عبد المنعم أبو الفتوح وتراجع تياره وحزبه


د. وصفي عاشور أبو زيد
منذ أن اتجه د. عبد المنعم أبو الفتوح إلى محاولة تكوين تيار يجمع أطياف المجتمع فكريا وسياسيا وأنا أوقن أنها فكرة تحمل فشلها في داخلها، رغم نبل هدفها ومقصدها، فلا شك أن محاولات رأب الصدع والتلاقي على مساحات مشتركة "معقولة" أمر مطلوب بل واجب شرعي ووطني، وسوف ينسحب هذا الفشل إلى حزب مصر القوية، الامتداد السياسي للفكرة، فأتوقع أن ينفجر من داخله قريبا أو بعيدا، أو يضعف على الأقل ولا يكون له أي تأثير في الساحة السياسية المصرية؛ وذلك لعدد من الاعتبارات:
 
أولاً: أن فكرة جمع المتناقضات غير واردة، لا عقلا ولا عرفا، وهذا في الأحوال الطبيعية، فكيف بحالة تشظي بعد ثورة يتنازعها وطنيون شرفاء، ومنهم بعض المعارضة، وخونة وعملاء ومأجورون؟.
 
ثانيًا: أن رئيسه د. أبا الفتوح خيب آمال الكثيرين فيه، وفي نبله الذي كان، وأعرف عشرات المثقفين والأساتذة الذين كانوا يلتفون حوله ينفضون عنه الآن، ويتأسفون من أفعاله وأقواله، على رأسهم العلامة د. يوسف القرضاوي، وأيضا لمواقف د. أبي الفتوح الذي رفض الدستور، وذهب للتظاهر عند الاتحادية، وطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، واليوم حزبه عند دار القضاء العالي ليطالب بإقالة النائب العام طلعت عبد الله بناء على حكم قضائي أخرق وجاهل ومسيس 100% ومخالف للدستور والقانون، ونتيجة كذلك لتصريحاته المخيبة للآمال - في مجملها - ليست لأنها ضد الرئيس المنتخب فقط وإلا فمن حق أي إنسان بل من واجبه أن ينتقد ويوجه النصيحة بآدابها لأي إنسان كائنا من كان ، ولكن من أجل أنها تصب في النهاية في صالح الثورة المضادة وجبهة "الإنقاذ" التي لوث يده بوضعها في أيديهم.
 
ثالثًا: أن قيادات الحزب من الشباب يتجمعون لهدف واحد فقط وهو البحث عن المكان الذي يقف فيه الإخوان ليتخذوا المكان المعاكس والمضاد لهم، فالهم الأكبر والهدف الأسمى هو معاداة قرارات واختيارات الإخوان سواء بالحق أم بالباطل؛ وذلك لسبب مفهوم، وهو أن "معظم" قيادات مصر القوية هم ممن خرجوا من الإخوان بمشكلات شخصية مع بعض الأفراد، قد تكون هناك بعض المواقف التي لهم الحق في المعارضة بها لكنها استثنائية ولا تمثل أصلا وأساسا، وإنما الأصل والأساس هو أخذ الثأر من الإخوان ومعاداتهم على طول الخط.
 
إنني أناشد الدكتور عبد المنعم أن يراجع مواقفه، وأن يغلب مصلحة مصر العليا، وأن يطهر يديه من وضعها في أيدي المجرمين والقتلة ورؤوس الثورة المضادة، وأن ينظر في مآلات أقواله وتصرفاته ... من حقه أن ينتقد الرئيس والإخوان، كما هو حق - بل واجب – الجميع، للتصحيح لا التجريح، وللنصيحة لا الفضيحة، وبغية تعزيز المسيرة نحو التغيير المنشود ..
كما أناشد شباب الحزب – مخلصًا – أن يتوجهوا لبناء "مصر القوية" بحق، وأن يقدموا مبادرات عملية على أرض الواقع لنهضة مصر، ومشروعات وتخصيص أيام لخدمة هذا الشعب الأصيل، وألا يكون المحرك لهم عداوة جماعة أو حزب أو تيار، وإنما يحركهم فقط مصلحة مصر في هذه المرحلة الخطيرة، التي إن نجحت مصر فيها فسوف يعود الخير على الجميع، وإن خسرت - لا قدر الله - فسوف يعود الضرر على الكافة، وأولهم الإسلاميون.
وأذكر نفسي والجميع أننا راحلون وزائلون وستبقى مصر، فنريد أن نبقيها شامخة عزيزة، خالية من الفساد والإجرام، وسنعرض جميعا في يوم لا تخفى منا فيه خافية، على الكبير المتعال الذي لا تخفى عليه خافية، "وكلكم آتيه يوم القيامة فردا".

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين