وصايا للوالدين في تربية الأولاد ورعايتهم - أهمية القدوة ودور الأسرة
وصايا للوالدين في تربية الأولاد ورعايتهم
للشيخ: عبد المجيد البيانوني
نزعة التقليد والمحاكاة:
ففي فطرة الإنسان نزعة التقليد والمحاكاة للآخرين ، وهذه النزعة لا تميّز في مرحلة الطفولة بخاصّة بين التقليد في الخير ، أو التقليد في الشرّ ، بل إنّنا نجد أن الكبار لا يميّزون أيضاً عندما يقعون تحت تأثير الانبهار والإعجاب بالآخرين....
أهمية القدوة الحسنة: 
 أخي الوَالِد ! أختي الوالدة ! إنّ أحوج ما يحتاجه الناشئ : أن يرى القدوة الحسنة فيمن حوله ، في والديه ومعلّميه على وجه الخصوص ، وفي إخوته وأخواته ممّن هم أكبر منه سنّاً ، ففي فطرة الإنسان نزعة التقليد والمحاكاة للآخرين ، وهذه النزعة لا تميّز في مرحلة الطفولة بخاصّة بين التقليد في الخير ، أو التقليد في الشرّ ، بل إنّنا نجد أن الكبار لا يميّزون أيضاً عندما يقعون تحت تأثير الانبهار والإعجاب بالآخرين ، فيصبح التقليد أعمى ، والاتّباع بغير وعيٍ ولا تمييز ..
فمن ثمّ فإن خير ما يقدّم للناشئ القدوة الحسنة ، في الأقوال والأفعال ، والأخلاق والسلوك .. وهذه القدوة الحسنة هي خير ما يدعم المبدأ والفكرة التي نريد بثّها في نفس الناشئ ، وتربيته عليها .. ـ فإذا أردنا أن نغرس الصدق ، فإنّ علينا أن نكون أوّلاً صادقين .. ـ وإذا أردنا أن نغرس الأمانة في نفوس أبنائنا ، فعلينا أن نكون أمناء في أنفسنا وسلوكنا .. ـ وإذا أردنا أن نغرس في نفوس أبنائنا حسن الخلق ، فعلينا أن نري أبناءنا في كلامنا ومواقفنا ، وغضبنا ورضانا : حسن الخلق ، وضبط اللسان ، وعفّة القول ، والبعد عن البذاءة أو الفحش ..
إنّ كثيراً من الأبناء يرون التناقض البيّن بين سلوك آبائهم وأمّهاتهم وبين ما يأمرونهم به ، ويحثّونهم عليه .. ويخطئ كثير من الآباء والأمّهات عندما يظنّون أنّ أبناءهم لا ينتبهون لسلوكهم ، ولا يلاحظون تصرّفاتهم ، ولا يحاكمون أفعالهم ولا يقوّمونها ..
إن الأبناء يَزِنُون آباءهم وأمّهاتهم ومربّيهم بميزان فطريّ دقيق ، ويقيمون لهم في أنفسهم التقدير والاحترام على حسب رجحانهم في ذلك الميزان ، أو خسرانهم ..
حاجة الآباء والأمهات إلى التربية المستمرة:
أيّها الآباء والأمّهات .! لنكن صرحاء مع أنفسنا ، إنّنا قبل أن نربّي نحتاج أن نتربّى ، وقبل أن نتطلّب المثاليّة من أولادنا ، ونكلّفهم ما نريد من كمال ، ينبغي أن نكون قدوة حسنة لهم ، ونموذجاً صالحاً .. نبدأ بأنفسنا ، ونقوّم اعوجاجنا ، ثمّ نأمر بما التزمنا به ، فلن نر بعد ذلك من يتلكّأ عن طاعتنا ، أو يعاند في الاستجابة لنا ..
التربية العملية منذ الطفولة الأولى:
 وإنّ التربية منذ الطفولة الأولى : هي الأصل الذي يجب على المؤمن أن يوليه كلّ اهتمامه ، وإنّ التأمّل في هدي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وسيرته ليعلّمنا أنّ التربية العمليّة للناشئ تبدأ منذ الطفولة الأولى ، والأمثلة والنماذج ، والأحداث والمواقف في سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كثيرة مستفيضة ، في كلّ باب من أبواب الخير ، وفي كلّ جانب من جوانب الحياة .. وليحذر الآباء والأمّهات أن ينحصر أثرهم في حياة أولادهم بتقديم المتطلّبات المادّيّة والصحّيّة ، والإغداق عليهم فيها بغير حساب ، دون القيام بأيّ دور تربويّ ، أو تأثير فكريّ أو سلوكيّ ، ويحسبون أنّ مهمّتهم قد انتهت عند هذا الحدّ ، فهي لا تزال تزيد فيه ولا تتجاوزه ، " وإنّ ممّا يُنبِتُ الربِيعُ ما يقتلُ حبَطاً أو يُلِمُّ " كما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
نصائح ووصايا:
وهاكم جملة من النصائح وَالوصايا تعِين الوالدَين والمربِّين علَى القيام بمسئوليّتهم منْ حسْن التربية والرعاية لأولادهم :
 1 ـ تفاهم مع زوجتك على منهج التربية وأسلوبها ، وفي معالجة كلّ مشكلة ، واحذر من الاختلاف والتناقض .
 2 ـ تحقّق بالهمّ التربويّ ، فإنّ الهمّ التربويّ سبيل التطوير لنفسك ، والإبداع في تربيتك ، ويجعل قلبك معلّقاً بالله تعالى في كلّ شيء .
3 ـ وضّح أهدافك في الحياة في نفسك أوّلاً ، واحرص على تطابق سلوكك مع أهدافك .
4 ـ تدرّج في تربية الأبناء ورعايتهم وتكليفهم ، واحذر من الإهمال والتسويف ، أو التكليف بما لا يستطاع .
5 ـ احرص على تربية أولادك منذ الطفولة الأولى .
6 ـ كن قدوة حسنة لأولادك في قولك وفعلك ، وسلوكك وأخلاقك .
7 ـ اقترب من أولادك ، وادخل إلى تفكيرهم ، وتفهّم جيّداً اهتماماتهم :
8 ـ كن واقعيّاً ومنطقيّاً في أوامرك وتكليفاتك .
9 ـ شاور أولادك وحاورهم فيما يهمّهم ، وعوّدهم على المشورة ، والاستئذان في أمورهم .
10 ـ امنح أولادك الثقة بأنفسهم ، وشجّعهم على تحمّل المسئوليّة ، وتدارك الأخطاء عندما تقع منهم .
11 ـ لا تكثر من اللوم والتعنيف لأولادك ، واحذر أن تكون العقوبة بعيدة عن الضوابط الشرعيّة والتربويّة .
12 ـ املأ فراغ أولادك بما ينفع ، وقدّم لهم البديل النافع الهادف .
13 ـ كن صديقاً لأولادك ، واختر لهم الأصدقاء الذين تطمئن إلى دينهم وأخلاقهم وسلوكهم .
14 ـ أكثر من الدعاء لأولادك بالخير والهداية ، فإنّ الدعاء يذلّل الصعاب . ولنكثر ممّا علّمنا الله تعالى في كِتابه من دعَاء عباد الرحمن : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ : رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ، وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)) الفرقان . ومن دعاء إبراهيم عليه الصلاةُ والسلام : (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ، رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)) إبراهيم . وصلّى الله على عبده ونَبيّه سيّدنا محمّد ، وعَلى آله وصحبه وسَلّم ، والحمد لله ربّ العالمين .
من شبكة الميثاق
 
*       *     *

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين