خلق الله تعالى الخلق فكان من سننه فيهم ، وهديه فى خلقهم أن جعلهم درجات متفاوته ، وامكانات متعددة فمنهم من غايته أن يحصل على وظيفة أو عمل صغير ، وربما يكون فى نظر البعض مهيناً حقيراً ، والبعض الآخر غايته أعلى المناصب ، وأرفع المستويات ، وذلك من عظيم آيات الله فى التسخير وإدارة الكون ، وعظيم التدبير قال تعالى : (( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )) سورة الزخرف : الآية/ 32
لتتكامل دورة الحياة ، وكان من هذه السنه أن سخر الله من خلقه أصفياء يقودون حركة الحياة ويوجهون جموع الناس ، ويمسكون بعجلة القيادة ، وهؤلاء تطلق عليهم مسميات عدة ، ((كالملأ والصفوة ، وأهل الحل والعقد ، وأولى الأمر ، أولى النهى ، وربما النخبة ، وغير ذلك.
وقد انتشر المصطلح الأخير ، وشاع فى المجتمع المصرى خاصة فى الوقت الحالى.
ونظرت فى هذه النخبة أو من يدعون أنهم كذلك.
فوجدت عجباً :-
·وجدت أنهم يحملون عكس المواصفات المطلوبة للصفوة ، وكلما ازداد أحدهم بعداً عن تلك المواصفات الحميدة ،كلما كان إلى النخبة أقرب وألصق فإيقنت أن النخبة لا يمكن أن تكون الصفوة
أما الصفوة :-
فكانت تطلق على علماء الأمة الذين بلغوا فى العلم أعلى الدرجات ، وفى العبادة أعلى المقامات ، وتعمقوا فى التراث ، واستوعبوا المستجدات ، ونظرت فى النخبة المعاصرة فرأيتهم أجهل الناس بدين الله تعالى وأبعد الناس عن مفاهيمه ، وربما يفتخر بعضهم بتلك الجهالة أو يتيه على الناس بجهالته بالعربية وبراعته فى اللغات الأجنبية أو العبرية.
·والصفوة : يمتازون بتاريخهم العريق فى خدمة البلاد والعباد ، وتضحياتهم الجمه من أجل نهضتها وريادتها ، ودفع الأذى عنها ، وبذلهم الغالى والثمين آملين لها الرفعة والعلياء أرضاء لرب الأرض والسماء.
·أما النخبة :- فتاريخهم يسطر أنواعاً وصوراً من البحث عن المصلحة الخاصة ، والقفز على كل الموائد ، واللهث وراء كل ناعق ، والمنفعة ولو مع الشيطان ، فهو مع البعثى بعثياً، ومع الشيوعى رفيقاً ، ومع الناصرى حليفاً ، ومع الرأسمالى متطلعاً شغوفاً ، ومع كل هؤلاء مجتمعين ضد كل قيمة ، وخلق حميد ، وضد بعث الإسلام فى الأمة من جديد.
·والصفوة :- يهرع إليهم الناس عند الأزمات ليرشدونهم إلى الحكمة ، ويزرعون فى نفوسهم الثقة ، ويرسمون لهم طريق الرشد والأمان ، يحمونهم من التهور والفرقة والتنازع والشقاق ، ونزغ الشيطان.
·أما نخبتنا :- فهم يزرعون الخوف ، ويفتحون للفشل ألف باب ، ويرسمون للفرقة والشقاق طرقاً يقف الشيطان أمامها متحيراً عاجزاً متعوذ بالله من شرها وشرهم ، يذهب الناس إليهم فما يزيدون من رؤيتهم إلا فزعاً ، ومن قولهم : لا خيالاً ومن فكرهم إلا ضلالاً.
·والصفـوة : بالقيم مستمسكين ، ولدينهم حافظين ، ولآداب الأمة وأعرافها حافظين تعرفهم بصدق اللهجة ، وحسن المظهر ، ونقاء المخبر ، تسعد برؤيتهم ٍمن بهاء طلعتهم
·أما النخبـة :- فوجوه عكره ، وقيم مستورده ، إذا رأيتهم تعوذت ، وإذا سمعتهم تأففت ، تعرفهم بلحن القول ، وكذب العرض ، ودمامة الشكل ، والتحلل من القيم ، ومخالفة الأعراف ، ومحاربة الفضائل ، والدفاع الشديد عن الرزائل ، تسمع الكلام فى نفس الوقت وعكسه فتعجب وتتحير وتتسائل مستنكراً فيقولون لك انه الإبداع يا !!!
·والصفـوة :- هم يؤلفون بين الأمة بالحوار الفعال ، والبحث عن المشتركات ، والتحاكم إلى المنطق والعقل ومراعاة مصلحة الأجيال.
·أما النخبة :- فللحوار رافضون ٍ، وعن الخلاف باحثون ، وفى التشكيك بكل المشتركات جاهدون ، وإلى أهواءهم ومطامعهم يتحاكمون ، وعن إهدار المصلحة العامة ، وتفجير الصراعات لا يفترون.
·لــــــذا :-
·فلابد إذا أن نفرق بين الصفوة والنكبة ، فنخبتنا نكبتنا، ونكبتنا فى نخبتنا.
·وأخيـــراً :-
·إذا لم يكن علماء الأمة هـم الصفوة فمـن ؟
·إذا لم يكن رجال الفكر والعلم ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات هم النخبة فمن ؟
·أذا لم يكن أهل القرآن المشهود فجراً والدعاء المجاب سحراً ، والسعى لريادة الأمة ، ونهضتها ظهراً ، وبذل الخير للناس سراً وعلناً هم النخبة فمن اذن ؟
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول