكيد أن فريق أوسلو لا يمثل الإجماع الفلسطيني وغير مفوض الحديث باسمشعبنا في الداخل وأماكن الشتات ودول الاغتراب» كما أكد الرفض القاطع لسياسة فريقأوسلو التي ينتهجها ضد المقاومة ولاسيما سلام فياض وأجهزته الأمنية. وأدان أياعتداء على المقاومين واعتبارهم ميليشيا خارجة عن القانون. ودعا البيان قيادةفتح وكوادرها إلى المساهمة في دفع الحوار الوطني ومعالجة الانقسام وتوفير المناخالمطلوب لتصويب كل مظاهر الخلل التي ينتهجها فريق أوسلو الذي أدار الظهر لتضحياتحركة فتح مناشداً الإخوة في فتح وحماس الاحتكام إلى الحوار والتفاهم على أساس مااتفق عليه في اتفاق مكة، الذي وقع في شباط 2007. وأشار البيان إلى أن لغة الحوارهي السبيل الوحيد لحل خلافاتنا مطالبا بـتحريم الاقتتال بين الأشقاء.
ودعاالبيان إلى إطلاق حوار وطني شامل لإعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، على أسسوطنية وديموقراطية ومؤسسية، يشارك فيها الجميع من دون استثناء، وتستند إلى الميثاقالوطني الفلسطيني، لتعود المرجعية الوطنية العليا لشعبنا وممثله الشرعي والوحيد.

ورفض المؤتمرون كل المخططات التي تحاول تقسيم السيادة على القدس، مشددين علىأن «عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم ومدنهم وقراهم حق طبيعي كفلته الشرعيةالدولية غير قابل للتصرف أو التنازل.

وأعلن البيان التمسك بفلسطين التاريخيةمن البحر إلى النهر حقا للشعب الفلسطيني وجزءا من الأرض العربية لا يجوز التنازلعنه ماضيا وحاضرا ومستقبلا مؤكدا رفض أي إجراءات لتوطين اللاجئين الفلسطينيينوالاعتراف بحقوقهم الأساسية ومطالبة الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية بالعمل علىإعادة بناء مخيم نهر البارد وتعويض اللاجئين من سكانه
وطالب البيان مصربممارسة دورها لكسر الحصار المضروب على غزة مثمناً موقفها الإيجابي تجاه قيامشعبنا بالعبور الاضطراري إلى مصر. ودعا القاهرة إلى القيام بخطوات إضافية لتسهيلمرور الفلسطينيين وعدم الاستجابة للضغوط الأميركية والإسرائيلية لإغلاق الحدودوالعمل لبسط السيادة المصرية والفلسطينية على معبر رفح. وبذل الجهود لرفع الحصارووقف العقاب الممنهج الذي تمارسه إسرائيل ضد شعبنا. وانتهى البيان إلى الإعلانعن تشكيل لجنة متابعة عليا تمثل القوى والفصائل ولجان العودة وشخصيات فلسطينية،تنبثق عنها أمانة سر لتنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر وتسيير العمل اليومي.
وقد تابع بعض أعضاء رابطة علماء سورية أعمال المؤتمر الفلسطيني الذي بث مباشرة من القناة السورية ، وقناة الجزيرة، وقرأت البيان الصادر عن المؤتمر وهي تؤكد دعمها لهذا المؤتمر الوطني وبيانه وتؤكد وتقرر :
1ـ أن التقرير شامل ومستوعب لما أقره المؤتمر،وتلخيص جيد لأهم قراراته .
2ـ مقررات المؤتمر نصر كامل لإستراتيجية حماس والجهاد، ونصر عظيم لخيار المقاومة .
3ـ التأكيد على أن فلسطين من البحر إلى النهر هي أرض عربية إسلامية ، يعتبر عودة لأهم الثوابت الفلسطيني .
4ـ تجاهلَ التقريرُ الاتجاه الإسلامي ، ودعوة حماس المفتوحة للحوار الوطني مع فتح دون شروط
 لكن أهم الملاحظات التي تسوقها في هذا الصدد وهو كلمة(علي أكبر ولا يتي). الذي لم يحالفه التوفيق وغلبه الهوى، وخرج على المبادئ التي عُقد المؤتمر من أجلها، وراح يحدثنا عن مأساة كربلاء ومقتل الحسين عليه السلام.
مع أننا نعتبر مقتل الحسين عليه السلام من أكبر كوارث التاريخ الإسلامي وصفحة سوداء في هذا التاريخ ، وجرح عميق للأمة لا يزال ينزف إلى اليوم . لكن لن نجعله محور القطب للتاريخ الإسلامي.
فقد أراد (علي أكبر ولايتي) أن يحول الأمر عن أمريكا وإسرائيل إلى يزيد بن معاوية، ويجعل طغاة الأرض كفاراً ومسلمين نسخةً عنه.
ونحن ـ علماء سورية وأهل السنَّة والجماعة ـ نوالي الحسين وآل البيت الولاء الحق ، وننزلهم منزلتهم، ونُعادي أعداءهم ونضع الأمور في نصابها.
ونحن نريد أن نذكر (علي أكبر ولايتي)  ـ للأمانة التاريخية ـ أن أحد خيارات الحسين عليه السلام الثلاثة هو أن يضع يده بيد ابن عمه يزيد ، بينما آثر الموت على أن ينزل على حكم عبيد الله ابن زياد. فليت ولايتي وإخوانه من ورائه يقتدون بالحسين عليه السلام، ويسعون إلى الصلح، ويضعون الأمور في مواضعها كما فعل إمام الثوار الحسين عليه السلام.
وكم نتمنى أن يرجع عقلاء الشيعة عن غيهم، وهم يقتلون أنفسهم ويجلدونها بالسياط، وأن يعلموا أن الله تعالى قد انتقم من كل من شارك بدم الحسين، وقتله الله كما قاتله.
وأن يذكروا أن الأمر قد انتهى من القرن الأول للهجرة، وثارات الحسين عليه السلام قد انتهت منذ ذلك القرن.
كي ينزعوا الحقد والغيظ والكره  والبغضاء من نفوس الشيعة نحو إخوانهم السنَّة، وكأنما وهم ينوحون ويعولون ويُدْمونَ أنفسهم، يريدون أن يثأروا للحسين  من أهل السنَّة.
أما أن يقف ركن من أركان الشيعة، ويلقي من دمشق عاصمة الأمويين إلى الأرض كلها كلمات التعصب والافتراء التي جعلت هدف يزيد هو القضاء على الإسلام، والاستشهاد بأبيات منحولة مكذوبة مضافة  لأبيات في بعض الروايات الضعيفة الساقطة، ويحول يزيد إلى رأس الكفر في الأرض منذ خمسة عشر قرناً ، هو انتصار لهذه الفرية الكبرى.
 كنا نتمنى من بعض المؤتمرين ـ ويكاد يكون كلهم من أهل السنَّةـ أن يردوا على هذه الفرية التي تلتبس على العامة وينبهوا (علي أكبر ولايتي) أنه قد خرج عن أهداف المؤتمر، وحوَّله دعاية للطائفية البغيضة التي دمرت الأمة. بينما هدف المؤتمر هو الوحدة الفلسطينية . وليس تمزيق الأمة بين سنة وشيعة.
ولابدَّ أن نشكر القناة السورية الفضائية التي قطعت بثها المباشر لكلمة (علي أكبر ولايتي) لما رأت في كلمته من إثارة للطائفيه، وزرع للإحن والأضغان، وبُعدٍ عن اللياقة، وخلط للأوراق، وخروج عن أهداف المؤتمر الذي تحضنه ـ مشكورة ـ سورية ، التي تؤكد دعمها لخيار المقاومة، وتحذر من إثارة الفتنة الداخلية بين أبناء الأمة المسلمة الواحدة.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين