الأزمة الاقتصادية المصرية

بقلم/ ماهر إبراهيم جعوان


 

أُصيبت مصر بأزمة اقتصادية طاحنة إبان عزيز مصر رغم ما حباها الله به من نعم وخيرات جعلتها يوما من الأيام سلة غذاء العالم ومنقذة شبه الجزيرة العربية في عام الرمادة فهيئ الله لمصر الأيدي المتوضئة الطاهرة الشريفة النقية المشهود لها بنظافة اليد وحسن السمعة صاحبة الخبرة والكفاءة والريادة والعلم والأمانة فأخرجتها إلي بر الأمان علي يد الصديق يوسف عليه السلام (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) علي الرغم من الظلم الذي وقع عليه من حكام مصر وعلي الرغم من أنه أُذي في عرضه وشرفه وعفته ولُفقت له قضية آداب مخلة بالشرف وسجن ظلماً وعدواناً ، وشهد الشهود وظهرت برأته أكثر من مرة علي يد العدو والصديق والمحايد وعلم القاصي والداني بمدي الجور الواقع عليه ، ومع ذلك أصروا علي تنفيذ جريمتهم النكراء ( ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ) ثم خرج من السجن دون تقديم تنازلات ولا تراجع في مبادئه ولا قيمه ولا دينه ، خرج من السجن بفضل الله وحده وحين أراد الله وحده ذلك ، فلم ينتقم ولم يسب ولم يلعن ولم ينزوي أو يهاجر وإنما عمل بجد واجتهاد وبذل وتضحية حتى وقفت مصر علي قدميها وكانت منقذة لأهلها وجيرانها  بفضل الله أولاً ثم بفضل مشروع النهضة والريادة الذي حمله يوسف عليه السلام علي كاهله  وجعل الأمة كلها تتعاون في تنفيذه والاشتراك فيه وجني ثماره (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ  الْمُحْسِنِينَ) فهل يُعيد التاريخ نفسه في هذه الأزمة التي تمر بها مصر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً وثقافيا ، وما أشبة اليوم بالبارحة وكأن نصيب مصر من الأزمات الاقتصادية مازال مستمرا مع الفارق ففي الماضي كانت أزمة كونية طبيعية قدرية واليوم أزمات مفتعلة ممن ينتسبون لهذا البلد الكريم فيسحبون أموالهم ليُسقطوا الدولة ويشيعون الهلع بين الناس بزعم الإفلاس وهروب رؤوس الأموال ومحاربة الاستقرار وتفزيع رجال الأعمال وحثهم علي عدم استثمار أموالهم في مصر الآن ، ولكن الله لهم بالمرصاد (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)  فما يفتح الأشرار بابا للفساد إلا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ويُنصر هذا الدين بالبر والفاجر (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) فما علمنا ولا رأينا حبا لمصر كما رأيناه الآن من أبنائها الأبرار في الداخل والخارج ومن محبي مصر  من الأمة الإسلامية بأسرها لاسيما علمائها ذاكرين لأفضال مصر علي الدنيا ومشجعين علي العمل والإنتاج ، وتحويلا للأموال بالعملات الصعبة ودعما اقتصاديا من شركات عملاقة ومن دول مخلصة   محبه لمصر وأهلها ودينها واستثمارات بالمليارات مع نمور اقتصادية مثل الصين وكوريا واليابان   وتنفيذا لمشروعات كبري يرجي منها نهضة لكل أبناء الوطن

 فهل يسرع الخطي أصحاب الأيدي المتوضئة ، أحفاد يوسف عليه السلام ومن سار علي طريقه ليحملوا الأمانة ويعلوا الراية ويغرسوا بذور الأمل من جديد
 

 

أعتقد أن هذا الأوان سار وشيكاً قريباً ، وأن الله لن يخزي مصر وأهلها ، وأعتقد تماماً بلا ريب ولا شك أن الله تعالي يمهد لدينه ويغرس لدعوته ويحفظ أوليائه ويختار لهم الخير في الدنيا والآخرة  (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ)

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين